► الأزمة رفعت أسعار السلع فى العالم لكنها قدمت مكاسب غير متوقعة لمصدرى الطاقة
رغم دخول الأزمة الروسية الأوكرانية شهرها الثاني، وظهور بوادر انفراجة فى المفاوضات بين البلدين، فإن تداعيات تلك الأزمة ستطول جميع بلدان العالم اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا وغذائيًا، فضلًا عن عواقبها الإنسانية المروعة، وفى القلب منها دول العالم العربي، سواء على الصعيدين الاقتصادى أو الأمنى أو السياحي.
وفى زيارته القاهرة، التقى الأهرام المفكر والباحث الأمريكى المتخصص فى قضايا الشرق الأوسط جون ألترمان، الباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، العضو السابق فى فريق تخطيط السياسات فى وزارة الخارجية الأمريكية، ويدرس حاليًا مواد مختصة بدراسات الشرق الأوسط فى كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة وجامعة جورج واشنطن، فكان معه هذا الحوار :
كيف ترى تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على منطقتى الشرق الأوسط وإفريقيا؟
لقد عرّضت الأزمة الأمن الغذائى العالمى للخطر فى المنطقة، فروسيا وأوكرانيا مسئولتان معًا عن ربع صادرات القمح العالمية، لذا ارتفعت أسعار المواد الغذائية فى مصر الأسابيع الأخيرة، ومثلها لبنان، وهما الأكثر معاناة، حيث تستوردان معا مايصل بين 80 و 90 فى المائة، من القمح من الطرفين المتحاربين، كما تعانى البلدان الأخرى متوسطة الدخل، أيضًا، ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بينما فى أماكن أخرى من المنطقة، وفر الارتفاع فى أسعار الطاقة مكاسب غير متوقعة لمصدريها، وقدم لهم إنقاذًا مرحبًا به لميزانيتهم، خاصة بعد الضربة الاقتصادية لـكوفيد 19، ومن ناحية أخرى، قد يؤدى الضغط المستمر من ارتفاع أسعار الطاقة إلى تسريع التحول العالمى لها، ليصبح الوقود المتجدد والكهرباء أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية.
هل ترى أن الأزمة قد تخلق تحالفات جيوإستراتيجية جديدة؟ وما شكل تلك التحالفات؟
من غير المرجح أن تؤدى الحرب الروسية الأوكرانية إلى تحالفات جديدة، لكنها تجدد بعض الافتراضات حول النظام العالمي، فقد أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي، التى تم تداولها فى أواخر فبراير، مدى ضآلة الحماس لفرض عقوبات على روسيا، من خارج أوروبا وأمريكا الشمالية، وشركاء الولايات المتحدة المقربين فى آسيا، ففى خطابه عن حالة الاتحاد ، قال الرئيس بايدن إن العالم يختار جانب السلام والأمن فى المعركة بين الديمقراطية والاستبداد، لكن الجنوب العالمى لايشعر بالحاجة إلى اختيار جانب بين القوى العظمى.
صراع جديد
هل تتوقع أن تكون منطقة الشرق الأوسط ساحة لصراع جديد بين روسيا والغرب - وتحديدا الولايات المتحدة - خاصة بعد وعد الرئيس بوتين الدول التى تتدخل فى عمليات روسيا بـ «عواقب لن يروها من قبل» ؟
من الصعوبة أن تخلق التوترات بين روسيا والولايات المتحدة أى شيء يشكل صراعًا جديدًا فى الشرق الأوسط، فلقد تصرف الرئيس بايدن بحذر، ويبدو أنه حريص على تجنب التصعيد المباشر بين روسيا والولايات المتحدة، كما لا أشعر بأى رغبة روسية فى صراع مباشر أيضًا.
برأيك.. متى وكيف سينتهى الوضع فى الأزمة الروسية الأوكرانية؟
أظن أن العنف سيستمر لبضعة أشهر، وستسعى روسيا إلى تعزيز مصالحها، على الرغم من عدم وجود ما يشبه نصرًا عسكريًا.
أعرب الكثيرون عن غضبهم من رد فعل المجتمع الدولى على الأوضاع فى أوكرانيا واللاجئين، وقارنوها بالوضع فى غزة وسوريا والعراق ودول أخرى فى الشرق الأوسط .. فكيف ترون هذا التناقض؟
الوضع فى أوكرانيا جديد، لأن الصراعات الأخرى أقدم، فهناك دائمًا اهتمام بالأشياء الجديدة أكثر من الأشياء القديمة، والمزيد من الاهتمام بالمشكلات التى يعتقد الناس أنه يمكن حلها، مقابل المشكلات التى لا يمكن حلها.
برأيك .. ما أخطر الآثار الطويلة والقصيرة المدى؟
الآثار الأخطر فى كل التوقيتات هى إمكان موت عدد كبير من الناس.
المرتزقة
يتحدث البعض عن بعض “الشركات” التى تعمل على جلب المرتزقة، وقد حددوا بالفعل أسماء مثل «بلاكووتر»، و«فاغنر».. فما تقييمك لصحة هذا البيان أيضًا ، وما تقييمك لعدد المرتزقة الذين دخلوا بالفعل إلى البلدين؟
ليس لدى معرفة مباشرة بمن يقاتل فى أوكرانيا، لكننى أعلم أن الحكومة الروسية نشرت قوات تم توظيفها رسميًا من قبل مجموعة فاغنر، كعامل مساعد للقوات العسكرية الروسية فى سوريا وليبيا، وأماكن أخرى.
وكيف ترى بقاء المرتزقة فى روسيا وأوكرانيا، وتأثيرهم الجيوسياسى والجيو-أمنى على كلا البلدين؟
لدى المرتزقة تاريخ صعب، وعندما تنتهى الصراعات، غالبًا ما تريد كل من البلدان التى أتوا منها، والبلدان التى سافروا إليها، موتهم، نظرًا لتدريبهم ومعرفتهم بالعنف، وغالبًا ما يكون من الصعب إعادة دمجهم فى الحياة العادية.
وهل أنت متفائل بمفاوضات فيينا مع الغرب، والدور الروسى المتوقع، وانعكاساته العالمية؟
أتوقع أن تنتهى بنجاح فى مرحلة ما.
رابط دائم: