تحتفل مصر والدول الإسلامية برؤية هلال شهر رمضان المكرم فى يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان كل عام.
وتختلف مظاهر رؤية الهلال باختلاف الزمان والبلدان، فلكل عصر وبلد مظاهره الخاصة به، ومن هذه المظاهر ما انتقل من عصر إلى عصر ومنها ما اندثر وأصبح فى طى النسيان.. ففى العصر المملوكي، كان الاحتفـال يبدأ بخروج قاضى القضاة ومعه أربعة قضاة كشهود، ويشارك فى هذا الموكب المحتسب وكبار التجار والصناع، وكانوا يستطلعون الهلال حينئذ من منـارة مدرسة المنصـور قلاوون بين القصرين، فإذا تحققوا من رؤيته أضيئت الأنوار فى المساجد والمآذن وكذلك الدكاكين، ثم يعود قاضى القضاة فى موكبه تحف به جموع الشعب حاملة المشاعل والفوانيس والشموع حتى يصل إلى داره، ثم تتفرق الطوائف إلى أحيائها لتعلن لهم حلول الشهر الكريم. ولم يتغير الأمر كثيرا فى العهد العثماني، حيث كان قاضى العاصمة يتوجّه فى موكبه ومعه أربعة قضاة إلى جبل المقطم للتثبُّت من رؤية الهلال، ومن ثم يعود وصحبه معلنين البداية الموثوقة لشهر رمضان. أما فى العصر الحديث فقد بدأ إنشاء المراصد الفلكية وكان أول مرصد أنشئ بمصر عام 1838م، فى منطقة القلعة، ثم تم نقله إلى العباسية ثم إلى حلوان ومع بداية القرن العشرين فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى انتقل إعلان رؤية الهلال بعد تحريها من المراصد إلى المحكمة الشرعية بباب الخلق حيثما تصلها مواكب الرؤية بعد رحلة تمر بقصر البكرى بالخرنفش لمقابلة نقيب السادة الأشراف وأمراء الدولة والأعيان وتُوزع المرطبات ويتبادل الجميع التهاني، بينما مدافع القلعة والعباسية تدوى وتطلق الألعاب النارية وتُضاء الأسواق والشوارع وجميع القباب والمآذن.ومع إنشاء دار الإفتاء المصرية، أسندت إليها مهمة استطلاع هلال رمضان، ويتم ذلك من خلال لجانها الشرعية المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية ثم يقام احتفال يحضره الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر وكبار رجال الدولة يعلن فيه فضيلة المفتى نتيجة الرؤية الشرعية ومازال هذا التقليد قائما حتى يومنا هذا.وبهذه المناسبة أدعو الله عز وجل أن يرفع عن العالم كله الوباء والبلاء وأن يعيد علينا هذه الأيام ونحن بكل خير وفى أفضل حال.
د. أنس عبد الرحمن الذهبى
رابط دائم: