اختتمت جمعية الأمم المتحدة للبيئة الدورة الخامسة أعمالها فى 2 مارس 2022 بنيروبى- كينيا بالموافقة، على قرار تاريخى بقيام لجنة تفاوض حكومية دولية لإجراء مفاوضات بينية مع الحكومات والاقتصادات المختلفة، لوضع الخطوط العريضة لاتفاقية ملزمة للحد من التلوث البلاستيكى المتسبب فى أزمة بيئية متفاقمة وعرضها قبل نهاية 2024 فى اجتماع عالمى للجمعية للتصديق عليها والبدء فى تنفيذها. ويعد هذا الإنجاز أهم صفقة بيئية متعددة الأطراف منذ بروتوكول مونتريال لعام 1987 لمنع ثقب الأوزون واتفاقية باريس للتغير المناخى فى عام 2015.
وسوف تشير الاتفاقية العالمية إلى جميع السبل لكيفية إنتاج البلاستيك كمادة أولية والتصنيع وسبل الاستخدام ووسائل التخلص من مخلفاته، كما ستكون المعاهدة مصحوبة بمعايير قانونية ولوائح ملزمة للدعم المالى والتقنى وعمل هيئات علمية لتقديم المشورة وإنشاء صندوق مالى مخصص لمساعدة البلدان فى جنوب العالم لكى تتعامل مع هذه المشكلات التى نشأت فى الشمال، حيث استهلاك الفرد فى الدول المتقدمة من البلاستيك 2.5 مرة مقارنة بالنامية. والمخلفات البلاستيكية تدمر البيئة وتضر بالحياة البرية والبحرية وتلوث السلسلة الغذائية ولا يمكن تدوير كل الأنواع بسبب الصنع وكثرة التكاليف.. والبلاستيك عند إنتاجه أو حرقه ينتج عنه تلوث بنحو 15% من مجمل الغازات الدفيئة المؤدية للاحتباس الحرارى للأرض.. ويعتبر المحيط موطنا بلاستيكيا مدمرا حيث يدخل فى أعماقه كل عام نحو 10 ملايين طن من النفايات البلاستيكية التى لا تتحلل إلا بعد مرور مئات السنين، ويتأثر نحو 800 نوع بحرى وساحلى بهذا التلوث من خلال الابتلاع أو التشابك، وتوجد نحو 5 تريليونات قطعة من البلاستيك فى محيطات العالم يصل وزنها لنحو 150 مليون طن مترى، كما ستقوم المعاهدة بوضع توصيات للتدابير اللازمة لمعالجة إنتاج البلاستيك المقدر حاليا بنحو 400 مليون طن سنويا 45%.. كما تتعهد الاتفاقية بالتزام الدول بالقواعد واللوائح مع فرض عقوبات على المنتجات والممارسات الضارة، كما ستقلل من حجم المواد البلاستيكية التى تتسرب إلى المحيطات بأكثر من 80% وتخفيض إنتاج البلاستيك الخام بنحو النصف وتوفر نحو 70 مليار دولار وإتاحة مليون فرصة عمل بحلول عام 2040.
التلوث البلاستيكى هو أزمة على قدم المساواة من تداعيات تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجى ويجب العمل على تعبئة كل السبل للانتقال الفعال إلى الاقتصاد الدائرى.. نحن ننشد مستقبلا أفضل خاليا من التلوث البلاستيكى لتحسين نوعية الحياة وعدم المساس بحق الأجيال القادمة وتجعل كوكبنا مستداما نعمره ولا ندمره.
د. جمال سعيد
جامعة الفيوم
رابط دائم: