أن تتولى مهمة وصف تحفة معمارية فريدة هى بالأصل تتحدث عن نفسها مسألة غاية فى الصعوبة، فلا جديد يمكن أن تضيفه لحالة السحر التى تراها وتشهدها، فالصمت فى حرم الجمال يصبح واجبا وفعلا تتبعه دون إرادة.
مسجد السلطان قلاوون أو بالأحرى مجموعته، مثال حى على تلك التوليفة الفنية التى تخطف العيون والقلوب من حولها، حيث اجتمع فيها التاريخ والعراقة التى تمنحها هيبة الآثار ومكانتها، والطراز الإسلامى الذى يُضفى لمسة معمارية مُريحة ومُبهرة لكل من ينظر إليها، بخلاف نهضة حضارية وعمرانية وصفها البعض بالعصر الذهبى للمماليك كان لها نصيب منها.
مجموعة معمارية ضخمة من أبرز معالم شارع المعز وأعظمها مكانة فى المنطقة المعروفة بـ «بين القصرين»، مسجد ومدرسة وقبة وبيمارستان أمر بإنشائها السلطان المنصور سيف الدين قلاوون.
الكثير والكثير من المعلومات التاريخية القيِّمة التى يحملها «قلاوون» بين جدرانه ومِن حوله، ولكن ربما لم تعد هى الدافع الوحيد لزواره الحاليين، حيث يبحث بعضهم عن نوع آخر من المتعة لا يعبأ بالمعلومات بقدر الاهتمام بالأجواء المحيطة والاستمتاع بالنظر وتصوير تكوينات معمارية وزخارف إسلامية تحـمل الكثير من التفاصيل، إلى جانب ألوان وإضاءة تُضفى المزيد من المعانى الجمالية والفنية لمجموعة «قلاوون» التى سيبقى مسجدها أحد أهم المعالم الواجب زيارتها والمرور عليها فى جولة شارع المعز.
وأياً كان هدف الزيارة فالكل يتوحد فى نظرة إلى «سماء» قلاوون يلقيها كل منهم من آن لآخر، فلا يستطيعون الاكتفاء باستطلاع الجانبين بل تزداد الرغبة فى استمرار توجيه النظر إلى أعلى بعد تحولهم إلى أسـرى حالة من الاحتضان الروحانى والسلام النفسى الذى ينبعث من الأسقف والقباب، لينتهى بهم المطاف بنظرة أخيرة نحو مئذنة «قلاوون» التى تستحضر إلى الأذهان صورة خيالية جامعة لمدينة الألف مئذنة.
رابط دائم: