إذا كان الشارع فى نهار رمضان مزيجا من زحام وإرهاق وشمس حارقة وسباق محتدم بين المارة والسيارات فى سبيل لحاق كل منهم بوجهته، إلا أن له أيضا لذة يستشعرها الجميع دون تخطيط أو تركيز فى أنها قد تكون السبب فى تهوين كل ما سبق.
تلك اللذة المتمثلة فى مزيج من «روايح» رمضان التى تتبادل الأدوار داخل الأنوف، بل حتى الأفواه التى تستشعر المذاق دون أن تتذوق، وكأنها تتحسس كل نوع على طرف اللسان، فتشعر بـ«سكر» الكنافة والقطايف من رائحة تتسرب من محل يقوم بتجهيزها أو تفوح حتى من «كنفاني» لا يزال متمسكا بمهمته الرمضانية المعتادة.
وبالشم أيضا تتذوق «الطرشى الحادق» بكل محتوياته التى تشارك إجباريا فى كل إفطار بسبب رائحة نفاذَّة داعبت البطون، وحتى «الياميش» الذى تسعى كل أسرة لشراء ما يكفيها منه قبل حلول الشهر الكريم، ولكنه يبقى ضيفا دائما طيلة رمضان فى عدد من المحلات، يعرف طريقه هو الآخر نحو خيال العقل الصائم الذى لا ينسى طعما تذوقه.
أما العصائر، فحدِّث ولا حرج، عن خليط من الروائح الجذَّابة والجاذبة للمارة على امتداد الشارع، رغبة فى اقتناء ولو زجاجة واحدة من التشكيلة الرمضانية المفضلة على الإفطار «سوبيا»، «عرقسوس»، «تمر هندي» وغيرها من الروائح المتنافسة على خطف قلب الزبون.
هذا المزيج الشهى من «حلو» و«حادق» و«سُخن» و«بارد» لا يُفسد للصيام حكمة أو يُشعِر الصائم بحرمان، بل يزيده متعة وإحساسا بروح رمضان وبكل نعمة منحها الله عز وجل لعباده، حتى لو كانت لذة تذوق ما تشتهيه الأنفس.
رابط دائم: