حملت «بلاك ووتر» شركة الأمن الأمريكية العسكرية الخاصة لتجنيد المرتزقة لقب الأكثر شهرة وإجراما وانتشارا حول العالم، بعد أن فاحت سمعتها السيئة وفضائحها لتورطها فى جرائم قتل وتعذيب فى أعقاب الاحتلال الأمريكى للعراق وقيادة عمليات تهريب للأسلحة بل مشاركتها مع وكالة المخابرات الأمريكية «سى آى إيه» فى العديد من عملياتها السرية حتى أصبحت «رأس حربة» تستخدم فى التصدى لأى قتال حول العالم.
فبعد مذبحة «ساحة النسور»الشهيرة عام 2007 فى العراق، والتى راح ضحيتها 17 مدنيا وأصيب ما يزيد على 20 آخرين، ارتبط اسم «بلاك ووتر» بالقتل وإراقة الدماء حتى أصبح مقاولو بلاك ووتر فى بغداد مشهورون بالعدوانية وقيل عنهم أنهم «يستخدمون بنادقهم الآلية مثل أبواق السيارات».
تأسست «بلاك ووتر» ــ التى تتخذ من ولاية كارولينا الشمالية مقرا لها -على يد ضابط البحرية الأمريكى السابق إريك دين برنس عام 1996 الذى ورث عن والده الأفكار اليمينية المتطرفة ، وواصلت الشركة نشاطها بأسماء عدة من بينها «إكس آى» عام 2009 والتى غيرته لـ«أكاديمي» فى 2011 ثم اندمجت مع شركة «تريبل كانوبى» وشركات أمنية أخرى لتشكيل مجموعة «كونستيليس» القابضة التى امتدت أذرعها فى جميع أنحاء العالم، لتقدم خدماتها الأمنية من تدريب وعمليات خاصة إلى الحكومة الأمريكية والأفراد، بالاضافة إلى الدعم اللوجيستى ومهام الحراسة وإنشاء القواعد العسكرية وتأمينها وإعداد الطعام للجيش وإدارة الأسلحة، إلا أنها تجاوزت كل هذه الحدود لتلعب أدوار الجيوش فى ساحات المعارك فلديها أسطول خاص من طائرات الهليكوبتر والمدفعية ووحدة محمولة جوا للتجسس. وفضلا عن مساعدتها للجيش الأمريكى، تستعين بها المخابرات فى عملياتها السرية بالخارج بما فيها الاغتيالات، كما تمتلك أكبر موقع خاص للرماية فى الولايات المتحدة يمتد على مساحة 24 كيلو متر مربع فى ولاية نورث كارولاينا.
وكشف تقرير لصحيفة «الجارديان» البريطانية أن عقود بلاك ووتر الأمنية الدبلوماسية منذ منتصف عام 2004 ، مع وزارة الخارجية وحدها ، بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 750 مليون دولار ، حيث ضمت تكاليف حماية السفير الأمريكى وكبار المسئولين الآخرين فى العراق ووفود الكونجرس؛ بالإضافة إلى تدريب قوات الأمن الأفغانية، كما تم نشرها فى منطقة بحر قزوين الغنية بالنفط، وأقامت مركزًا «للقيادة والسيطرة» على بعد أميال فقط من الحدود الإيرانية.
ومع وصول معدل الدخل اليومى للعاملين فى الشركة إلى1000 دولار، اختلفت تقديرات عدد المتعاقدين مع «بلاك ووتر»حول العالم. ففى العراق، قدرت القيادة المركزية الأمريكية العدد عام 2006بحوالي100 ألف فى حين كشف إحصاء داخلى لوزارة الدفاع أن عددهم بلغ 160 ألفا عام 2007 وهو ما يساوى تقريبًا إجمالى القوات الأمريكية فى ذلك الوقت.
وتحت عنوان «بلاك ووتر: صعود أقوى جيش مرتزقة فى العالم» كشف الكاتب الصحفى الأمريكى جيريمى سكيل عن تاريخ «بلاك ووتر» المظلم ،مؤكدا أن صعودها جاء نتيجة تسريح الجيش الأمريكى فى أعقاب الحرب الباردة وانتشارها المفرط فى العراق وأفغانستان، وكيفية تمتعها بالحصانة القضائية.كما أثار سكيل فكرة أن قيادة «بلاك ووتر» كانت مدفوعة بأيديولوجية يمينية تتواءم مع الجمهوريين.ففى تقرير منفصل، نشرته مجلة «ذا نيشين» الأمريكية بعنوان «جيش بوش فى الظل»، كشف سكيل عن تشابه المعتقدات والأفكار بين «بلاك ووتر» وإدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن والتى كان لها دور فى نجاح الشركة.
رابط دائم: