لقد عاشت معظم الشعوب التى تقطن جنوب العالم خصوصا آسيا وإفريقيا والعالم العربى فى ظل نظم قبلية وعشائرية، فلم يهتم مواطنو هذه المناطق بتسجيل وقائع وأحداث حياتهم اليومية ماعدا الحضارات القديمة وتتصدرهم الحضارة المصرية القديمة، حيث اهتم الملوك والكهنة والحكام بتسجيل المعارك والأحداث المهمة ومجريات الحياة اليومية باللغة الهيروغليفية على جدران المعابد والمقابر ولكن لم يتم الكشف عن الكنوز الحياتية الكاملة للفراعنة حتى الآن وظلت فترات طويلة من حكم الأسرات مجهولة ولم يتوقف الكشف حتى اليوم عن الكثير من آثار الفراعنة وتفاصيل حياتهم وعلاقاتهم وأفراحهم وأزماتهم وظلت كتب وأبحاث علماء الآثار المصريين والأجانب المصدر العلمى والمعرفى لتراث هذه الحضارة العظيمة، ولكن لا يزال هناك الكثير من الخفايا عن حياة الناس العاديين الذين أفنوا أعمارهم فى بناء وتشييد الآثار التى بقيت تحكى للزمن قصة الآثار دون البشر كما ظلت حبيسة المكتبات ولم تصل للجمهور وقد عاصرت رحيل العديد من المفكرين وأساتذة الجامعات والكتاب والعلماء الذين تركوا نماذج رائعة من التراث الفكرى والثقافى والفنى ولكن لم يهتم أبناؤهم وأحفادهم بحفظ التراث وتم التخلص منه بالبيع لتجار الروبابيكيا وامتلات بها دكاكين ومزادات متخصصة فى بيع هذه الكنوز من التحف والآثار، أما الكتب والمخطوطات فقد امتلأت بها زكائب وجوالات الباعة فى منطقة بين السورين وباب الشعرية والحسين ويشتريها الباحثون وطلاب المعرفة أملا فى الحصول على الوثائق والمخطوطات التى تؤرخ لفترات وأحداث وشخصيات محورية فى تاريخ الوطن، واقترح أن تتولى وزارة الثقافة تخصيص متحف لحفظ هذه الوثائق بعد شرائها من الباعة المتجولين وتخصيص جزء من هذا المتحف لتراث الأفراد وإطلاق نداء للعائلات لحثهم وتشجيعهم على إيداع تراث الراحلين من كتب للمكتبات العامة وتسليم التحف واللوحات والمخطوطات والملابس لمتحف الراحلين من الأفراد بدلا من بيعها لتجار الروبابيكيا وإهدار جزء رئيسى من تاريخ الأفراد الذين أعطوا لمصر عصارة حياتهم فى الأدب والفن والعطاء الاجتماعى والثقافى والسياسى وللأسف ذهب تراثهم لباعة "الروبابيكيا".. وتيسيرا على وزارة الثقافة اقترح أن يخصص لمتحف تراث الراحلين قاعة ملحقة بالمكتبات العامة والمواقع التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة الجماهرية.
د. عواطف عبدالرحمن
رابط دائم: