رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الأهرام» ترصد فرحة الأهالى..
«وديعة» سوهاج على موعد مع «حياة كريمة»

تحقيق ــ أحمد الزهيرى
مدارس حديثة ووحدات بيطرية وزراعية بقرى محافظة سوهاج

► الأهالى: نشكر الرئيس على مد خطوط المياه والصرف الصحى والغاز
► أصبح لدينا مستشفى جاهز للعمل.. ومساكن لم نكن نراها إلا فى المدن الكبرى

منذ عام نشرت «تحقيقات الأهرام» فى هذه الصفحة معاناة سبع قرى فى مركز المراغة بمحافظة سوهاج، تعرف بـ«قرى الوديعة» التى كانت تعانى على مدار مائة عام نقصا ليس فى مكونات الحياة فحسب، لكن فى الحياة نفسها، فمياه الشرب كانت ملوثة بالصرف الصحي، فشهدت أعلى نسب إصابة بالفشل الكلوى على مستوى الجمهورية. وكان أقصى أمانى الأهالى عربة إسعاف وطبيبا متفرغا..وكان رغد الحياة لديهم أن يثبت تيار الكهرباء الذى أتلف معظم أجهزتهم المنزلية.

نشرنا هذا الموضوع ولم نكن ندرى كيف ستتحقق تلك الأمانى التى قد تحتاج لعشرات السنين لينالوا حظهم من الحياة الكريمة.

مؤخرا، عدت إلى هذه القرى للزيارة ولم يخطر ببالى أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى سبقتنى اليهم لتحقق حلم «قرى الوديعة» السبع، ولما وصلت كنت أتخيل أن المبادرة ستكتفى بتحقيق الحياة الكريمة لقرية واحدة، باعتبارها الأعلى كثافة سكانية أو الأشد معاناة، أو تمنحهم قبلة الحياة بسيارة إسعاف ومطافئ

لكن ما شاهدته بالفعل هو «أحلام أكبر تحققت فى عام واحد فقط»، فكل هذه القرى امتدت إليها الأيدى الكريمة للحياة، مشروعات صرف صحى عملاقة، وصلت خدماتها بالفعل لكل منزل، وعشرات العمارات السكنية أنشئت لتستوعب الزيادة السكانية فى كل قرية، وخطوط الغاز الطبيعى تم تمديدها الى القرى ونجوعها المجاورة.

تفاصيل الجولة التى قمنا بها يرويها عدد من قاطنى قرى الوديعة «الغريزات والبطاخ والوقدة والسمارنة والعمور وبهتا ونجع أبو عوض».

فى البداية، يقول السيد عبد العال رئيس الوحدة المحلية الأسبق بالغريزات: «كنّا نحلم فقط بسيارة اسعاف أو جهاز غسل كلى وكنا فى العهود السابقة نقول للمسئولين: اعطونا جهاز غسل كلوى دون استجابة، والآن تم بناء مستشفى على أحدث مستوى وننتظر التشطيبات النهائية وتجهيزها للتشغيل».

ويلتقط الحديث وحيد محمد، من أهالى الغريزات، فيقول: «المبادرة أقامت لنا وحدة الإسعاف والمطافئ ومجمع المدارس، فهى نقلة حياتية من اللاشيء الى الحياة الكريمة التى قد لا تجد مثيلتها فى دول أغنى منا، فما يحدث فى قرى الوديعة حلم لم نكن نتوقع تحقيقه بهذه السرعة والجودة».

واصلنا جولتنا متتبعين خطوط الغاز الطبيعى التى تضرب أكباد الأرض، انتقلنا من الغريزات الى قرية السمارنة، حيث ستستريح القرية من جشع بعض موزعى أنابيب البوتاجاز ،حيث عانوا ندرتها لعشرات السنين، كما يقول السيد محمود من السمارنة: «لم يخطر ببالى أن تتحقق الأحلام فى قريتى التى ظلت منسية منذ مئات السنين، فالصرف الصحى دخل قريتنا وأصبحنا فى مأمن من التلوث والأمراض المزمنة التى نهشت أكباد أولادنا وأحفادنا فأصبحنا الآن على بعد خطوات من حلم لم يكن يفارقنى حتى فى اليقظة».

«حياتنا الكريمة»

كانت أكبر مشكلة فى كل قرى الوديعة السبع هى السكن، فالأراضى الزراعية لم تعد تتحمل منا تعديات إضافية، فكانت المفاجأة من مبادرة رئيس الجمهورية وهى بناء مجموعة من العمارات السكنية فى كل قرية على أحدث طراز، كما يقول منير عبد النور - من قرية البطاخ إحدى قرى الوديعة - ويضيف: «هذه العمارات تحاكى نظيرتها ليس فى مصر وحدها، ولكن المدن الكبرى بدول العالم المتحضر، فهذه نقلة للقرية، كل شقة ستحتضن أسرة تبحث عن حلم جديد وأمل متجدد، حيث يوجد بها ماء نظيف وغاز طبيعى وصرف صحي، ليمنح أولادنا وشبابنا حياة أفضل، نشكر عليها الرئيس وكل القائمين على تنفيذ الحياة الكريمة التى لم نكن نحلم بها».

يتدخل فى الحوار العربى حسان - تاجر من البطاخ - قائلا: «هذا ليس كل شيء لكن أصبح لدينا أيضا مجمع خدمات متكامل أوشك على الانتهاء يضم كل الخدمات المدنية من استخراج بطاقات الرقم القومى ووثائق السفر وشهادات الميلاد فى دقائق معدودة، ليريحنا من عناء الذهاب للمحافظة ويوفر الوقت والمال، يجاور المجمع نقطة إطفاء حريق وإسعاف، ليتبدد الخوف من الحرائق التى التهمت أكثر من مرة محاصيل وبيوتا عديدة.

«البشائر»

تحركت قليلا بسيارة ميكروباص فى هذه القرى التى تبعد عن المحافظة نحو ٣٠ كيلو مترا. ودار حوار بين الركاب الذين لا يعرفون هويتى الصحفية، فاشتكى أحدهم من وعورة الطريق، فرد عليه الركاب: «ياعم احمد الله.. فاضل على الحلو خطوة»، فخلال أقل من عام أصبحنا نرى بأعيننا بشائر الحياة الكريمة، غازا طبيعيا وصرفا صحيا وماء شرب نقيا، وخدمات فى إنجاز غير مسبوق، عام فقط مر علينا، نعمة وفضل من الله، فكل ما لم نحلم به يتحقق،ضمن حياة كريمة».

«أشبه بالمعجزات»

توجهت الى قرية «العرابة» لأرى شواهد الحياة الكريمة فى كل مكان، خلية نحل فى كل شوارعها وأزقتها، كما يقول عبد الستار محمد من أبناء القرية، ويضيف: «اذهب الى أى بيت وستسمع وترى علامات الفرحة على وجوه النساء والأولاد الذين كان لهم نصيب كبير فى المدرسة الجديدة التى أنشئت لهم لتحاكى نظيراتها فى المدن، حتى إن هناك مدارس لغات حكومية فى قرانا السبع، ما يتحقق الآن فى حياتنا الجديدة أشبه بالمعجزات».

يتدخل فى الحوار عمار وريان، وهما طفلان من نفس القرية بقولهما الذى يعكس فرحة تلمع فى عيونهما: «الآن عندنا ملعب ومركز شباب به ملاعب وأجهزة جديدة ومتطورة، وأصبح لدينا فريق للقرية ومدرب وسوف ننافس فى البطولات بالمحافظة بعد تسلم الملاعب إن شاء الله قريبا».

«مراكز نموذجية»

«شاهدت الحلم يتجسد أمام عينى بسرعة ودقة لم أكن أتوقعها»، عبارة قالها يونان حنا بقرية السمارنة الذى سألته عن وظيفته فقال: اكتبنى «شاهد على الحياة الكريمة»، فالحياة تتغير لتشمل الوحدات الصحية والبيطرية والمجازر الآلية والجمعيات الزراعية لتكون خير معين للمزارع البسيط الذى ظل يعانى الآفات الزراعية والأمراض التى جارت عليه وعلى ماشيته ولم يكن هناك ارشاد زراعى أو بيطرى ينقذه.

يكمل الحديث السيد حسن سلامة ابن قرية السمارنة قائلا: «يكفى أن تنظر لما تم فى مشروع تبطين الترع وما تحقق من إنجازات حررت الترع ليس فقط من الفاقد من المياه لكن لما سيتم القضاء عليه من فيروسات وأمراض مستوطنة كانت تنتقل الينا عن طريق الترع والمصارف الملوثة».

«رد الجميل»

عدنا مرة أخرى الى قرية الغريزات بدعوة من شباب القرية لنحمل منهم رسائل شكر للرئيس وتعهد بالمشاركة فى عملية التنمية وخاصة فى مجال الزراعة، كما يقول حسين محمد عبد العال - أحد شباب القرية الذى قاد مع زملائه تجربة استصلاح أراض زراعية فى الظهير الصحراوى الجبلى فى القرية: «بعد أن أثبتت كل التجارب السابقة فشل الزراعة فى الظهير الصحراوى لقرى الوديعة، لكن بالإصرار والبحث العلمى وخبرة أهالينا استطعنا استصلاح عشرات الأفدنة وزراعتها بالقمح وحققنا المعادلة الصعبة، والأكثر من ذلك والذى نقدمه أننا زرعنا هذه الأرض الصلبة والصعبة بالمياه الجوفية».

يستكمل عبدالله السيد محمود الكلام بقوله: «ليس هذا فقط بل استخدمنا الطاقة الشمسية فى الرى تنفيذا لرؤية الرئيس فى الزراعة النظيفة التى تقلل من الانبعاثات الكربونية، وهذا ممتد بطول عشرات الكيلو مترات فى قرى الوديعة السبع والمحاصيل مبشرة والنتائج ستكون مبهرة مع الوقت إن شاء الله، وكل ما نرجوه هو إنارة طريق الأبراج الواقع بين جهينة وسوهاج لمسافة نحو ٢٠ كيلو مترا فوق هذه القرى السبع ،حيث نعمل ليلا ونهارا لتحسين المحصول».

ويضيف عزت سعودي: «لدينا فكرة أخرى يمكن أن تكون ملهمة لبعض المسئولين فى توفير مياه صالحة للرى واستصلاح مئات الأفدنة عن طريق تحلية مياه الصرف، حيث إنه تم فى الجبل الغربى الملاصق للأراضى التى تم استصلاحها إنشاء العشرات من أحواض الصرف الصحى التى تصب فيها كل القرى والمراكز المجاورة، مثل مركز المراغة وجهينة وقرى الوديعة، ويمكن عمل محطة معالجة كبيرة توفر مياه معالجة تصلح لزراعة واستصلاح هذه الرقعة الشاسعة من الأرض، فنحن شركاء فى تنمية قريتنا، خاصة فى قطاع الزراعة الذى نجيد أبجدياته، ومادامت الدولة انتبهت إلينا بعد إهمال سنوات طوال فلابد أن نكون مشاركين وداعمين وليس فقط متفرجين، فما حدث فى قرانا شيء يفوق الخيال، ونحن نعد الأيام والليالى لكى تنتهى المبادرة من وضع اللمسات النهائية لهذه القرى التى تولد من جديد ومعها حياة كريمة».

انطلقت الى «حياة كريمة» فى سابع القرى التى قررت أن أختتم منها الجولة وهى نجع أبو عوض، فما جاء منها من أمل فى «حياة كريمة»، من بعض قاطنيها حينما تقابلت معهم فى موقف الميكروباص، مشجع ومربك للإحساس، خاصة ما تناقله الأطفال هند ومحمد وحسن من القرية نفسها الذين كانوا بصحبة أهاليهم بقولهم: «نحن نعد الأيام لتنتهى الملاعب التى يتم تجهيزها فى إطار مبادرة حياة كريمة، وكذلك لمدارسنا الجديدة النظيفة والمتطورة، ونأمل أن ينعم كل أطفال الوديعة بهذه المبادرة».

انتهت الجولة ولم ينته الحلم، فالأمل معقود فى جدائل الفرح لدى أطفال ورجال ونساء وشباب قرى الوديعة السبع فى أنهم ينعمون بحياة كريمة تليق بحلم رئيس وأمل شعب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق