رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بقيع مصــر..أرض الشهداء وقبلة البدريين

كتب ــ بدوى طه
فى البهنسا.. أرض البقيع الثانى [تصوير ــ ياسر الغول]

بمجرد أن تطأ قدماك أرض قرية «البهنسا» يسكنك شعور بالأريحية وعبق التاريخ، فتلك القرية تفوح منها رائحة طيبة، وتهب عليها نسمات عطرة.. وكيف لا وهى أرض تسكن أرضها الطيبة أجساد طاهرة، وتضم مقابر الصحابة والصالحين وترتوى بدمائهم الطاهرة الذكية فصارت أرض الشهداء والبقيع الثانى بعد بقيع المدينة المنورة، أوبقيع مصر.

و«البهنسا» من الأراضى المباركة، التى تضم مقابر عدد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ،وتقع بصعيد مصر، فى محافظة المنيا، مركز بنى مزار، وتشتهر بأنها أرض الشهداء، وبقيع مصر، لأنها شهدت وتشرفت بقدوم عدد من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم، إبان الفتح الإسلامى لمصر بقيادة الصحابى الجليل عمرو بن العاص فى خلافة سيدنا عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، أيام حكم الرومان لإقليم البهنسا، واستشهدوا ودفنوا بها، أثناء الفتح الإسلامى للبهنسا عام ٢٢ هجرية، وسميت البقيع الثانى أوبقيع مصر، لكثرة المسلمين الذين استشهدوا بها، وضمت مقابر عدد من الصحابة وآل البيت رضى الله عنهم والتابعين وتابعى التابعين والعلماء وأولياء الله الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين.

كانت «البهنسا» فى العصر الفرعونى عاصمة الإقليم التاسع عشر وملتقى الطرق بين وادى النيل وطريق الواحات، وسميت «بارنجت» أى مكان اللقاء بين الخير والشر، وفى العصر الرومانى كانت عاصمة الصعيد، وعرفت بمدينة «بيمازيت»، وفى العصر الإسلامى فتحها قيس بن الحارث المرادى عام ٢٢هجرية، وسميت ولاية البهنسا، وكانت تمتد من «الواسطى» حتى «سمالوط» واستمرت عاصمة الإقليم حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادى، ووصفها على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية بأنها كانت مدينة لها شهرة عظيمة،وكانت وقت فتحها المسلمون عليها جدران حصينة، ولها أربعة أبواب ولكل باب ثلاثة أبراج، وبها أربعون رباطا وقصور ومساجد كثيرة.

ويؤكد أيمن عواد مفتش آثار البهنسا وجود بقايا الأسوار الشاهقة لحصن البهنسا والذى دارت فيه المعركة بين المسلمين والرومان، ومنها مئذنة أبوسمرة، وبقايا برج أسوار الناحية الشمالى، وفى عهد الناصر بن محمد بن قلاوون تمت إعادة تقسيم مصر إداريا، وأطلق عليها أعمال، ومنها أعمال البهنساوى ودرب البهنساوى، وأصبحت ولاية عثمانية فى العصر العثمانى، ومع مرور الوقت تم نقل الولاية من البهنسا إلى «الفشن» لقربها من النيل وطريق التجارة، واستقر بها بعض القبائل العربية، وسميت أرض الشهداء، وعرفت بالبقيع الثانى لكثرة وجود مقابر الصحابة وأضرحة آل البيت وأولياء الله الصالحين رضى الله عنهم بها مما زاد من أهميتها التاريخية والأثرية والسياحية.

ويضيف عواد أن المؤرخ الواقدى ذكر أنه حضر البهنسا ١٠ آلاف عين رأت النبى صلى الله عليه وسلم، وسبعون بدريا ممن شهدوا غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم،والأمراء والسادات وأصحاب الرايات ١٤٠٠، ودفن بأرض البهنسا نحو٥٠٠٠ صحابى رضوان الله عليهم أجمعين.

ويوضح أن البهنسا شهدت تطورا كبيرا فى العصر الإسلامى، حيث كانت مدينة صناعية وتجارية عظيمة، واشتهرت بصناعة الفخار والخزف والنسيج، ويضم متحف الفن الإسلامى قطعة من النسيج مصنوعة فى البهنسا، وأيضا كانت بها صناعات قديمة كالزجاج،وعثر على آثار مصنع زجاج من العصر الفاطمى،حيث كانت تحتوى على العديد من مصانع الزجاج والفخار والمسبوكات الإسلامية والنسيج، وعثر على قطعة من الزجاج محفوظة بمتحف الفن الإسلامى وعملات ذهبية ترجع لعصر الحاكم بأمر الله الفاطمى، عثرت عليها البعثة الكويتية ومحفوظة بمتحف الفن الإسلامى بالقاهرة.

ويكمل أيمن عواد بأن قبة «البدريين» من أهم معالم المنطقة الإسلامية بالبهنسا ومدفون بها الصحابة الذين حضروا غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءوا مع الفتح الإسلامى لمصر عام ٢١ هجرية واستشهدوا بالبهنسا عام ٢٢هجرية، ودفنوا فى هذا المكان، وتم بناء قبه حول قبورهم سميت «قبة البدريين» وهم «عقبة بن عامر الجهنى وذو القلاع الحميرى ومسروق بن العرسى وعقبة بن أبى سعيد بن الخطاب وهشام النجار وعبد الله بن الجموح.

ويضيف الباحث الأثرى أيمن عواد أنه تتم حاليا أعمال حفائر فى منطقة الآثار الإسلامية الموسم الثالث بالتعاون مع كلية الآثار جامعة القاهرة، وسيعلن عنها بعد الانتهاء منها وستكون حفائر مهمة دليلا على أن البهنسا لم تبح بأسرارها كاملة حتى الآن وستظل متحفا حضاريا ومزارا سياحيا عالميا.

ويقول سلامة زهران مدير آثار البهنسا إن أشهر المزارات والمعالم التاريخية بالبهنسا ١٨ قبة ضريحية للصحابة والتابعين وتابعى التابعين والعلماء والصالحين، ومنها «قبة البدريين» و«قبة السبع بنات» و«قبة سيدى جعفر وعلى» أولاد عقيل بن على بن أبى طالب، و«قبة التكرورى» ومقام الأمير زياد بن الحارث بن أبى سفيان بن عبدالمطلب، ومقام أبان بن عثمان بن عفان، وقبة محمد بن أبى عبدالرحمن بن أبى بكر الصديق، وقبة الحسن الصالح بن زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، وقبة محمد بن أبى ذر الغفارى، وقبة على الجمام وهو قاضى البهنسا وقاضى القضاة، وأحد أئمة المالكية فى عصره، ويسع مسجده أكثر من ٢٠٠٠ مصل بخلاف الساحة، وقبة محمد الخرسى، وهو أحد العلماء الذين زاروا البهنسا فى العصر العثمانى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق