رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأزمة يتحمل مسئوليتها الجميع..
نقص «الدم» يهـدد حيـاة المرضى

تحقيق ــ رانيا صول
التبرع بالدم [تصوير ــ مصطفى عميرة]

► «التبرع» ثقافة غائبة عن المجتمع رغم أهميتها للمتبرع والمريض

► أطباء: الأزمة دائمة وغير القادرين الأكثر تعرضا لها

► المسئولون:  المشكلة عالمية.. وجائحة كورونا تسببت فى تراجع رصيد البنوك

«قطرة دم» تساوى حياة إنسان.. وكيس دم واحد كفيل بإنقاذ مريض قد يفارق الحياة إن لم يتوافر له فى الوقت المناسب.. هذه العبارات ليست نظرية، لكنها واقع مرير يعانيه الكثير من المرضى وأهاليهم الذين قد يفقدون حياة عزيز عليهم بسبب عدم وجود كيس دم من فصيلته، حيث أصبح التبرع بالدم عملة نادرة، نظرا لتراجع أعداد المتبرعين لعدة أسباب، منها: غياب ثقافة التبرع بالدم وأهميته للمريض والمتبرع، بالإضافة الى

جائحة كورونا التى أدت الى تفاقم هذه الأزمة فى العالم كله وليس بمصر وحدها. فى السطور التالية نناقش أبعاد القضية ونطرح حلول ومقترحات الأطباء والأهالى والمسئولين الذين يجمعون على ضرورة توافر أكياس الدم بكافة فصائلها ببنوك الدم والمستشفيات لما لها من أهمية كبرى للعديد من المرضي، خاصة مرضى الفشل الكلوى ومختلف العمليات الجراحية التى تحتاج لأكياس الدم.

فى البداية يقول الدكتور حسين إبراهيم (الطبيب بأحد المستشفيات الحكومية) إنه برغم الأهمية البالغة لضرورة توافر أكياس الدم، إلا أن القطاع الطبى فى مصر يعيش أزمة دائمة بسبب نقص الكميات المتاحة من أكياس الدم ببنوك الدم الحكومية والخاصة، وهو أمر يرجع للعديد من الأسباب أولها نقص الوعى العام بأهمية تبرع المواطنين بالدم وأهمية ذلك صحيا للمواطن المتبرع، وكذلك للمريض الذى يحتاج لتلك الدماء، إضافة إلى جائحة انتشار فيروس كورونا المستجد التى تسببت فى منع التجمعات التى كانت تعتمد عليها حملات التبرع بالدم.

رحلة المعاناة

ويضيف أن أزمة نقص أكياس الدم من الأزمات التى قد يتعرض لها معظم المواطنين، خاصة أولئك الذين يعتمدون على أكياس الدم المدعمة من الدولة ولا يقدرون على تحمل تكلفتها الباهظة التى تطلبها بعض المستشفيات الخاصة، ومن حين لآخر قد يواجه أى مواطن بشكل مفاجئ احتياجه لأكياس الدم لأحد أفراد أسرته أو أحد أقاربه ، فأحيانا يتوافر لديه ما يحتاجه من أكياس الدم بشكل فوري، وأحيانا أخرى يخوض رحلة من المعاناة فى توفير أكياس الدم خاصة الذين لهم فصائل دم نادرة.

رحلة المعاناة عاشتها السيدة أمل عبدالفتاح (ربة منزل) حينما تعرض زوجها لإجراء عملية قلب مفتوح، حيث وجدت نفسها امام حاجة ملحة لتوفير 4 لترات من أكياس الدم وهو ما لم يكن متوافرا لها فى أحد المستشفيات الخاصة بحلوان، وطالبها المستشفى بتجميع 4 أفراد للتبرع بالدم، وإلا فلن يتم إجراء العملية، وهو ما دفعها للجوء لأهل الخير من المتواجدين فى تلك اللحظة لزيارة مرضاهم الذين قاموا بالفعل بالتبرع بالدم لإنقاذ زوجها المريض، قائلة: لولا أهل الخير الذين وقفوا بجانبى لم أكن أعلم ماذا كنت أفعل لإنقاذ زوجى.

القصة بعينها تعرض لها أيضا أحمد أبو الفضل- نجار - الذى تعرض ابنه لحادث اضطر على إثره للتوجه الى مستشفى العياط المركزى وهناك وجد نفسه أمام ضرورة توفير أكياس الدم بشكل عاجل لإنقاذ ابنه ليفاجأ بأن بنك الدم بالمستشفى لا يمكنه تغطية احتياج ابنه من اكياس الدم، ويحكى أحمد قائلا: شعرت بصدمة حين أخبرنى مسئول بنك الدم بالمستشفى بعدم توافر أكياس الدم اللازمة لابنى وكنت على وشك الانهيار حتى نصحنى أحد العاملين بالمستشفى بالاتصال بالخط الساخن لخدمات الدم الذين وجهونى على الفور الى بنك الدم بالدقي، وهناك اتخذوا الاجراءات اللازمة لتوفير أكياس الدم وقمت باحضار الأكياس بنفسى الى المستشفى للبدء فى عملية جراحية لإنقاذ ابنى.

غياب الرقابة

وترجع سميرة عبد العظيم - ربة منزل - أسباب نقص أكياس الدم الى غياب الرقابة عن بعض المستشفيات والجهات التى تحاول الاتجار بدماء المواطنين وبيعها لهم بأسعار باهظة مما يدفع المواطنين لعدم التبرع بالدم خشية استغلاله بشكل تجاري، وفى أحيان أخرى يحجم بعض المواطنين عن التبرع بالدم نظرا للتعامل غير المناسب من بعض حملات التبرع بالدم مع المواطنين حيث سجل العديد من المواطنين شكاوى مختلفة حول الإلحاح الزائد على المواطنين لدفعم إلى التبرع.

أزمة عالمية

ويؤكد الدكتور محمود حسن، مدير عام خدمات نقل الدم القومية والمشرف على الإدارة العامة لبنوك الدم بوزارة الصحة، أن أزمة نقص أكياس الدم ليست أزمة محلية، ولكنها عالمية تواجه معظم الدول، فالأرقام العالمية للتبرع بالدم تشير الى أن معدلات توافر أكياس الدم تتراوح بين 3و5 % من تعداد السكان أى أن دولة مثل مصر من المفترض أن تجمع حوالى من 3 إلى 5 ملايين كيس دم سنويا، بينما فى الواقع نجد أنه لا يتم تجميع أكثر من مليونى كيس دم سنويا وهو معدل منخفض نسبيا، حتى جاءت أزمة كورونا التى أثرت على معدلات التبرع بالدم على مستوى العالم بسبب الاجراءات الاحترازية التى تمنع التجمعات التى تعتمد عليها حملات تجميع الدم من المواطنين، مثل الجامعات ومجتمعات العمل المختلفة، والتى أصبحت تأخذ اجازات طويلة وتعمل أون لاين بما أثر بشكل عام على تراجع معدلات التبرع بالدم بحوالى 10%.

وقال الدكتور محمود : كما تراجعت معدلات الاحتياج للدم أيضا بسبب تراجع الطلب عليه نسبيا نظرا لانخفاض عدد العمليات الجراحية التى تحتاج للدم بشكل أساسى وذلك بسبب تغيير نشاط العديد من المستشفيات التى تجرى العمليات الجراحية الى مستشفيات عزل مما ساعد ذلك على عدم الشعور بوجود أزمة فى نقص أكياس الدم.

وحول تخوف بعض المواطنين من العدوى بفيروس كورونا عن طريق التبرع بالدم، أكد أن العدوى لا تنتقل بالدم لأن عدوى فيروس كورونا هى عبارة عن عدوى تنفسية ومادام هناك التزام بالاجراءات الاحترازية فلا قلق مطلقا من امكانية حدوث العدوى.

وقال ان لدى وزارة الصحة والسكان قطاعين يختصان بخدمات الدم، أولهما قطاع خدمات نقل الدم القومية وهو عبارة عن 28 مركزا اقليميا على مستوى الجمهورية بواقع مركز بكل محافظة، إضافة الى الادارة العامة لبنوك الدم ولديها حوالى 320 بنك دم على مستوى الجمهورية تقدم خدمات بنك الدم للمواطنين، ولدينا خطة لزيادة التبرع بالدم عن طريق السوشيال ميديا وصفحات الوزارة اعتمادا على الصفحة الرسمية للمتحدث الرسمى للوزارة والصفحة الرسمية لوزير الصحة والصفحة الرسمية لخدمات نقل الدم القومية ويتم من خلالها عمل حملات لحث المواطنين على الاقبال للتبرع بالدم والرد على الأسئلة الشائعة.

مواجهة الاتجار بالدم

وكشف الدكتور محمود حسن عن أنه يتم مواجهة أساليب الاتجار بالدم عن طريق حملات الرقابة الموجهة من وزارة الصحة للمراجعة على أنشطة بنوك الدم، وكذلك فحص الدم وطبيعة تخزينه ووضع لوائح تنظيمية لعملية صرف أكياس الدم تحت اشراف الوزارة، أما بالنسبة لبنوك الدم الخاصة فقد تم إعداد قانون بمجلس النواب وتم وضع اللائحة التنفيذية من خلال مجلس الوزراء لتنظيم عملية تداول الدم وتحديد أسعاره وطرق صرفه للمواطنين لضبط عمليه تداول الدم بين مؤسسات القطاع الخاص، ووضع لائحة تسعير محددة لضمان عدم الاتجار بالدم وبيعه بأسعار أعلى من المحددة من وزارة الصحة.

ونصح الدكتور محمود حسن المواطن قبل التوجه للتبرع بالدم بضرورة الاطلاع على تحقيق شخصية الاخصائى الموجود بالحملة التى يتبرع من خلالها وأن يتأكد من كون رقم لوحة السيارة المخصصة للتبرع بالدم حكوميا لأنه ممنوع على القطاع الخاص جمع الدم، كما يمكن للمواطن الذى يرغب فى التبرع بالدم الاتصال بالخط الساخن للتبرع بالدم وهو 15366 والاستفسار عن أقرب فرع يمكنه التبرع فيه تحت اشراف اطباء من وزارة الصحة.

كما أكد أن جميع المستشفيات الحكومية أصبح لديها مخزون من أكياس الدم يتم توفيرها للعمليات الجراحية وغيرها، وفى حالة احتياج المواطن لأكياس الدم وعدم توافرها بالمستشفيات الحكومية فمن الممكن الاتصال بالخط الساخن الذى يختص بتوفير أكياس الدم للجميع وتوجيهه لأقرب بنك دم بمحافظته، مشيرا الى أنه فى حالة التراخى فى الاستجابة لمطالب المواطنين بتوفير أكياس الدم فيجب على المواطن تقديم شكوى ويتم التعامل معها من قبل وزارة الصحة ومحاسبة المسئولين عن هذا التراخي، وهذا أمر مهم للوقوف على المشاكل التى تواجه الموطنين ويساعد الوزارة على التعامل مع تلك المشاكل وحلها.

وكشف الدكتور محمود حسن عن أن كيس الدم الواحد يكلف الدولة حوالى 1400 جنيه ما بين فحوصات وتحاليل دقيقة يتم من خلالها التأكد من صلاحية استخدام هذا الدم لمواطن آخر، مضيفا أن مصر من الدول القليلة التى تقوم باجراء تلك الفحوصات، حيث إن الكثير من الدول لا تقوم بمثل تلك الاجراءات الدقيقة.

وقال انه فى حالة احتياج المريض لأكياس الدم فيتم منح الدم طبقا للوائح محددة أولها لائحة الدعم المطلق والتى تحدد سعر أكياس الدم بـ 200 جنيه للكيس الواحد بشرط توافر الاشتراطات التى تضعها الوزارة فى هذا الشأن وأهمها أن يكون مقدم الطلب أحد الأقارب من الدرجة الأولى للمواطن الذى يحتاج الدم، أما إذا لم يكن لدى المواطن ما يثبت ذلك فيتم التعامل معه كقطاع خاص ويتم منحه أكياس الدم بسعر 450 جنيها.

وأعرب الدكتور محمود حسن عن شكره لدور الاعلام الواعى الذى يهتم بالسؤال عن الأسباب وفهم القضية بكافة أبعادها وتوصيل المعلومة الصحيحة للجمهور حول قضية التبرع بالدم وحجم الأزمة الموجودة وأسبابها، كما أشار الى أهمية دور الوزارة فى توفير سيارات الدم بكافة المحافظات لتكون قريبة من المواطنين الراغبين فى التبرع بالدم، كما نصح المواطنين بالاقبال على التبرع بالدم كل حوالى 3 أشهر لما فيه من فوائد صحية عديدة، كما أكد أن المواطن الراغب فى التبرع يتم اجراء العديد من الفحوصات الطبيه له للتأكد من سلامته الصحية، كما يتم عمل تحليل لفيروس C و B وغيرها من الفحوصات الطبية التى يستفيد بها المواطن، وهى فحوصات أفضل بكثير مما تقوم به مستشفيات القطاع الخاص، كما طالب المواطنين بالتواصل المستمر مع الوزارة فى حالة وجود أى شكوى أو اقتراح أو استفسار خاص بعملية التبرع بالدم.

فصائل الدم النادرة

من جانبها كشفت الدكتورة ريم جان رئيس بنوك دم المستشفيات الجامعية، أن السبب الرئيسى حاليا فى نقص توافر أكياس الدم يرجع إلى نقص التوعية اللازمة للمواطنين بأهمية التبرع بالدم سواء للمتبرع نفسه أو للمريض، وأشارت الى أن الأمر يتطلب حملات مكثفة لتوعية وتشجيع المواطنين على التبرع، بما فى ذلك توضيح فوائد التبرع للمتبرع، ودور التبرع فى انقاذ حياة مريض قد يكون فيما بعد قريبه أو من أفراد أسرته.

وناشدت الدكتورة ريم أصحاب فصائل الدم النادرة بالاسراع لتسجيل أنفسهم فى بنوك الدم القوميه نظرا لتواجد العديد من المرضى الذين هم فى أمس الحاجة لهذه الفصائل, وأكدت أن هناك العديد من الاجراءات التى تضمن توجيه أكياس الدم لمستحقيها، وهو دور مهم تقوم به اللجنة العليا لبنوك الدم بالمستشفيات الجامعية التى تنظم عمليات نقل الدم بأسعار ثابتة ومحددة .

أولوية الاحتياج الطبي

من جانبها قالت الدكتورة سهام الباز مدير مركز بنك الدم بالهلال الأحمر المصري، أن الهلال الأحمر المصرى لا يعانى أزمة نقص فى أكياس الدم، حيث يتوافر لدى بنك الدم بمنظمة الهلال الأحمر كافة احتياجات المرضى من اكياس الدم المختلفة، ومن جميع الفصائل التى يتم توجيهها طبقا لأولوية الاحتياج الطبى لها، حيث يتم توفير أكياس الدم بشكل رئيسى لأطفال أنيميا البحر المتوسط أو مرضى الهيموفيليا، كما يتم توفير أكياس الدم لاحتياجات جمعيات الغسيل الكلوى بمختلف محافظات الجمهورية وكذلك لمرضى السكر، وما يزيد على احتياج تلك الفئات يتم صرفه للمرضى من الجمهور وفقا للضوابط التى تضعها وزارة الصحة فى هذا الشأن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق