بعد فوزه التاريخى فى الانتخابات الرئاسية ليصبح أول رئيس فرنسى يعاد انتخابه لفترة ولاية ثانية منذ ٢٠ عاما، تعهد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى خطاب النصر بتوحيد فرنسا «المنقسمة»، وتجديد أسلوبه لقيادة البلاد، مؤكدا أنه سيكون «رئيسا للجميع». وفى خطاب أمام أنصاره فى باريس أمام برج إيفل، اعترف ماكرون - ٤٤ عاما - بأن بلاده «تغرق فى الكثير من الانقسامات والشكوك»، وقال : «أعلم أن عددا من مواطنينا صوتوا لى اليوم ليس دعما للأفكار التى أحملها بل للوقوف فى وجه أفكار اليمين المتطرف».
وأشار إلى أن «هذا التصويت يلزمنى للأعوام المقبلة».
وأكد ماكرون أن «الغضب والاختلاف فى الرأى اللذين قادا من صوّت لليمين المتطرف يجب أن يجدا أجوبة، هذه مسئوليتى ومسئولية المحيطين بي».
وتابع: «سأعمل بقوة على تنفيذ برنامجى الانتخابى ومواجهة الانقسام الذى ظهر فى المجتمع الفرنسى، لا أحد سيُترك على هامش الطريق». كما وعد ماكرون بالتغيير و بـ«تجديد أسلوبه» لقيادة فرنسا مؤكدا: «هذه المرحلة الجديدة لن تكون تتمة لخمس سنوات انتهت». وشدد الرئيس الوسطى الموالى لأوروبا على أنه سيعمل على «جعل فرنسا دولة بيئية عظيمة، وجعل أوروبا أكثر قوة». وأظهرت النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة الفرنسية فوز ماكرون مرشح «الجمهورية إلى الأمام» بـ٥٨,٥٪ من الأصوات على منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان مرشحة «التجمع الوطنى» التى حصلت على ٤١,٤٪ من أصوات الناخبين .
وفى حين يُعتبر فوز ماكرون إنجازا تاريخيا، إذ إنه أول رئيس منتهية ولايته يُعاد انتخابه فى ظلّ بلد منقسم بدون أن يكون رئيس حكومته من حزب مختلف، منذ بدء اختيار رئيس الدولة بالاقتراع العام المباشر فى ١٩٦٢. كذلك حققت منافسته مارين لوبان إنجازًا تاريخيًا باكتسابها ثمانى نقاط وجعلها اليمين المتطرف يتخطى للمرة الأولى عتبة الـ ٤٠٪ فى انتخابات.
واعتبرت لوبان أن ما حصدته من أصوات فى الانتخابات الرئاسية يشكل «انتصارًا مدويًا» وتعبيرًا من جانب الفرنسيين عن «رغبة» بإقامة «سلطة قوية مضادة لماكرون.
وأعلنت أن «هذا المساء، نبدأ المعركة الكبيرة من أجل الانتخابات التشريعية»، المقررة يونيو المقبل. وفى غضون ذلك، ذكرت عدة تقارير إخبارية أن معارضين لماكرون خرجوا فى مظاهرات بعدة مدن من بينها باريس وتولوز ورين ونانت احتجاجا على فوز ماكرون بالرئاسة .
كما وقعت اشتباكات بين محتجين وعناصر قوات مكافحة الشغب فى باريس عقب إعلان نتائج الانتخابات.
ومن جهتها، دعت الكونفيدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل، إحدى النقابات العمالية الأكثر تمردا فى فرنسا، إلى مظاهرة فى باريس بمناسبة بداية رئاسة ماكرون للاحتجاج على سياساته الاقتصادية «الليبرالية».
وأشار استطلاع للرأى العام الفرنسى أجرته إذاعة «فرانس إنفو» إلى أن الرئيس الفرنسى جذب مجموعات متباينة من الناخبين مقارنة بمنافسته المرشحة اليمينية. وأضافت أن ماكرون فاز بأغلبية بين الناخبين الأقل سنا والأكبر سنا.
بالإضافة إلى الحاصلين على تعليم جامعى والموظفين وأصحاب الأعمال الحرة، ولكن عددا قليلا من الناخبين العاطلين عن العمل والطبقة العاملة صوتوا لمصلحته.
ووفقا للنتائج، فازت لوبان بأصوات العاملين بالإضافة لأصحاب الدخول الأقل.
كما حصلت على مزيد من النقاط لدى الفرنسيين الذين لا يشعرون بالرضا عن حياتهم. وحققت لوبان نجاحا بصورة خاصة فى مناطق من النصف الشمالى للبلاد، وفى بعض المناطق فى أقصى الجنوب، بالإضافة إلى الأراضى الخارجية وفى كورسيكا.
وجاء أداء ماكرون أفضل فى المدن الكبرى والمناطق الحضرية .
من ناحية أخرى، سارع قادة دول العالم إلى تهنئة ماكرون بإعادة انتخابه رئيسا لفرنسا، حيث كتب الرئيس الأمريكى جو بايدن على تويتر «أتطلع إلى استمرار تعاوننا الوثيق، بما فى ذلك دعم أوكرانيا والدفاع عن الديمقراطية ومواجهة تغيّر المناخ».
ورغم التوترات الشديدة بين البلدين المرتبطة بالحرب فى أوكرانيا، هنّأ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمس ماكرون. وقال بوتين فى رسالة عبر تليجرام: «أتمنى بصدق النجاح فى نشاطكم العام، وكذلك الصحة الجيدة»، وفق ما جاء فى بيان صادر عن الكرملين.
فيما هنأ الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى نظيره الفرنسى، وكتب على تويتر « أُقدّر دعمه وأنا مقتنع بأنّنا نتقدّم معًا نحو انتصارات مشتركة جديدة. نحو أوروبا قويّة وموحّدة!».
رابط دائم: