رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شولتس يكشف «وجه برلين الآخر»

مها صلاح الدين
شولتس

رغم توليه مهام منصبه منذ ثلاثة أشهر فقط ، ومراوغته لدى الحديث عن العلاقات الألمانية ــ الروسية، وتصوير نفسه كوريث شرعى لإرث المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، قرر أولاف شولتس، الانقلاب على إرث سابقيه، معلنا عن « نقطة تحول» فى العلاقات بين البلدين. فرغم علاقات برلين المميزة جدا مع موسكو، التى بدأ التدشين لها منذ أواخر الستينات، اعتبر شولتس أنه آن الأوان لانهاء شهر العسل الألمانى–الروسى طويل المدى، بالكشف عن حزمة قرارت جديدة ، اعتبرها المراقبون السياسيون «ثورية» بالنسبة لألمانيا، ومنها وقف خط « نورد ستريم 2»، الذى كانت تنتظر موسكو بدء تشغيله بفارغ الصبر لبدء توريد الغاز الروسى إلى ألمانيا ومنها إلى دول غرب أوروبا، فضلا عن إرسال الأسلحة الألمانية المتقدمة إلى أرض المعركة فى أوكرانيا. الموقف الألمانى كان مفاجئا للجميع ليس فقط لتبنيه من قبل برلين، التى تؤثر السلم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتدافع دوما عن إمكانية التعاون مع موسكو، معتبرة نفسها بوابة أى حوار دبلوماسى محتمل، ولكن أيضا لكون التصريحات جاءت على لسان شولتس نفسه. فالمستشار الألمانى بدا للرأى العام العالمى فى البداية حذرا جدا فى التعامل مع الملف الأوكرانى، رافضا حتى التعليق على الأسئلة المتعلقة بإمكانية معاقبة روسيا عبر بوابة « نورد ستريم»، بل وبعث برسائل تحذيرية لأعضاء حلف شمال الأطلنطى «الناتو» ، لمنع وصول الأسلحة الألمانية الصنع إلى أوكرانيا، مبررا موقفه بأن « ألمانيا لم تعد تدعم فى السنوات الأخيرة قرارات تصدير الأسلحة الفتاكة إلى الخارج». واكتفى بالتعبير عن دعم بلاده لأوكرانيا حينها، من خلال إرسال 5 آلاف خوذة عسكرية لكييف، وتقديم مساعدات طبية بقيمة 5 ملايين دولار. المحللون حينها برروا موقف شولتس على أنه استكمال لمسيرة ميركل، التى دافعت باستماتة عن «نورد ستريم 2» ، رغم ضغوط أمريكا وعقوباتها لوقفه ، واحتراما لجهودها الدبلوماسية النشطة لضمان وقف الحرب فى شرق أوكرانيا، معتبرين أن ذلك هو الموقف الألمانى المعهود من صراعات روسيا الخارجية .

فألمانيا أطلقت سياسة التطبيع مع روسيا منذ أمد بعيد، فى أوج الحرب الباردة، عندما أعلن المستشار الألمانى الأسبق ويلى براندت عام 1969 للمرة الأولى ما أسماه بـ «سياسة الشرق»، متخذا من العبارة الشهيرة «التغيير من خلال التقارب» ، شعارا للمرحلة الجديدة مع الاتحاد السوفيتى حينها. الفكرة مع الوقت تبلورت أكثر لتصبح « التغيير من خلال التجارة»، حيث اعتقد السياسيون الألمان أنه يمكن إحداث تغيير فى الشرق الأوروبى من خلال تعزيز العلاقات التجارية معه، التى ستسمح مع الوقت بغرس القيم والمعتقدات الغربية هناك، حتى وصلت العلاقات التجارية بين البلدين إلى أوجها فى عهد المستشار الألمانى الأسبق جيرهارد شرودر ( 1998 -2005) وأمضى أيامه الأخيرة فى السلطة محاولا تأمين صفقات نورد ستريم.وعمل فى مجلس إدارة الشركات الروسية المسئولة عن المشروع .

ذلك التقارب، وإن كان الهدف منه إحداث التغيير لصالح أوروبا والغرب، جعل ألمانيا مع الوقت أسيرة للغاز الروسى، حيث يفد نحو 55 % من الغاز الذى تستهلكه البلاد من روسيا. كما أصبح يسبب الحرج للمسئولين الألمان ، فيما يتعلق بصراعات موسكو فى المنطقة ، إلى الحد الذى صرح فيه شرورد قبل أيام بأن الحرب فى أوكرانيا سببها أخطاء من الجانبين ، محذرا بلاده والغرب من قطع العلاقات مع روسيا على خلفية الأزمة. فهل ينجح تمرد شولتس حتى النهاية ؟!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق