رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العقاد .. الشاعر المسكوت عنه!

عباس محمود العقاد

مرت قبل أيام الذكرى الثامنة والخمسين على رحيل رجل كان يعد موسوعة فى الأدب العربى، فهو الشاعر، والفيلسوف، والأديب، والناقد، والمفكر، والصحفى، والمترجم للأعمال الأدبية الغربية. إنه عباس محمود العقاد.

مفكرنا وأديبنا هو ابن محافظة أسوان التى ولد بها عام 1889، ورغم ما حقق ما إنجازات فكرية وأدبية، لم يكن يحمل سوى الشهادة الابتدائية، لكنه كان نهما فى الاطلاع على كل ألوان الأدب، وقام بتثقيف نفسه، وبدأ مشواره الإبداعى مبكرا. ترك العقاد مؤلفات أدبية عديدة، فله مجلدان صدرا عام 1954 يشمل ترجمته لبعض أعمال الأدب العالمى، ومنها مجموعة من القصص الأمريكية القصيرة، وله كتاب فى النقد بعنوان «التعريف بشكسبير». ومن مؤلفاته الأدبية كتب قيمة أهمها «أعاصير مغرب»، «أفيون الشعوب»، و«ساعات بين الكتب»، و«الإنسان الثانى»، و«مراجعات فى الأدب والفنون». أما سلسلة العبقريات فهى تلك التى خصصها للكتابة عن عظماء الإسلام، بداية بالرسول الكريم، وأبو بكر، وعمر، وعلى، وعثمان، وله كتاب عن حياة السيد المسيح. وهو أيضا صاحب العديد من الكتب الإسلامية القيمة، مثل «التفكير فريضة إسلامية» و«الإسلام والحضارة الإسلامية»، وللعقاد رواية وحيدة هى «سارة» والتى عرض فيها قصة حبه الوحيدة التى لم تكتمل، ووصف فيها بدقة المشاعر المختلفة لعاشق عانى من مرارة الحب، والغيرة، والندم. وكان للشعر فيه نصيب كبير، حيث كتب الشعر وهو ابن العاشرة، وذلك لحرص والده منذ صغره على الإعتناء به أدبيا، فكان يصحبه للشيخ والأديب أحمد الجداوى، وهو ممن كانوا يأخذون علمهم عن السيد جمال الدين الأفغانى، فاستمع فى مجلسه للمطارحات الشعرية، ولمقامات الحريرى، وبعدها بدأ العقاد بنفسه فى قراءة الشعر بلغات أخرى غير العربية.

وللعقاد مجموعة من الدواوين الشعرية التى لاتزال لم تأخذ حقها فى الدراسة والنقد، حيث تتميز لغتها بأنها جزلة عميقة، اختار ألفاظها بعناية شديدة، وعبر فيها عن الجانب النفسى الخاص به، يتجلى هذا فى ديوانه "وحى الأربعين" والذى يمثل فيه قمة النضج الشعرى، حيث جاء فيه بأفكار، وألوان جديدة من الشعر، الذى يلامس حياة الناس، ضاربا عرض الحائط بحالة الجمود الشعرى التى كانت سائدة فى عصره، خاصة قصيدته "تأملات فى الحياة".

أما ديوانه الأشهر "ديوان من الدواوين" فقد جمع فيه خلاصة تجربته، وخبرته فى الحياة بمجموعة قصائد رائعة، بعناوين مختلفة نذكر مها قوله:

«الغنى والسعادة»

لا تحسدن غنيا فى تنعمه/ قد يكثر المال مقرونا به الكدر/ تصفو العيون إذا قلت مواردها/ الماء عند زياد النيل يعتكر.

وله قصيدة تسمى «الفنادق» يقول فيها:

فنادق تشبه الدنيا لقاء/ وتفرقة وإن قصر المقام

تقول لكل من وفدوا عليها/ بأن العيش نهب واغتنام

فمن تلقاه فى يوم صباحا/ تفارقه إذا جن الظلام.

ورغم عذوبة الكثير من شعره إلا أن أحدا لم يلتفت له كثيرا كشاعر وحاز سمعة رددها كثيرون مفادها أنه «شاعر مصطنع»، فى حين غطت أعماله الأخرى على الشعر الذى تعرض لظلم شديد! وكان العقاد ناقدا كبيرا، وله معاركه الأدبية مع كبار كتاب وشعراء عصره، أشهرها تلك التى كانت بينه وبين أمير الشعراء أحمد شوقى، فى كتابه المميز فى النقد «الديوان فى الأدب والنقد»، فقد كان العقاد هو مؤسس مدرسة «الديوان فى النقد الأدبى» مع الأديبين عبدالرحمن شكرى، وعبد القادر المازنى، وهى مدرسة نقدية كانت تدعو إلى تجديد الصورة الشعرية، مع التزام وحدة البناء العضوى للقصيدة.

وكانت معركته الشهيرة مع عميد الأدب العربى «طه حسين» بعد أن صرح طه حسين بأنه لم يفهم يوما كتابات العقاد، خاصة تلك السلسلة التى أصدرها تحت مسمى العبقريات، واستمر سجالهما لبضع سنوات حتى أنهى العقاد بنفسه هذه المعركة الأدبية عندما دافع بكل قوة عن طه حسين عندما تعرض للهجوم الشديد بسبب كتابه "الشعر الجاهلى" وخالف رأى حزب الوفد الذى كان ينتمى له وقتها، بدفاعه عن الكتاب، وتواصل الود بينهما فيما بعد، حتى أن طه حسين أهدى العقاد روايته الرائعة "دعاء الكروان".

توفى أديبنا عملاق الأدب العربى فى 12 مارس 1964 تاركا للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب، غير المقالات العديدة غير المجموعة حتى الآن، ما بين النقد والشعر، والسياسة.

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق