رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بـ«التلى» و«الخوص» و«الفخار»..
«صنايعية» مصر.. زينة «أيام الشارقة التراثية»

الشارقة ــ محمد المراكبى
> «قيثارة طيبة» ناقلة الموروث الفنى النوبى

إذا تجول المرء بين طرقات إمارة الشارقة الإماراتية، استشعر روح شوارع منطقة «وسط البلد» القاهرية تتملك قلبه. قد تختلف أسماء الشوارع، والميادين، والعواصم، والمدن، وتتباين الوجوه والقلوب والأشكال والألوان، وتتعدد الأيديولوجيات السياسية، والمعتقدات المذهبية والدينية، وتفرض الجغرافيا والتضاريس سطوتها وكلمتها على بنى البشر.

> شيماء النجار مع أحد إبداعاتها


> الحاجة كاملة بصحبة أعمالها

لكن تبقى لهذه الأمة من المحيط إلى الخليج لغة وهوية وثقافة واحدة، تبدو مختلفة فى المظهر والمسميات، لكنها متطابقة الجوهر. ويزداد اليقين بأن الموروث الشعبى الثقافى للأمة العربية واحد، بزيارة ساحة الاحتفالات الخاصة بالدورة الـ 19 لمهرجان «أيام الشارقة التراثية»، والمقامة بحصن «الذيد» بقلب إمارة الشارقة الوسطى، بمشاركة 12 منظمة دولية، و33 دولة، منها 17 دولة عربية، وذلك فى الفترة بين 10 إلى 28 مارس الجارى.

> د. عبدالعزيز المسلم

 

حضور مصرى لـ»مشغولات التلى» :

وداخل ساحة الاحتفالات، وطوال أيامها، يجد الزائر حضورا عظيما لمفردات التراث المصرى بثراء ألوانه. فمصممة «مشغولات التلى» اليدوية المصرية، شيماء النجار، تجلس بجانب نظيراتها من مصممات الإمارات وسلطنة عمان، اللاتى يبدعن أيضا فى إعداد «التلى»، فطريقة العمل والأدوات ومهارة الحرفة واحدة، الاختلاف فقط فى شكل ونوع خيوط «التلى» المستخدمة.

توضح شيماء النجار لـ»الأهرام» الفرق بين «التلى» المصرى والخليجى بقولها: «فى دول الخليج بوجه عام يستخدمون الخيوط الملونة من (النيلون) بتصميمات التلى. أما بمصر، فيتم استخدام الخيوط الفضية والذهبية، والأقرب إلى المذهب المصرى فى (التلي) هى مملكة البحرين». وتضيف: « كل دولة لها نقشة وتطريز مميز فى التصميمات ونوع قماش معين، فهناك دول تعمل على قماش التل».

وتحرص المصممة المصرية القادمة من محافظة سوهاج، على مزج تصميماتها بلمسات عصرية، لتخلق سوقا جديدة بين الأجيال الشابة التى لم تعد تقبل على اقتناء ملابس مصنعة من «التلى».

وعن الفترة اللازمة لإبداع قطعة «تلى»، أوضحت شيماء أن تصميمات «التلى» تحتاج من 15 يومًا إلى 6 أشهر، كل قطعة حسب كثافة تطريزها. وحسب نسبة «التلى» بالقطعة، يتحدد سعرها. فكلما زادت خيوط «التلى»، زاد السعر. فهناك قطع قد يصل ثمنها إلى 10 آلاف جنيه، وأخرى تبدأ من 350 جنيها.

وتابعت مصممة ومدربة الحرف اليدوية السوهاجية: «التلى صناعة عرفتها مصر منذ عهد محمد على باشا، ومسجلة كحرفة مصرية تراثية، وكان معظم زبائنها من فتيات الأسر الثرية، ويجب أن تهدى كل أم ابنتها جلبابا وطرحة مشغولة من التلى ليلة زفافها، وهكذا الحال فى دول الخليج، جهاز العروس ينبغى أن تكون به ملابس مشغولة من التلى، وحتى الآن سيدات الخليج يرتدين ملابس مصممة بالتلى فى أفراحهن، والمناسبات السعيدة».

شيماء النجار ليست وحدها فى انشغالها بحاضر «التلى» ومستقبله، فـ «معهد الشارقة للتراث» يسعى جاهدا من جانبه للحفاظ على الحرفة العريقة من الاندثار. وذلك بدعم كافة مراكز إبداعها فى العالم العربى، مثل جزيرة «شندويل» بمحافظة سوهاج، والتى يصل بها عدد مصممات «التلى» إلى ألف سيدة، تتم دعوتهن بشكل متكرر للمشاركة بالمهرجانات التراثية، وعرض منتجاتهن فى الأسواق الإماراتية.

 

«خوص» الفيوم وفخاره:

ويقتنع المرء أكثر بأن الموروث الثقافى العربى موحد، إذا ما قابل الحاجة كاملة أحمد حامد، إحدى رائدات صناعة الخوص بمحافظة الفيوم، وهى بين منتجاتها وإبداع يديها فى قلب مهرجان «أيام الشارقة التراثية»، وإلى جوار إبداعات «الخوص» الحاملة أختام العديد من الدول الخليجية.

بفخر وروح تنافسية شريفة، توضح الحاجة كاملة حامد( 67 عاما): «كل المنتجات المصرية تم بيعها من أول يوم مشاركة بمعرض المهرجان، الشغل الذى نصممه لا مثيل له».وأضافت الحاجة كاملة بثقة سيدة تعمل فى مجالها طوال 57 عاما: «صناعتنا فى الأصل فكرتها واحدة بجميع الدول العربية، فجميعُنا يستخدم سعف النخيل كمكون أساسى، أما طريقة العمل، فهى التى تختلف». وتكمل: « فى الإمارات يعملون بتكنيك (الدفيرة)، وهذا الأسلوب يسفر عن قطع ديكورية، أما منتجاتنا المصرية فهى للاستخدام اليومى. فنصنع أطباق خبز وفاكهة، وأسِرةَ أطفال وسلال غسيل ومشابك، وغيرها من أدوات الاستخدام المنزلى، بالإضافة إلى تزيين الخوص المصرى بالألوان، ما يتطلب من حرفى الخوص إتقان فنون الصباغة».

وبعد انتهاء الحديث مع الحاجة كاملة، كان يصعب إغفال التفاف زوار مهرجان «أيام الشارقة التراثى» حول حسنى يونس، ابن قرية النزلة بمحافظة الفيوم، والذى يتقن إحدى أقدم الحرف اليدوية فى العالم ، وهى صناعة الفخار. يبدع يونس فى تقديم طقوس حرفته للناظرين، ويبدع أكثر فى استخدام الطمى النيلى ليخلطه بـ»تبن القمح»، ويشكله على هيئة «قلة» لحفظ الماء وتنقيته من الشوائب، بعد أن تلتصق رواسبه بـ»تبن القمح» ويسيل الماء صافيا للشاربين.

 

جاهين .. ضيف «خورفكان» :

كان لابد من قطع الحوار مع «صنايعية» مصر، والتوجه إلى «مدينة خورفكان التراثية». ولكن قبل ذلك، وجب سؤال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس «معهد الشارقة للتراث» ، المنظم للمهرجان، عن الشعار الذى اعتمدته تلك الدورة للمهرجان، وهو « التراث والمستقبل»، فأجاب على « الأهرام» موضحا: « رسالتنا فى العام العشرين للمهرجان أن نقول لأبنائنا فى دولة الإمارات والعالم العربى إنه لا تعارض بين التراث والمستقبل، فالثانى مكمل للأول، وبالعكس الأمم التى لا تحافظ على تراثها لا تقوى على بناء مستقبلها، بالإضافة إلى أننا ندفع الشباب إلى بناء مستقبل واعد، كما شيد أجدادهم وآباؤهم ماضيا مشرفا وحاضرا مبهرا».

ويكشف الدكتور عبدالعزيز، سر المشاركة المصرية المميزة سنويًا بـ»أيام الشارقة للتراث»، قائلاً: «مصر لها مكانة كبيرة وعظيمة فى نفس كل عربى، وعلى وجه الخصوص فى قلب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى وحاكم الشارقة، فهو محب لمصر بدرجة كبيرة، ودائمًا يذكر أنه تخرج فى جامعاتها»، القاهرة لها دور كبير فى التنوير، وإثراء الحركة الثقافية العربية، فلا يمكن لأى عربى أن ينكر هذا على الإطلاق.

وتجسد صدى كلمات المسلم عن «الماضى المشرف والحاضر المبهر»، باستضافة مسرح «مدينة خورفكان التراثية»، عرضًا مبهرًا للأوبريت التراثى الأشهر «الليلة الكبيرة»، والذى قدمه أطفال كورال «قيثارة طيبة» التابع لجمعية الصعيد للتربية والتنمية.

ترجع نيفين وجدى، مديرة برنامج التنمية الثقافية بالجمعية العاملة بصعيد مصر منذ 80 عامًا، إعجاب الجمهور العربى بأداء فرقة «قيثارة طيبة» إلى روعة مفردات «الأوبريت»، من حيث الكلمات والألحان، والمستوحاة من التراث الفنى الشعبى المصرى، بالإضافة إلى موهبة أطفال الفرقة.

وأشارت نيفين وجدى، إلى أنه رغم ظهور فرقة «قيثارة طيبة» قبل 7 سنوات فقط، إلا أنهم حققوا شهرة كبيرة، لتخصصهم فى غناء الكلمات النوبية التراثية، وتدريبهم السليم الذى تطلب معايشة كاملة لأعضاء الفرقة بقرية «هيصة» فى أسوان.

ومع أوبريت «الليلة الكبيرة»، غنت «قيثارة طيبة»، التى شاركت فى خورفكان بعشرة أعضاء فقط من أصل 35 ، الكثير من الأغانى التراثية الصعيدية.

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق