رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

« دور الكتب» وتأسيس المدنية.. تجربة رمسيس نموذجا

يسرا الشرقاوى;
أحمد لطفى السيد

وفقا للأهرام فى عددها الصادر بتاريخ 7 سبتمبر 1915، وتحت عنوان «مجلس الوزراء: جلسة الثلاثاء الماضي»، جاء ما يلى: «أقر مجلس الوزراء فى اجتماعه يوم الثلاثاء الماضى ما يلى: » تعيين صاحب العزة أحمد لطفى السيد بك رئيس نيابة محكمة بنى سويف الأهلية مديرا لدار الكتب السلطانية بالدرجة التى راتبها من 600 إلى 800 ج.م (سنويا) وإعطاؤه أول راتبها الآن». وكانت «الأهرام» قد أشارت إلى أن أحمد لطفى السيد سوف يخلف المدير الألمانى لدار الكتب، والذى ترك منصبه إثر نشوب الحرب، فى إشارة إلى الحرب العالمية الأولى ( 1914-1918).

واستغل أحمد لطفى السيد منصبه، الذى تركه من أجل الكفاح الوطنى مع الوفد المصرى عام 1918 ليعود إليه مجددا حتى منتصف العشرينيات، خير استغلال فى ترجمة أمهات الثقافة الغربية إلى اللغة العربية، وفى الكتابة الصحفية متناولا شتى القضايا الثقافية والاجتماعية. فمقالاته بالأهرام مطلع القرن العشرين، تتناول سيرة وتأثير الأديب الإنجليزى الشهير شكسبير، وكذلك التجربة الفكرية الرائدة لقاسم أمين. ونتوقف عند مقاله المنشور بتاريخ 7 نوفمبر 1924، بعنوان: «دور الكتب الحديثة وأثرها فى تكوين الشعوب»، ومما جاء فيه:

«حضرة صاحب الأهرام، طلعت علينا (الأهرام) الوضاءة أمس بمقال بديع لحضرة محمد أفندى رضا أمين مكتبة الجامعة المصرية زف البشرى فيه للأمة المصرية بقرب افتتاح المكتبة للجمهور وآثر أن تكرر آيات الحمد للقائمين بالأمر فى هذه البلاد السعيدة .. دور الكتب والمدنية صنوان لا يفترقان فإذا ما وجدت المدنية، وجدت دور الكتب، وإذا ما كانت المدنية فى مهدها، كانت كذلك دور الكتب فى مهدها. وإذا نشطت المدنية شوطا، خطت دور الكتب معها هذا الشوط، فدور الكتب والمدنية فرسا رهان، لا يمكن أن يسبق أحدهما الآخر وإن سبقه فهو دائب فى لحاقه.

أشرقت شمس المدنية القديمة على الاشوريين، فكانت دور الكتب أيضا ابتدأت طلائعها تدب على سطح المعمورة. وعزز كلامنا هذا ما نراه فى خرائب بابل من الآجر المنقوش بالطقوس الدينية والحكم الغالية. وانتقلت المدنية إلى المصريين القدماء أجدادنا البواسل، فكانت دور الكتب حليفة لهذا النقل، وحسبك أن ترى «رمسيس» قد انبرى لجمع كل ما وصلت إليه يداه فى فتوحاته العظيمة من الكتب ووضعها فى داره العامرة.يزعم التاريخ أن رمسيس هذا هو أول من أسس دور الكتب الخاصة فى التاريخ، ولعمر الحق هذا الزعم حق، وإلا فأى بلاد كانت تختال فى ثوب المدنية القشيب غير بلاد رمسيس. فإن كانت بلادنا سميت بحق أم المدنيات، فإنما هذا القول ليس من الأقوال التى تلقى على عواهنها...»

ويكمل «أستاذ الجيل»: فلنلق نظرة إجمالية، على بلاد رمسيس، على بلادنا العزيزة الغالية، يوم ألقت المدنية فيها عصاها،.. إذا كانت القاعدة المنظمة تقول إن الناس على دين ملوكهم، وأن الملك إن هو إلا مرآة لشعبه، فكيف بالشعب المصرى القديم أن يترك سنة ملكه فى جمع الكتب وتخزينها، نلقى نظرة على الكهنة وعلى كبار رجال العلم فى ذلك الوقت، فنرى أن فى كل دير من أديرتهم للكتب نصيبا، وننظر إلى الحكماء فترى حكمهم قد حملها التاريخ على ورق البردى فكانت لنا اليوم نبراسا، نهتدى بنوره إذا حل ليل الشك القاتم. فإذن قد دخل فى روعك أيها القارئ الكريم ما كانت عليه بلادنا العزيزة منذ نيف وأربعين قرنا....»

ثم ينتقل أحمد لطفى السيد إلى التجربة اليونانية ويربطها بالحضارة المصرية القديمة، كاتبا: «رحل اليونانيون وعلى رأسهم أفلاطون وسولون وفيثاغورث، إلى بلادنا إلى جامعة عين شمس أكبر جامعة فى العالم .. فنهلوا منها موردا عذبا وماء غير آسن، ورجعوا مغتبطين إلى بلادهم أغنياء الرءوس من علم المصريين. وأنظمتهم وأحوالهم الأدبية والسياسية والاجتماعية،.. وغربت شمس المدنية فى بلادها، على أن تتحول إليهم وتشرق على ربوعها. فكانت دور الكتب معها جنبا لجنب وصفا لصف وهناك استطعنا أن نرى أول مكتبة عامة فى العالم قبل الميلاد بنحو ستمائة عام ساقت حكومات اليونان الشعب جزافا إلى هذه الساحة الكريمة، فانكب الأفراد من الأمة لا يحصيها العد على دور الكتب العامة، وآثرت أن تتلقى العلم من أفواه الحكماء فى أسفارهم على أن تحضر معهم فى دروسهم... كانت المطابع معدومة، كانت وسائل النشر قليلة، وكانت الأمم ساذجة لم تصل إلى المدنية التى وصلنا لها، ولكنها كانت نزاعة إلى المجد طامحة إلى العلم دائبة على نشره بين كل الطبقات، لا فرق بين ريفى وحضرى ولا فرق بين اسبطرى وآثيني. ولو أنهم زرعوا بدل ذلك نباتا غير هذا لما جنوا إلا الشوك ولما وصلت حلقات مدنيتهم إلينا اليوم ولما مكث كتاب الجمهورية لأفلاطون يكيد للزمن ويفتخر عليه ويقول له بقيت خالدا طوال هذه الأجيال بالرغم من بطشك وجبروتك.

ألا ترى معى أن مثل هذا الكتاب لم يصل إلينا إلا بواسطة دور الكتب وإنها كانت الشغل الشاغل لكل من حدثته نفسه أن يخرج من البربرية إلى حظيرة المدنية المقدسة. ولو وعدتنى أن تصغى إلى فى بقية كلامى المقبل لآتيناك بالعجب العجاب...

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق