مع ارتفاع أسعار الغذاء والوقود عالمياً، تخشى الأمم المتحدة أن يُفاقم الصراع فى أوكرانيا سوء التوقعات الاقتصادية بشكل كبير وسط مخاطر تفشى أزمات الديون.
وتسببت التكلفة الشديدة لتمويل الديون للكثير من الدول النامية فى تقويض تعافيها من جائحة كوفيد-١٩، وفرضت تخفيضات للإنفاق على التنمية، وقيدت قدرة تلك البلدان على الاستجابة لمزيد من الصدمات، وفقًا لتقرير جديد أطلقته الأمم المتحدة أمس فى نيويورك.
قال تقرير «تمويل التنمية المستدامة لعام ٢٠٢٢: جسر الهوة المالية»، إنه فى حين أن البلدان الغنية كانت قادرة على دعم تعافيها من الوباء بمبالغ قياسية مقترضة بأسعار فائدة منخفضة للغاية، فإن البلدان الأكثر فقرا أنفقت مليارات الدولارات على خدمة الديون، مما منعها من الاستثمار فى التنمية المستدامة. وأدت الصدمة الناتجة عن الجائحة إلى سقوط ٧٧ مليون شخص فى براثن الفقر المُدقع فى عام ٢٠٢١، وبحلول نهاية العام، ظلت العديد من الاقتصادات دون مستويات ما قبل عام ٢٠١٩.
ويقدر التقرير أن نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى ١ من كل ٥ بلدان نامية لن يعود إلى مستويات عام ٢٠١٩ بحلول نهاية عام ٢٠٢٣، حتى قبل استيعاب آثار حرب أوكرانيا.
وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد: بينما نقترب من منتصف الطريق لتمويل أهداف التنمية المستدامة فى العالم، فإن النتائج مثيرة للقلق، ولا يوجد عذر للتقاعس عن العمل فى هذه اللحظة الحاسمة للمسئولية الجماعية، لضمان انتشال مئات الملايين من الناس من براثن الجوع والفقر. ودعت للاستثمار فى ايجاد وظائف لائقة ومراعية للبيئة، والحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية والتعليم دون ترك أى شخص يتخلف عن الركب.
وأورد تقرير «جسر الهوة المالية» أنه فى المتوسط، تدفع البلدان النامية الأكثر فقرا 14٪من عائداتها للفائدة على ديونها، أى ما يقرب من ٤ أضعاف البلدان المتقدمة، بنسبة 3.5 ٪. وعلى الصعيد العالمي، اضطرت العديد من البلدان النامية إلى خفض ميزانيات التعليم والبنية التحتية وغيرها من إنفاق رأس المال نتيجة الجائحة.
قبل الحرب كانت فجوات التعافى من الجائحة قد اتسعت بالفعل، حيث كان لدى البلدان النامية فى المتوسط جرعات من لقاحات كوفيد-١٩ تكفى فقط 24 من كل ١٠٠ شخص، مقابل ما يقرب من ١٥٠ جرعة لكل ١٠٠ شخص فى البلدان المتقدمة. ومن المفزع أنه فى عام ٢٠٢١ كان ٧٠٪ من الأطفال فى سن العاشرة فى البلدان النامية غير قادرين على قراءة نص أساسي، بزيادة قدرها 17٪ عن عام ٢٠١٩.
ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية فى عام ٢٠٢١ بالفعل إلى أعلى مستوى لها منذ عقد، تخشى الأمم المتحدة أن يهدد الصراع فى أوكرانيا بتدهور التوقعات الاقتصادية للعديد من البلدان. ومع ذلك، فإن معدل الانتعاش الاقتصادى بعد الجائحة فى البلدان المتقدمة يشير إلى طريق للمضى قدما من أجل زيادة الاستثمار.
قال ليو زنمين، وكيل الأمين العام، ورئيس إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة التى أصدرت التقرير، إن العالم المتقدم أثبت فى السنتين الماضيتين أنه من الممكن انتشال ملايين البشر من الفقر من خلال الاستثمار السليم فى البنية التحتية المرنة والنظيفة، والحماية الاجتماعية والخدمات العامة.
ودعا المجتمع الدولى أن يبنى على هذا التقدم، وأن يضمن قدرة البلدان النامية على الاستثمار على مستويات مماثلة، مع الحد من عدم المساواة وتأمين انتقال مستدام للطاقة.
ولفت التقرير إلى أن هناك بعض التقدم على صعيد الحد من الفقر، والحماية الاجتماعية والاستثمار فى التنمية المستدامة فى ٢٠٢١.
رابط دائم: