رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رحلات الحجاج صنعت حضارتها..
القصير.. نظرة على خبيئة «مدينة الأولياء»

البحر الأحمر ــ عرفات على
قبة تزين أحد الأضرحة المقاومة للزمن

لعبت رحلات الحجاج التى كانت تمر قديما بمدينة القصير العريقة بمحافظة البحر الأحمر دورا تاريخيا فى تشكيل تاريخ وحضارة المدينة، واطلاع أهلها على ثقافات ومعارف متنوعة، كما أنها تركت وراءها آثارا مادية لا يمكن أن تتجاوزها العين، بمجموعة من «الأضرحة» التى قامت تقديرا لأقطاب الدعوة إلى الله الذين ساقتهم الأقدار ليقضوا ساعاتهم الأخيرة على أراضى القصير، إثر وفاتهم بها وعدم اكتمال رحلتهم إلى الأراضى المقدسة.

شهدت «القصير»، على مدار تاريخها، مرور العديد من رحلات الحجاج التى كانت تأتى قديما من بلاد المغرب العربى، والأندلس، وغرب إفريقيا. فقد كانت «القصير» بحكم موقعها الجغرافى، محطة لتجمع الحجاج، تمهيدا لإبحارهم فى اتجاه الأراضى الحجازية أو سفرهم إليها برا.

يحكى الباحث طه حسين الجوهرى، أحد أبناء «القصير»، كيف أن رحلات الحجاج عبر «القصير» خلفت وراءها الكثير من الآثار الدينية والعلمية والثقافية والاجتماعية. ومن أبرز تلك الآثار، ظهور العديد من الأضرحة والمقامات للعلماء والشيوخ الذين قضوا نحبهم أثناء مرورهم بـ«القصير». وكذلك إقامة المشاهد فى أماكن مجالس العلم، التى كانوا يقيمونها لتعليم الحجاج فقه ومناسك الحج والعمرة.

وكذلك تبقى آثار «الزوايا» التى كانت تنتشر لاستقبال الحجاج المارين مجانا. فقد كانت الزوايا تهتم بتقديم خدمات الإقامة والطعام، وذلك كله مجانا، وحتى يحين موعد مغادرتهم.

يفسر ذلك احتضان «القصير» نحو 20 ضريحا، اغلب أصحابها ليسوا من المصريين. وكان عدد الأضرحة يتجاوز رقم العشرين، ولكن قدوم الحملة الفرنسية نهاية القرن التاسع عشر، كان وراء إزالة عدد كبير منها، وخاصة ما كان منها بجوار موقع «القلعة العثمانية». ومن بين أشهر الأضرحة التى قاومت الزمن وبقيت شاهدة على ما كان، أضرحة «الشيخ عبدالله الهندى»، و«الشيخ عبدالغفار اليمانى»، و«الشيخ عبدالعال»، و«الشيخ جهاد» فى الطريق الواصل بين القصير وقفط. وهناك أضرحة لـ «الشيخ الزيلعى» من مدينة زيلع بالصومال، وضريح «الشيخ الفاسى»، نسبة إلى مدينة فاس فى مراكش. وضريح «الشيخ التكرورى» من تكرور بمالى، وغيرهم الكثير. وقد قام بتوثيق هذه الأضرحة كارل بنيامين كول ونسجر، الطبيب الألمانى وأحد أشهر الرحالة الأجانب الذين اهتموا بتراث المنطقة. وكان ونسجر قد زار «القصير» عام 1875، ليرسم ويدرج الأضرحة بها على خريطة تاريخية. ومازالت هذه الأضرحة تشكل مكونا أساسيا من ثقافة واهتمام أهل «القصير». ففى طقس فريد يندر تكراره فى مدن أو محافظات أخرى، يلتزم أهل «القصير» فى يوم النصف من شعبان سنويا، وفى صبيحة عيد الفطر المبارك، بتنظيم احتفالية خاصة تقوم على استخدام المحامل أو ما يسمونها التوابيت. فيتم تصميم تابوت لكل شيخ من شيوخ الأضرحة، ويوضع على سنم الجمل. فتخرج التوابيت مجتمعة، وخلفها المئات من أبناء المدينة لتطوف بالمدينة. وتظل هذه الاحتفالية ممتدة من أول اليوم حتى نهايته.ويقال إن الأجيال القديمة كانت تطلق على «القصير» مدينة الأولياء أو مدينة الـ 44 قطبا لكثرة المقامات بها.

وتتسم أضرحة القصير بميزة إضافية لا تتكرر فى غيرها من المدن المصرية، فهى تحمل أسماء أصحابها، سواء دفنوا بها، أو كان لهم دروس ومجالس علم بها. كما يوجد عدد من النقوش والكتابات على مبانيها التى تقام على شكل «مربع» طول ضلعه من أربعة إلى خمسة أمتار، ومغطاة بالقباب المبنية بالطوب البارز والغائر، مما يعطيها شكلا مميزا.

كما أن صمود هذه القباب طوال تلك الفترة الزمنية رغم ما يمر على «القصير» من ظروف مناخية قاسية يعد أعجوبة. فأغلب هذه القباب والأضرحة شيدت من الطوب اللبن، ومواد وأدوات بناء بسيطة وبدائية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق