رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

القاص والمترجم د. أحمد الخميسى لـ « الأهرام » : الأدب العربى ليس له حضور كبير على الساحة العالمية

عماد عبد الراضي
د. أحمد الخميسى

  • رمضان يمثل لى قارورة بداخلها الماضى والحاضر وعشقى للمسرح قديم

 

 

ورث القاص والمترجم د. أحمد الخميسى عن والده المبدع الراحل عبد الرحمن الخميسى الكثير... ورث صفاته الشكلية حتى تظن أنه نسخة من والده، وورث عنه أيضًا طاقاته الإبداعية المتفجرة، التى جعلته واحدا من أهم كتاب القصة القصيرة العربية فى العصر الحديث، هذا إلى جانب ترجماته التى نقلت لنا الكثير عن الإبداع الروسي، ومقالاته الصحفية التى تنوعت بين الأدب والسياسة ومجالات أخرى كثيرة، ورغم تميزه الشديد فى القصة القصيرة وحسه الإبداعى العالى فإنه ـ كما يقول لـ»الأهرام» يخشى كتابة الرواية، مشيرا إلى أنها تثير الرعب داخله، وفى هذا الحوار يتحدث الخميسى عن أدب نجيب محفوظ الذى يراه أقرب للأديب الروسى الكبير ليو تولوستوى، كما يتحدث عن مسيرته الأدبية الطويلة.

 

ما الذى يمثله شهر رمضان المبارك بالنسبة لك؟

فى مثل سنى الآن، يمثل قارورة بداخلها الزمن كله، الماضى والحاضر، أرجها وأشرب من كل أوقات حياتي، ذكريات من طفولتى وصباى وشبابي، صور من أول شهر مبارك أتذكره، حين كنا أطفالا نعيش فى بيت جدي، ونتجول بالفوانيس فى الشوارع، أى فرحة تلك؟ الآن مازال الشهر الكريم يجسد لحظة استعادة كل الفضائل وكل العلاقات العائلية، وفيه أفتح خزينة المودة، فأزور أقاربى ونتذكر عطر الماضى.

قصة «بيت جدي» المنشورة فى مجموعة «أنا وأنت» كانت جزءًا من رواية تكتبها، لكنك تراجعت ونشرتها كقصة صغيرة فى مجموعة أنا وأنت.. فلماذا لم تكتب الرواية حتى الآن؟

نعم، كان المفروض أن تغدو «بيت جدي» الفصل الأول من رواية، لكن كلمة رواية تثير خوفي، إن لم يكن رعبي، وأحيانًا عندما ألتقى أحد زملائنا من الروائيين أضبط نفسى وأنا أتطلع إليه بدهشة باطنية عميقة متسائلا: كيف يمكنه كتابة رواية؟ منعني، ويمنعنى من كتابة الرواية عاملان اثنان، الأول أن انشغالى بكتابة القصة القصيرة لم يكن مصادفة، لكن لأنها تناسب طبيعتى النفسية والذهنية سريعة الاشتعال والانطفاء، وأظن أن هذه طبيعة كُتَّاب القصة القصيرة عامة، هم وجدانيًا وعقليًا أقدر على التقاط اللحظات السريعة والأضواء العابرة.

تمتاز أعمالك بجمال اللغة وروعة بناء الجملة.. من أين اكتسبت تلك اللغة؟

أشار الأستاذ الكبير علاء الديب فى مقال له إلى هذا حين كتب عن مجموعتى «كناري» قائلا: «هذا كاتب لا يرضى إلا عندما تشف اللغة وتستقر على شاطئ الموسيقى». وأظن أن ذلك يرجع أساسًا إلى علاقتى بالموسيقى التى وفر لى والدى فرصة سماعها منذ الصغر، إلى علاقتى بالشعر وحفظى له، وأسهم صلاح جاهين برباعياته القصيرة المدهشة فى اجتذابى إلى حفظ الشعر وتكراره، وأن أتشرب أوزانه حتى تمسى جزءًا غير مرئى من تكوينى اللغوي.

كتبت عملًا مسرحيًا واحدًا هو مسرحية «الجبل» التى فازت بجائزة نبيل طعمة السورية عام 2011، لِم لَم تكرر هذه التجربة؟

حبى للمسرح قديم، لكن هذا الولع مثل معظم قصص العشق، ينتهى بلاشيء، وأحيانا بالإحباط. عندى عشق قديم للمسرح لم يتحقق، للحوار، للمشاهد المشبعة بالصراع والخلافات، واستعراض الشخصيات المختلفة، لكن ذلك لم يجد فرصة أو عكوفًا كافيا كى يظهر إلا مرة واحدة – تكاد تكون مصادفة – فى مسرحية «الجبل»، لكنى اعتبرت أن علاقتى بالمسرح مثل علاقة شخص يقطع الطريق ويرى فجأة فتاة باهرة الجمال، فيتجمد أمامها، ويتعرف إليها، ويصافحها، ثم ينصرف ليكمل مشواره. المسرحية كانت لحظة جميلة انصرفت بعدها إلى مشوارى فى عالم القصة.

يُقال إن نجيب محفوظ هو امتداد لدوستوفيسكي، ويوسف إدريس امتداد لتشيخوف، ما رأيك فى هذه المقولة؟

لا تمت بصلة إلى الحقيقة ولا حتى إلى شبح الحقيقة، نجيب محفوظ كاتب وصَّاف، يرسم صورة وحالة مجتمع وأفراد من خلال قضايا معينة، دوستوفيسكى أبو الرواية النفسية الذى تعلم منه فرويد بعض مبادئ علم النفس. لا شيء يربط الاثنين فى الرؤية، ولا فى الأسلوب، محفوظ أقرب إلى «تولوستوي» وطالما قال محفوظ إنه تأثر كثيرًا برواية تولوستوى «الحرب والسلام»، وبرواية توماس مان بودنبروك خاصة عند كتابة الثلاثية، قبل ذلك تأثر بوالتر سكوت، فما من علاقة من أى نوع بين الأديبين. أما الأكثر غرابة فهو القول إن إدريس امتداد لأنطون تشيخوف، إدريس كاتب عملاق، لكنه ليس امتدادًا لأحد وخاصة تشيخوف، لابد أنه تأثر به لكن كانت له طريقة مختلفة تماما فى الكتابة، تشيخوف شعاره الأثير: «الإيجاز أخو العبقرية»، أما إدريس فعلى العكس تمامًا، شعاره: إغراق القارئ بالتفاصيل, لا يعنى هذا أن إدريس لم يتأثر بتشيخوف، تأثر به، لكنه لم يكتب مثله.

لك مقولة إنك نادم على ما لم تكتبه، ماذا تقصد؟

أقصد أنى لم أتفرغ للكتابة زمنًا طويلًا، تنازعتنى ميول عديدة للانخراط فى العمل العام بشتى دروبه، ثم تناهبتنى عواصفى النفسية الداخلية، فلم أكتب الكثير مما كنت أود لو كتبته. هناك على سبيل المثال الفترة الطويلة التى قضيتها فى روسيا، ولم أنتبه إلى أهمية تسجيل يومياتى وانطباعاتى عن ذلك الزمن والناس، والكفاح الذاتى من أجل التشبث بهويتك كمصري، تبدد كل ذلك ولم أكتبه، وأشعر بالندم لأنى لم أفعل.

كتابك «نجيب محفوظ فى مرايا الاستشراق السوفييتي» يؤكد وجود اهتمام نقدى روسى بأدب محفوظ، ألا يزال الاهتمام بالأدب العربى قائمًا الآن؟

يحب الكثيرون أن يتخيلوا رغبة فى تعويض نقص الاهتمام العالمى بآدابنا، إن هناك عناية خاصة بأدب نجيب محفوظ أو غيره فى الخارج، والحق أن ذلك الاهتمام كان ومازال يقتصر على دائرة محددة من المستشرقين ومعاهد تدريس اللغة العربية وطلابها فى روسيا، ثم دائرة أصغر من القراء، ليس لدى الأدب العربى ذلك الحضور الذى نتخيله أو نود أن يكون كما نتمنى. لكن لاشك أن فوز نجيب محفوظ بنوبل لفت الأنظار بقوة إلى الأدب العربى الذى ظُلم على الساحة الدولية.

قال الأديب الراحل فؤاد قنديل إنك تميل إلى أنسنة الأشياء سواء الجماد أو الحيوان أو النبات، وإنك تفعل ذلك لرفع الظلم عنها، وتوفر لها كل سبل التعبير عن ذواتها الخرساء، ولكى يتحقق ذلك فإنك تضطر لنقلها إلى عالم البشر.

الكاتب الراحل فؤاد قنديل أدهشنى بمقاله عن مجموعتى «كناري»، لأنه جدد الفكرة التى طالما خطرت للجميع وهى أن الأديب هو أفضل ناقد، فقد تغلغل إلى تفاصيل القصص ودقائقها، وكتب مقالًا رائعًا عن المجموعة، أما عن أنسنة الأشياء والجماد والحيوان والنبات فإن تلك وسيلة مطروقة منذ القدم، مع بدايات الإبداع الإنسانى فى شكل أساطير وخرافات وغير ذلك، ولكنى لم ألجأ إلى هذا إلا قليلًا، ولحاجة فنية.

تم تحويل بعض كتبك إلى المكتبة الصوتية للمكفوفين، كيف تقيم هذه التجربة؟

كنت أتمنى لو دعتنى أى جهة، أنا وغيرى من الكتاب، كى نقرأ ما كتبناه من قصص أو قصائد لتحويلها إلى المكتبة الصوتية للمكفوفين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق