رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مساجد وأضرحة آل البيت تستعيد بريقها التاريخى..
طريق «الأشراف» يودع الفوضى والعشوائية بمخطط شامل يعيد مكانته الدينية

تحقيق وتصوير أميرة إبراهيم
قبة قلاوون

فى نهار رمضان… توكلنا على الله ومدد يا أهل بيت النبي، ننطلق فى أزقة ودروب القاهرة القديمة قاصدين أبواب مساجدهم بعد أن وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى مساجد آل البيت فى مصر قيد عملية للتطوير وإعادة التأهيل، او فلنقل لإنقاذها وإعادتها الى حياة تليق بأصحاب مقاماتها من آل البيت الكريم وتليق بمصر التى لجأ إليها أفراد عائلة النبى فآوتهم واحتضنهم أهلها قبل أربعة عشر قرنا.

ونتجه اليوم إلى «مسار الأشراف» بحى «الخليفة» وهو طريق يضم مساجد وأضرحة عدد من أهل بيت الرسول الكريم المدفونين بمصر، ويحمل الطريق اسم «شارع الأشرف» نسبة إلى الملك الأشرف صلاح الدين خليل قلاوون وهو ثامن سلاطين المماليك البحرية الذى ولد بالقاهرة فى 1267 م وحكم مصر ثلاث سنوات وأغتيل بالاسكندرية فى 1293 ودفن بضريحه الذى بناه بالقاهرة وحمل الشارع اسمه.

لكن الاسم تحور الى «الأشراف» ويقصد بهم آل البيت الذين تكثر مساجدهم ومشاهدهم فيه. إذ يمر الطريق بمشاهد ومساجد ستة من أحفاد الرسول أولهم مشهد زين العابدين الذى يضم رأس زيد بن على زين العابدين، ثم مشهد السيدة نفيسة، ومشهد رقية بنت على وقبة الجعفرى، ومشهد السيدة سكينة بنت الحسين وينتهى بمشهد السيدة زينب بالقاهرة.

الطريق أو الشارع يبدو متآلفا مع المنطقة المحيطة به التى تجمع بين المبانى التاريخية من عصور إسلامية مختلفة وبين البيوت والمحال الشعبية البسيطة والتى بعضها أيضا يحمل بقايا تراث معمارى قديم. فيظهر على جنبات الشارع وعلى مرمى البصر الطراز الفاطمى المعنى بالزخارف والتصاميم الأنيقة، والطراز المملوكى المميز بارتفاعاته العالية علاوة على الطراز الأيوبى الفخيم.

ووسط البيوت ومقابلها بل وأحيانا تحتها تظهر المشاهد والمقامات والمساجد التى يحمل أغلبها أسماء آل البيت الكريم. فيعيش سكان الشارع حالة فريدة من الامتزاج أو الالتصاق بآل البيت وسطهم، فقد عاش آل البيت هنا ودفنوا فى بيوتهم وهى عادة قديمة كانت منتشرة بين العرب ونقلوها معهم عندما جاءوا مصر وظلت منتشرة بمصر خاصة فى الصعيد لوقت قريب.

وبالتوافق مع التوجيهات الرئاسية بإحياء وتجديد كل مساجد آل البيت بمصر أطلقت الدولة مخططا لإحياء هذا الطريق تحت عنوان «تطوير مسار مزارات آل البيت»، كما توضح المهندسة جيهان عبد المنعم نائبة محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، إذ يبدأ المسار بمسجد السيدة زينب، ثم مسجد أحمد ابن طولون ثم مزارات شارع الأشراف، وبتكلفة إجمالية 150 مليون جنيه. وتوضح قائلة:«المخطط يهدف لتحويل شارع الأشراف ليحاكى شارع المعز لدين الله الفاطمى وليصبح مزارا سياحيا وتاريخيا ودينيا. وبالفعل اتفقت المحافظة مع شركة لتشغيل اسطول سيارات تعمل بالكهرباء لنقل الزوار يومى الجمعة والسبت عقب صلاة الجمعة مقابل تذكرة رمزية. ويتم حاليا تجهيز أماكن انتظار للسيارات ومثلها للعربات الكهربائية خلف مسجد ابن طولون».

وتوضح المهندسة جيهان عبد المنعم أن تطوير مسار مزارات آل البيت يرتبط بمخطط رفع كفاءة المنطقة المحيطة، الخليفة والسيدة زينب وزينهم حيث يجرى حاليا رفع كفاءة وتطوير شارع بورسعيد ومحيط مسجد السيدة زينب، وشارع الصليبة وتطوير شارع عبد المجيد اللبان.

وتشمل الأعمال التى يتم تنفيذها حاليا بطريق آل البيت ترميم المشاهد أو الأضرحة الخاصة بآل البيت حيث انتهى ترميم مشهد السيدة رقية وتشمل أيضا أعمال رصف الأرضيات بالبازلت الناعم، وتحديث الأضاءة، ودهان الواجهات.

وكذلك رفع كفاءة شبكة الصرف الصحى بالشارع حيث تنتشر أعمال الحفر بطول الشارع على جانبيه لانقاذ المساجد التاريخية والأثرية من كارثة محققة تتهددها. فقد ارتفعت مناسيب مياه الصرف الصحى حول المساجد والمبانى الأثرية وتخللتها بارتفاع نصف متر بما يمثله من تلوث بيئى صارخ وخطر يهدد سلامتها.

كارثة بيئية


الصرف الصحى حاصر قبة قلاوون وعمليات الإنقاذ تتسارع

وأعمال التطوير سوف تنقذ المنطقة من كارثة جلية فى قبة وضريح الملك الأشرف خليل قلاوون المقام عام 1388م والذى تم إغلاقه وإحاطته بسياج حديدى لتعذر الدخول إليه بعد أن حاصرته مياه الصرف الصحى وتآكلت جدرانه بشكل ينبئ عن مصير موجع لأثر تاريخى يضم جثمان الملك الذى قضى على آخر معاقل الصليبيين فى الشام وفتح عكا. ونفس الحالة وجدنا عليها قبة وضريح فاطمة خاتون أو أم الصالح زوجة والد الملك الأشرف خليل.

والمخطط الذى انطلق فى سبتمبر الماضى كان منتظرا الانتهاء منه خلال أربعة أشهر ويواجه صعوبات ربما فى تطوير البنية التحتية نظرا لازدحام الحى ووجود أثار ومبان قديمة ما يجعل من ظهور مسار مزارات آل البيت كمقصد سياحى دينى يجعله قيد الانتظار ربما لشهور قادمة. فطرقات الشارع مازالت غير ممهدة وترابية ورغم وجود أعمال ترميم لبعض المنازل أو ربما طلاء للواجهات لكن العشوائية لعقود وعقود رسمت صورة غير جمالية من خلال اللافتات المعلقة على بعض المنازل والكابلات التى تتدلى من منزل لتعبر الطريق لمنزل أو دكان آخر. أما اللوحات الأرشادية المتهالكة للأماكن الأثرية والمساجد بشارع الأشراف فيتم حاليا رفعها وعمل لوحات إرشادية جديدة للتعريف بالمنطقة والترويج لمزارات آل البيت.


مقام ابن سيرين

تطوير شامل

ووفقا لجيهان عبد المنعم فإن المحافظة تنفذ أعمال تطوير شامل بطول المسار ومحيطه بحى الخليفة والسيدة زينب والتى تضم كذلك رفع كفاءة الأسوار بدءا من بوابة شارع الأشراف التى ستتم إقامتها مرورا بمنتزه الخليفة والذى تضمنت أعمال تطويره التشجير وعمل مظلات خشبية وبرجولات ومنطقة مخصصة لتعليم الأطفال والسيدات أعمال الزراعة ليكتمل المنتزه ويصبح متنفسا لقاطنى المنطقة ورواد مزارات آل البيت.

وتابعت : «بعد الانتهاء من ترميم ودهان كافة واجهات المحلات التجارية والعقارات بلون موحد واكتمال اعمال الصرف الصحى وبلوعات تصريف الامطار سيتم رصف الارضيات بالبازلت الناعم ورفع كفاءة الإنارة لتضفى الطابع العريق للمبانى التاريخية بالشارع».


السكان يعيشون فوق وإلى جوار مقامات الأولياء

مقامات وأضرحة مجهولة

وإلى جانب مساجد ومقامات آل البيت الكرام يضم الشارع عددا من المساجد التاريخية والقبور مجهولة الأسماء أو بعضها زالت أسماء أصحابها من على الأحجار ، فأطلق سكان الشارع على أصحاب هذه القبور غير المعروفين لديهم لقب «الأولياء»، ومنحوا كل واحد منهم قدرة على فك الكروب كما حكى لنا ‹عم اسماعيل› أحد سكان الشارع الذى يؤكد ويؤمن فى أعماقه أنهم أولياء ولهم بركات جربها هو وأهل المنطقة كلها الذين يتوافدون فى مواعيد خصصت لموالد تقام فيها ذبائح وعطايا وفاء للنذور. واحد من أغرب هذه المقامات ذلك الذى يضم مقام الإمام محمد ابن سيرين ويضم أيضا الصحابى البلاسي. المقام يقع أسفل بيت من طابقين مأهولين بالسكان ويتسم بالتواضع والبساطة الشديدين فى الخارج لا تنم عن قدر صاحبيهما اللذين تعرفهما اللافتة المعلقة بالخارج بأنهما محمد بن سيرين مفسر الأحلام وعبد الغنى عبدالله البلاسى الصحابى ومن أهل التصريف. أما فى الداخل فهو عبارة عن غرفة مساحتها لا تتجاوز خمسة أمتار بها محراب قصير مطلى بشكل بدائي، ومقام من الخشب والزجاج بداخله يظهر مشهد مغطى بمفرش من القطيفة الأخضر مطرز بكتابات كوفية وتعلو أطرافه حلى أعمدة نحاسية قصيرة. ويحكى عم اسماعيل ان المقام شيده الأهالى بعد أن عثر على متعلقات بها اسم بن سيرين فى حفريات اثناء تشييد المنزل اعتقادا أن بن سيرين عاش بهذا المكان.

فى حين ان البلاسى غير معروف عنه معلومات فإن الإمام ابن سيرين هو أبو بكر محمد بن سيرين البصرى الذى ولد على عهد الخليفة عمر بن الخطاب ومات ودفن فى العراق مع صديقه الشيخ حسن البصرى حيث مات ابن سيرين بعده بمائة يوم. فالأكيد إذن أن ابن سيرين العالم الفقيه لم يزر مصر وجثمانه ليس بذلك المقام المتواضع الموضوع عليه اسمه، لكن البسطاء مع ذلك يتباركون بزيارته ويضعون النذور فى صندوقه ويقرأون لروحه الفاتحة ويتمنون عليه بما يشتهون.

ويطلق مريدو آل البيت على هذه المنطقة اسم «بقيع مصر» كناية عن ضمه لجثامين عدد كبير من آل بيت الرسول والصحابة. ويحكى لنا عم اسماعيل قصة من تلك القصص التى يتداولها عشاق طريق آل البيت مؤمنا بأنهم _ آل البيت المدفونون بهذا الشارع _ تمسكوا بأن يكونوا سويا بعد الموت فى مكان واحد.

أما آل البيت أحفاد الرسول ومراقدهم ومقاماتهم فلها مقال آخر يليق بجمالهم وعمق حب المصريين لهم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق