احتفل العالم فى 11 فبراير الحالى باليوم العالمى للمرأة والفتاة فى ميدان العلوم، وهو التاريخ الذى حددته منظمة الأمم المتحدة لتجديد دعوة العالم إلى تعزيز مشاركة الفتيات والنساء فى مجالات العلوم، وتوفير بيئة تتسم بالمساواة وإنهاء ما تعانيه المرأة من تمييز.
إنجى إبراهيم عبدالله - سارة إيهاب عبدالقادر
ولدعم المرأة فى مجال العلم أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، بالتعاون مع إحدى شركات التجميل العالمية، برنامج "يونسكو من أجل المرأة فى العلم"، الذى يقدم منحا لدعم الباحثات حول العالم. ومنذ انطلاقه عام 2010، دعم البرنامج ١٦٠ باحثة بالمنطقة العربية، منهن ٢٨ باحثة مصرية، وتعتمد لجنة تحكيم البرنامج على عدة معايير، منها نوعية وجدوى مشروع البحث، والطبيعة المبتكرة له، بالإضافة لقدرة الباحثة على التواصل مع الأجيال الأصغر سنا من أجل تعزيز العلوم وتشجيع الشابات على البحث العلمى. وتقدم المنحة 10 آلاف يورو للفائزات فى مرحلة ما بعد الدكتوراه، و6 آلاف يورو لمرحلة الدكتوراه بهدف تمكينهن من تطوير بحوثهن.
وكان لـ «الأهرام» لقاء مع الباحثات المصريات اللاتى فزن بمنحة هذا العام، وكانت البداية مع الدكتورة إنجى إبراهيم عبد الله، المدرس بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، والتى كرست دراستها للبحث عن علاجات جديدة لمرضى سرطان الثدى، خاصة اللاتى يعانين من طفرات جينية تقلل من فعالية بعض العلاجات.
اختيار إنجى جاء من معايشتها الكثير من التجارب الشخصية مع بعض معارفها المصابات بالسرطان، كما أنه يعكس رغبتها فى دعم رؤية مصر 2030، والتى تقوم فى إحدى ركائزها فى مجال الصحة العامة على مكافحة سرطان الثدى.
تحدثت إنجى أيضا عن التحديات التى تواجه البحث العلمى بشكل عام، ومنها التكلفة المرتفعة والبحث الدائم عن موارد للتمويل، وكذلك عدم توافر بعض الأجهزة. ولكنها أشارت أيضا إلى تحسن تلك الأوضاع فى الأعوام القليلة الماضية، بتوافر عدة فرص ومنح ومشاريع حكومية وعالمية.
ثم انتقلت للتحديات الخاصة بالنساء فى مجال العلم، وأهمها المساواة فى الفرص، بحيث لا يتم التقييم عند الترشح لمسئولية أو منصب أو مشروع بحثى على أساس النوع، ولكن على أساس ما يجب مراعاته من حيث الأداء. وتقول:" يستبعد البعض النساء من قيادة المشاريع البحثية لاعتقاده عدم قدرتهن على تحمل المسئولية أو إمكانية تخليهن عنها لأسباب شخصية. وهذه نظرة غير صحيحة لأن الواقع يثبت العكس ، فالمرأة تنهى أى مهمة توكل إليها على أكمل وجه. وهذا فى جميع المجالات وليس البحث العلمى فقط. وتنصح إنجى الفتيات، وتحديدا صاحبات الشغف بمجال البحث العلمى ألا يصغين لأى أقوال تثبط من عزيمتهن، وأن يعلمن أن التحديات تمثل دائما فرصا جديدة للنجاح.
وتتفق معها ايرين سامى فهيم، أستاذ مساعد الهندسة الصناعية بجامعة النيل، والتى أكدت ضرورة توعية الفتيات فى سن مبكرة بالتحديات التى سوف تواجههن فى رحلة البحث العلمى. وقالت إن المسابقات العالمية التى تكرم الباحثات تعد إحدى صور الدعم التى تمد الشباب بنماذج للنجاح، ما يسهم فى تشجيعهن على عدم التراجع، ويعلمن أنه بالالتزام والاجتهاد سوف يحققن أحلامهن، ويخدمن مجتمعهن بصورة مختلفة.
وذلك تحديدا ما سعت إليه ايرين بأبحاثها فى مجال تدوير المخلفات، حيث تناول بحثها الفائز فكرة تصنيع أدوات مائدة من مخلفات قصب السكر، والتى تعد بديلا أرخص وأفضل من الأدوات المصنوعة من مادة "الفوم"، كون الأخير عبارة عن بلاستيك مصنع وضار بالبيئة. وتوفر منظومة التصنيع التى استحدثتها إيرين ٥٠ ٪ من الموارد المائية و٩٠ ٪ من موارد الطاقة التى تستخدم فى حالات التصنيع الاعتيادية. وذلك من شأنه تحقيق عائد اقتصادى كبير، ويجعل مصر دولة مصدرة بهذا المجال، بالإضافة لكونه بحثا يستهدف تدوير المخلفات، والحفاظ على البيئة، بما يتفق مع توجهات الدولة المصرية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولم تختلف توجهات سارة ايهاب عبد القادر البحثية عن إنجى وإيرين، فبحثها أيضا يهتم بالاستخدام الأمثل للمياه. فهى باحثة متخصصة فى معهد الصحة العامة وعلم البيئة البشرية بالجامعة الأمريكية. ويتناول بحثها الفائز طرق معالجة مياه الصرف الزراعى لإعادة استخدامها فى الرى بدون الحاجة إلى خلطها مرة أخرى بمياه صالحة.
وتوضح قائلة:" تشكل مياه المصارف الزراعية تهديدا للأراضى، وفى الوقت ذاته، دخلت مصر مرحلة الفقر المائى، و٨٠٪ من المياه المستخدمة توجه إلى الزراعة. وبناء على هذه العناصر كلها فإن بحثى يعالج مشكلة مهمة، ويحقق توفيرا فى استهلاك المياه".
واتفقت سارة على أنه بخلاف أزمة التمويل، فإن من أهم التحديات الأساسية ما يتمثل فى حاجة الباحثين للتواصل مع الجهات التنفيذية لتستفيد مما يقدمه البحث العلمى من حلول للكثير من التحديات وتقول:" يحتاج الباحث لفرص حقيقية ليتم تنفيذ دراسته على أرض الواقع، بخاصة أن العديد من الأبحاث تتضمن دراسات حول الجدوى الاقتصادية".
وأشارت أيضا إلى ضرورة التوعية بدور الفتيات فى البحث العلمى وأنهن سواسية مع الرجال، ويستطعن تقديم الكثير فى هذا المجال وتقول:" مازال البعض يندهش من وجود فتاة فى منطقة زراعية أو صناعية تجمع عينات لإجراء بحث. ومازال البعض لديه تلك الفكرة المتأصلة وهى أن البحث العلمى مجال صعب، ولماذا تهلك البنات أنفسهن فيه. فتلك النظرة المزعجة بشكل أو بآخر قد تدفع بعض الفتيات لترك المجال".
وهنا تطالب سارة بضرورة دعم الدولة للباحثة العاملة والباحثة الأم من خلال إصدار قرارات أو قوانين تعطيها الحق فى مواعيد عمل مرنة تتيح لها أداء تلك الأدوار المتعددة.
رابط دائم: