رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سلاح العقوبات.. السقوط فى شباك الدب الروسى

رشا عبدالوهاب
سلاح العقوبات - سويفت

تجنبت كل من أمريكا وأوروبا الدخول فى صراع عسكرى مباشر مع روسيا بعد عملية دونباس، إلا أنهما استخدمتا، من وجهة نظرهما، سلاحا أقوى لردع روسيا وتدفيعها ثمن الهجوم، عبر حزم قوية وسريعة وغير متوقعة من العقوبات لخنق الاقتصاد الروسى وتجفيف منابع موارده المالية. وتهدف العقوبات من قبل واشنطن وحلفائها إلى الحد من قدرة موسكو على التعامل بالعملات الأجنبية مثل الدولار واليورو، وتجميد أصول الكثير من البنوك الروسية والتى تصل لحوالى تريليون دولار، وحجب هذه البنوك عن نظام «سويفت» للتعاملات البنكية ووقف خط الغاز «نورد ستريم». ولم تقف روسيا مكتوفة الأيدى أمام هذه الإجراءات الأوروبية، بل كانت مستعدة لها، حيث أعلنت عن إجراءات تاريخية لتحقيق الاستقرار المالى ودعم عملتها «الروبل». وفى خطوة غير مسبوقة، أعلن البنك المركزى الروسى رفع سعر الفائدة الرئيسية عند مستوى 20%، وذلك لأول مرة منذ تسجيل البيانات فى سبتمبر 2013. فى غضون أيام قلائل، ساءت الآفاق الاقتصادية العالمية بسبب العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا بينما هزت العقوبات المالية بقوة وبشكل غير متوقع الاقتصاد الروسى، إلا أنها هددت بزيادة التضخم فى كل أنحاء العالم. وارتفعت أسعار البترول والغاز الطبيعى وجميع أنواع السلع الأساسية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن جوليا فريدلاندير مديرة مبادرة فن الحكم الاقتصادى فى مركز أبحاث المجلس الأطلنطى الأمريكى قولها إنها «مقامرة لتبخير الموارد». إن الحرب والعقوبات تسببت فى ضخ جرعة كبيرة من عدم اليقين والمخاطر فى صناعة القرار الاقتصادى، وسلطت الضوء على المخاطر التى تهدد الآفاق الاقتصادية العالمية. وتهدف العقوبات إلى تجنب تعطيل صادرات الطاقة الأساسية التى تعتمد عليها أوروبا بتدفئة المنازل وتشغيل المصانع وملء خزانات السيارات. وأدت المخاوف بشأن نقص الإمدادات إلى ارتفاع أسعار بعض الحبوب والمعادن. وتعد روسيا وأوكرانيا من كبار المصدرين للقمح والذرة، فضلا عن المعادن الأساسية مثل البلاديوم والألومنيوم والنيكل، والتى تستخدم فى صناعة كل شيء من الهواتف المحمولة إلى السيارات. التضخم فى أمريكا يمثل مصدرا للقلق، حيث بلغ أعلى مستوى له منذ ثمانينيات القرن العشرين، والآن تدور الأسئلة حول مقدار الزيادة التى قد يصل إليها التضخم، وكيف يستجيب الاحتياطى الفيدرالى والبنوك المركزية الأخرى، والسيناريوهات المترتبة على ذلك. الاحتياطى الفيدرالى فى وضع حرج حيث بلغ التضخم حوالى 7,5%، وإذا تم رفع نسب الفائدة، فإن من شأن ذلك أن يدمر الأسواق. أما انعكاسات هذه العقوبات على أوروبا، فربما تكون أكبر، فقد وضعت العقوبات الأمن الأوروبى موضع تساؤل، وسط ذعر من نقص حاد فى الطاقة يؤدى إلى تباطؤ اقتصادى. إن الرغبة فى تجنب إغراق حلفاء أمريكاالأوروبيين فى أزمة طاقة وأزمة اقتصادية طاحنة يعنى تجنب فرض عقوبات إضافية على موسكو مثل حظر شحنات الغاز،التى تمثل 40% من الواردات الأوروبية، والنفط الخام (أكثر من ثلث واردات أوروبا)، أو على الأقل تجنب حظر كامل. إن أى اضطراب فى إمدادات الطاقة سيضاعف من أزمة أسعار الغاز المتقلبة فى أوروبا بالفعل، والتى تضاعفت 11 مرة خلال العام الماضى إلى 212 دولارا لكل ميجاوات فى الساعة. ويمكن لروسيا الرد على هذه العقوبات من خلال تقليل عمليات التسليم الفورى لإمدادات الطاقة إلى أوروبا، ويمكن أن تحاول تقسيم أوروبا، المنقسمة أساسا على نفسها، عبر تجنيب ألمانيا المتعطشة للغاز الروسى من العقوبات بينما تقطع الإمدادات عن دول مثل بولندا وليتوانيا الداعمتين بقوة لأوكرانيا. ورغم أن أوروبا نجحت فى تنويع مصادر الطاقة عبر استيراد الغاز المسال من أمريكا وآسيا، إلا أن روسيا تظل أحد المصادر المهمة فى إمداد جيرانها الأوروبيين. العقوبات ليست سلاح جديد يستخدم ضد روسيا، وهو ما جعل المخططين الاقتصاديين للكرملين يستعدون جيدا بـ«صندوق حرب» بقيمة 630 مليار دولار. وهو ما جعل الاقتصاد الروسى محصنا ضد الأزمات، إلا أن ألم العقوبات هذه المرة سيطال الجميع، خصوصا أن الاقتصاد العالمى لم يتعاف بعد من جائحة كورونا.

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق