ماذا يحدث للمرء عندما يجد ذكرياته تتجسد أمامه؟ ويشاهدها تتحرك من خلال شخصيات عاش معها وامتزج بحكاياتها ومغامراتها، شخصيات حفرت خطوطا بارزة فى ذاكرته، فبعد أن احتضنت طفولته، ثم بدأت فى التلاشى معها شيئاً فشيئاً، عادت مرة أخرى لكى تبعثها.
فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته السابقة، كانت العودة الأولى لروايات فلاش للجيب مرة أخرى بعد اختفاء طويل، تحت عنوان «سر العودة»، وكان السر الأهم والأكثر سعادة لمحبى «فلاش»، هو خبر العودة الأكبر لأبطال «فلاش»، وتحررهم من سجن «الصفحات»، ليظهروا خلال شهر رمضان كأبطال لمسلسل كارتونى.
وعلى الرغم من أن فكرة التجسيد التلفزيونى داعبت فكر الرسام والكاتب خالد الصفتى، مبتكر «فلاش» بعد صدور عددين فقط من السلسلة فى بداية عقد التسعينيات، إلا أنه لم يحالفه التوفيق وقتها. ويحكى الصفتى للأهرام: «ظلت الفكرة راسخة فى ذهنى ولم تمح رغم مرور السنوات، حتى جاءت فكرة تحويل فلاش إلى عمل تليفزيونى. وبدأنا بالفعل فى الإعداد لتنفيذ هذا المشروع الضخم».
ويوضح الصفتى أن النسخة الكارتونية ستختلف عن النسخة المطبوعة فى بعض الجوانب، حيث ستتسم بمزيد من الإبهار فى الرسوم والموسيقى والمؤثرات الصوتية، كما أننا قمنا بإضافة بعض الشخصيات الجديدة لمصاحبة شخصيات النسخة المطبوعة، مثل العِالم «عزيز» خصم وعدو العِالم «مفهوم اللدود». ويرجع الصفتى آماله فى نجاح الصورة الجديدة لشخصيات «فلاش»، إلى أنهم يحافظون على السمات الأصلية لصورتهم الورقية، وذلك من حيث المصداقية، والبعد عن المبالغة. «شخصياتها تتسم بالواقعية الشديدة، وتتضاءل فيها مساحات الخيال إلى أقل حد» وذلك على حسب تعبير الصفتى.
ويوضح أن هذه السمات كانت هدفه الأساسى منذ توليه مسئولية إصدار سلسلة الكتب اعتبارا من عام 1989، والتى كانت تعتمد صيغة منوعة تجمع ما بين «القصص المصورة» أو «الكوميكس»، و»الألغاز» أو ألعاب الذكاء والثقافة والقصة القصيرة.
وتلتقط المهندسة إيمان خليل عفيفى مدير مشروع مسلسل فلاش ، موضحة مسار المشروع المنتظر، فتقول: « بدأنا فى أوائل عام 2020 بالتحضير والاستعداد لتنفيذ هذا المشروع، «وعن أهم التحديات التى واجهت المشروع، توضح إيمان: « كان التحدى الأول والأكبر فى رسم ملامح شخصيات فلاش، فتحويل الشخصية المرسومة على ورق إلى شخصية متحركة ليس بالأمر اليسير، فلابد من وصف دقيق لملامح كل شخصية، وكذلك رسم ونقل الطباع والسلوك والتفكير، وهذا ما أبدع فيه الرسام خالد الصفتى». ومن رسم الشخصيات إلى كتابة الحلقات، توضح إيمان: « تم عمل ورشة كتابة، ضمت عددا من المؤلفين الشباب المبدعين، لكتابة حلقات المسلسل تحت إشراف الصفتى، وتم اختيار الأنسب والأفضل منها».
«ومن شدة تحمسى للمسلسل تلقيت دورات خاصة ببرامج الرسوم المتحركة»، وقالت إيمان فى محاولة لتلخيص مدى حماسها بالمشروع،: «تلك الدورات كان لها دور كبير فى متابعتى للمشروع والإشراف عليه بشكل تقنى سليم، فهذا المسلسل يعد من أوائل مسلسلات الرسوم المتحركة الذى يتم إنتاجه فى مصر بهذه الجودة العالية، وآمل أن يكون هذا سبباً فى جذب انتباه الأجيال الحالية التى لم تقرأ (فلاش)، والذى يحمل العديد من القيم الاجتماعية والدينية المهمة».
أما شريف حمدى الممثل والمؤلف، والذى يقوم بالأداء الصوتى لشخصية «منسى أفندى»، أو «المواطن مطحون»، فيحكى للأهرام أنه منذ صغره، وهو متابع جيد لجميع إصدارات فئة «روايات الجيب»، مثل «رجل المستحيل»، و«المكتب رقم 19»، و»ما وراء الطبيعة»، و»فلاش». وحسب وجهة نظره، فإن هذه كانت من أهم المشروعات الثقافية، التى شكلت الوجدان الثقافى والعلمى والوطنى لكثير من الأجيال.
ويكمل حمدى: « بسبب ارتباطى بهذه الروايات وشخصياتها قدمت للفور فى مسابقة لسماع الأصوات أعدها الفنان خالد الصفتى، ومن خلالها سيتم اختيار الصوت المؤدى لشخصية «منسى أفندى»، خاصة أن هذه الشخصية من أحب الشخصيات إلى قلبى فى روايات فلاش».
ومن قبل المشاركة فى المسابقة، أعاد حمدى قراءة جميع أعداد فلاش لدراسة شخصية « منسى أفندى» بدقة، وكيف يمكن أن يجسدها كصوت فقط، وبالفعل كان صوته هو الأنسب للشخصية وتم اختياره. ويرى أن الحلقات المنتظرة ستنال استقبالا غير محدود، خاصة أنها ارتبطت وجدانيا مع أجيال كاملة، فتحويلها إلى صورة متحركة ناطقة سيضيف إلى نجاحها السابق.
ويتوقع حمدى أن تضيف الحلقات أعدادا جديدة لمحبى «فلاش»، والتى لم تلحق بأيام تألق النسخة الورقية للسلسلة، متوقعا أن تكون فاتحة خير للبدء فى إنتاج أعمال كارتونية أو جرافيك ثرى دى، حيث إنها تكاد تكون منعدمة فى مصر والعالم العربى، ولكن قد يكون ذلك سبب للتفاؤل أيضاً، حيث إن السوق فى مجال صناعة الكارتون والرسوم المتحركة ستكون مفتوحةلمن سيضع قدمه فيها.
رابط دائم: