-
م. محمود محرز: نقل ٥٥ مصنع غراء خلال ٣شهور.. و١٠٠٨ شقق بمدينة بدر للعاملين
-
إنشاء مصنع لإنتاج «الجيلاتين الحلال» بخبرة ألمانية وتكلفة مليار جنيه
-
طرح ١٠٠ مصنع لإنتاج الملابس والأحذية للمستثمرين خلال فبراير الحالى
تعد صناعة الجلود حاليا فى قمة تطورها، وبالأخص بعد بدء التشغيل الفعلى لمدينة الروبيكى للجلود. وتمتد المدينة على مساحة 506 أفدنة، وتقع فى نطاق مدينة بدر. وقد تم اختيار الموقع كأفضل منطقة تداول لوجيستيات، حيث تبعد عن الطريق الأوسطى 25 كيلو متراً، وبين ميناءى السويس والعين السخنة - كميناءى تصدير - مجرد ساعة وربع الساعة وبين الدائرى الإقليمى المتجه للإسكندرية ساعتين، بينما تبعد عن ميناءى دمياط وبورسعيد على طريق 30 يونيو.. 75 دقيقة. وجميعها عوامل تضافرت لزيادة الاستثمار، وتنشيط حركة التجارة والصادرات.
«الأهرام» انطلقت فى جولة ميدانية داخل مدينة الروبيكي، للوقوف على مراحل المدينة الصناعية، التى صارت محط أنظار العالم. والطريق من وسط المدينة حتى الروبيكي، يمتاز بالسلاسة والانسياب، بدءا من التحرير وطريق صلاح سالم، مرورا بمدن العبور والمستقبل والشروق على طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، ثم طريق جنيفة الذى تم تطويره، ليسهل الحركة المرورية لمدينة الروبيكى ومدينة بدر.
وهناك قابلنا المهندس محمود محرز، رئيس مجلس الإدارة، والعضو المنتدب لشركة القاهرة للاستثمار والتطوير الصناعى والعمرانى لمدينة الروبيكى للجلود، الذى قال إن: قطاع صناعة الجلود من القطاعات المهمة، وكان يتركز داخل منطقة كتلة سكنية رأسية وليست أفقية، مما يهدر إنتاجية العامل لأكثر من 30%، نتيجة انتقال العامل بين الأدوار. وقد أقيمت المدينة على ثلاث مراحل، الأولى مخصصة للمدابغ، والثانية للاستثمار الصناعي، والثالثة لصناعة المنتجات الجلدية. كما تم تخصيص 283 فداناً لمنطقة محطات المياه والصرف الصحى والصناعي، وتم تخصيص 830 فداناً غابات شجرية، لاستيعاب المياه المتصرفة من المحطات لإنتاج الأخشاب، لتكون مدينة خضراء. وبالرغم من أن المدينة قد تأسست عام 2005، غير أنها لم تفعل لعدم اهتمام الدولة آنذاك باستكمال البنية والمرافق بها، شأنها شأن المناطق الصناعية التى اندثرت قبل 2013، لكن بفكر وتوجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، نحو رفع الناتج القومى والإسراع فى النمو الاقتصادي، والتنمية فى جميع القطاعات الصناعية فى الدولة، إلى جانب توفير فرص عمل للشباب لسد الفجوة بين الإنتاج والاحتياجات، لذا كان القرار بالانتقال من مجرى العيون لمدينة الروبيكي. كما أن الدولة تحملت تكلفة النقل، حيث اعتماد 100مليون جنيه لدعم المصانع، من أجل الارتقاء بهذه الصناعة المهمة.
المرحلة الأولى
جميع المدابغ بمنطقة مجرى العيون، التى كانت مقامة على مساحة 80 فداناً، انتقلت لمدينة الروبيكى على مساحة 214 فداناً، وجميعها على مسطحات أفقية، حيث إن المصنع الذى كانت تبلغ مساحته 500 متر مربع، على 5 أدوار بمجرى العيون، انتقل لمدينة الروبيكى على مساحة 2500 متر مربع على أحدث النظم والأساليب الحديثة.
وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولي، حيث تم تشغيل 213 مصنعاً لعدد 197مستثمراً، منهم 152 مصنع دباغة و25مصنع تداول كيماويات للدباغة، و15 مخزنا للجلود كمادة خام للتداول، وباقى المنشآت ورش صيانة.
وفى المرحلة الثانية، سيتم نقل 55 مصنعاً للغراء بمجرى العيون إلى مدينة الروبيكي، بمسطحات إنتاجية 23ألف متر مربع على مساحة 18 فداناً، بتكلفة 217 مليون جنيه. وقد تم اعتماد 70 مليون جنيه للفرش والانتقال، كما سيستفيد 101 مستثمر صغير للدباغة، بمسطحات إنتاجية 32 ألف متر مربع على مساحة 22فدانا بتكلفة 300 مليون جنيه، وسيتم الانتقال والتشغيل خلال 3 شهور، حسب توجيهات الرئيس.
والمتبقى من المرحلة الثانية، 69 فدانا تم تخصيصها مناطق للاستثمار فى الصناعات المختلفة، لخدمة صناعة الجلود العريقة، حيث تعاقدت كبرى شركات الجيلاتين الطبى والغذائى الألمانية مع شركة القاهرة، لإقامة مصنع بتكلفة مليار جنيه، وعلى مساحة 50 ألف متر مربع، لإنتاج وتصدير الجيلاتين الحلال، كما تتضمن المرحلة الثانية إقامة عدد من الصناعات الكيمياوية، ومصانع لمنتجات الجلود.
منطقة 100مصنع
ويستطرد المهندس محرز حديثه، قائلا إن: صادرات مصر من المنتجات الجلدية، تبلغ ملياراً و450 مليون جنيه، وصادرات الجلد المدبوغ والمادة الخام، تبلغ ملياراً و350 مليون جنيه دون القيمة المضافة. وفى الوقت نفسه، نستورد 70% - 80% من احتياجاتنا من المنتجات الجلدية بقيمة 350-400 مليون دولار، أى ما يعادل 5مليارات جنيه. هذه المعادلة تم عرضها على القيادة السياسية، التى رأت ضرورة العمل على تنمية صناعة الجلود، وإيجاد بيئة مواتية صناعية للمنتجات النهائية، تتواكب مع التصميمات العالمية، كما يحدث فى دولة فيتنام، حيث تخرج منها كل الماركات العالمية، لذا كان التكليف الثانى من الرئيس السيسي، بإنشاء بيئة مواتية لصناعة المنتجات الجلدية، حيث تم إنشاء منطقة 100 مصنع بالمرحلة الثالثة، بتكلفة 2.9 مليار جنيه، حيث تم تصميمها على أحدث الطرز العالمية، لإنتاج الأحذية والشنط المدرسية، والملابس الجلدية بأحدث التصميمات العالمية، والمساحات الإنتاجية لهذه المصانع تبلغ 200 ألف متر مربع، بالإضافة إلى أنها منطقة مكتملة الخدمات، بها مركز للديزاين خاص بهذه المصانع، ومركز تكنولوجى سيتم تجهيزه بالمعدات الحديثة لتخريج العمالة المطلوبة، لتتوازى مع الماكينات الحديثة والتصميمات العالمية، كما سيقوم المركز باحتضان صغار المستثمرين من الشباب، بعمل دراسات الجدوى وتمويل المعدات اللازمة لإقامة المصانع الصغيرة، كما تتضمن منطقة الـ100 مصنع، مولاً تجارياً على مساحة 15ألف متر مربع لبيع منتجات المصانع، بالإضافة إلى منطقة خدمات ومنطقة إدارية. وسيتم طرح الـ100 مصنع للمستثمرين خلال شهر فبراير الجاري، وقد تمت إقامة محطة صرف لاستيعاب التوسعات بتكلفة تقديرية تعادل 1.6مليار جنيه.
ويؤكد محرز أنه توجد 17ألفاً و600 ورشة عشوائية فى مصر، تستحوذ منطقتا الموسكى وباب الشعرية على 13 ألفاً و300 ورشة للمنتجات النهائية من أحذية وأحزمة، لذا كان التكليف من الرئيس السيسى بتخصيص 800 فدان بجانب مدينة الروبيكى لإنشاء مصانع وورش لنقل هذه العشوائيات، لتكون المدينة مكتملة الأركان. وقد تم تخصيص 1008شقق بمدينة بدر للعمال بمدينة الروبيكي، الذين انتقلوا من مجرى العيون، وسيتم فتح باب الحجز للسكن، لاستيعاب كل العمالة بالمدينة.
> المصانع استوعبت عمالة أكثر من مجرى العيون
مدينة عالمية
وقد تم تصميم مدينة الروبيكى من جانب أكبر شركات تصميم مدن الجلود فى إيطاليا، وذلك بمنحة إيطالية ويغلب اللون الأخضر والأزرق على المدينة بالمرحلة الأولى الخاصة بالدباغة.
ويقول مصطفى حسين، رئيس مجلس أمناء مدينة الروبيكي، ونائب رئيس غرفة دباغة الجلود، انتقلت من مجرى العيون للروبيكى عام 2017، حيث ساعدتنا الدولة فى الانتقال، وقدمت لنا قروضا مخفضة ساعدتنا فى إضافة التكنولوجياً الحديثة، حيث تسلمت مصنعاً بمساحة 550 مترا مربعا، فى حين كانت المساحة بمجرى العيون 300 متر على مسطح رأسي، مما كان يهدر من إنتاجية العمال، وعدم وجود صرف صحى وصناعى كان يهدر من الإنتاج نفسه. كما كنا نعانى الانقطاع المستمر للماء والكهرباء، أما فى الروبيكى فقد حدثت وفرة فى العمالة بنسبة 40%، والطاقة الإنتاجية فى مجرى العيون كانت 400 ألف قدم، تضاعفت حاليا لتصل إلى 600 ألف قدم، ونحن الآن فى طريقنا لتصل إلى 950 ألف قدم.
وأضاف: تواجهنا العديد من العقبات، أهمها ارتفاع التكلفة حيث يصل سعر الكهرباء إلى 4.65 جنيه، والماء إلى 4.5 جنيه، مما يزيد من تكلفة المنتج، وهذا ما يبعدنا عن منافسة العديد من الأسواق الخارجية، مثل باكستان وبنجلاديش وروسيا. كما أن 90% من العمال ما زالوا يقطنون بالقرب من مجرى العيون، لذا يتم دفع 60 ألف جنيه شهريا لتوفير وسائل الانتقال، كما أن هناك مشكلة تواجه الكثيرين، وهى عدم وجود سوق محلية لتوزيع الجلود وتصنيعها.
مراحل الدباغة
وعلى ماكينة الفاكيوم يقف محمود منتظرا الجلود بعد تسويتها وشفط المياه منها، ليتسلمها سعيد محمد حيث يقف ممسكا شفرة حلاقة ومسناً، وأمامه قطع من الجلود يقوم بإزالة الزوائد منها، ويقول أعمل فى هذه المهنة وأنا فى السادسة من عمري، وكنا نعانى كثيرا خلال عملنا بمجرى العيون، فالمكان لم يكن مؤهلا لهذه الصناعة المهمة، حيث كنت أتنقل ما بين الأدوار لاستكمال عملية الدباغة، وكنا نعانى كثيرا من نقل الجلود، حيث إن المكان لم يكن مؤهلا لدخول السيارة.
وتمر عملية الدباغة بمراحل عدة، قبل أن يصل المنتج للأسواق، كما يقول إبراهيم أحمد مدير الإنتاج، حيث تسلٌّم الجلد وفرزه لتحديد نوعه وحجمه، ثم تمليحه إذا كان غير مملح وغسله بالماء، لإزالة الأوساخ والأملاح، لتعود القطعة طازجة سهلة التعامل معها، وتسمى مرحلة «التحليب»، وتستغرق هذه العملية من 16-18 ساعة، ثم تبدأ مرحلة إضافة الجير ومادة «الأكزة» لإزالة الشعر من الجلد، وكل هذه المراحل تتم فى البراميل. ويقاس حجم المدبغة بعدد وأحجام البراميل الموجودة بها، فمنها الكبير والصغير، ومنها السريع والبطىء.
وعن الفرق بين مجرى العيون والروبيكى فهو الفرق بين السماء والأرض كما يؤكد إبراهيم حيث كان المكان بمجرى العيون غير صحى وضارا بالبيئة وكنا نعانى عند قدوم بضاعة حملها على ظهورنا حيث لا يستطيع الكونتنر دخول المصنع فيحملها العمال لكن المصنع بالروبيكى على مسطح أفقى وقد تم تأسيسه بالشكل العلمى الصحيح فهناك أماكن خاصة لدخول سيارات النقل كما أن بالمصنع سيارات صغيرة خاصة لنقل الجلود خلال مراحل الدباغة.
مشكلات تم حلها
الانقطاع المستمر للمياه، وعدم وجود محطات للصرف الصناعي، وتسرب الصرف الصحى، كانت من المشكلات التى تسبب المعاناة للعمال والمصانع فى مجرى العيون، لكن فى المدينة الجديدة يتم الإبلاغ بوقت كاف بأى عمليات للصيانة أو انقطاع للمياه لاتخاذ اللازم.. كل هذه العوامل أدت لزيادة الإنتاج بنسبة 70% عن مجرى العيون.
سيد أحمد أحد العمال، يقف أمام برميل يراقب عملية دباغة الجلود، بدءا من عملية التحليب، وإضافة المواد الكيميائية شديدة الخطورة.
ويلتقط الحديث محمد خميس، الذى يقول إنه بعد خروج الجلد من البرميل، يتم عمل PH.. أى ضبط درجة الحموضة والقلوية للجلد، حتى يصل لدرجة 3.5، ليكون الجلد مستعداً للصباغة، ووضع اللون المطلوب.
ويضيف زميله محمد، أشعر بسعادة غامرة لوجودى بهذه المدينة العالمية، التى أصبحت محط أنظار العالم، ولكن ما زلنا نعانى يوميا بعد المسافة من دار السلام للروبيكي، وهى مشكلة تواجه العمالة بالمدينة، وننتظر توفير مساكن لنا بمدينة بدر، كما وعدتنا الحكومة عند الانتقال.
«الانتقال بالنسبة لنا كان حلماً» ، هكذا قال أحمد عبد المقصود وشقيقه عادل من صغار المستثمرين، وكانوا من أوائل من انتقلوا للروبيكي. ويقول عادل شعرنا بآدميتنا، فقد كنا بمجرى العيون لا يشعر بنا أى مسئول، وعانينا كثيرا من الإهمال إلى أن انتقلنا للروبيكي، حيث زادت العمالة من 30 إلى 60 عاملاً، وذلك بسبب زيادة المساحة الأفقية، التى ساعدت على توفير الوقت، وزيادة الإنتاجية.
وعلى الرغم من زيادة الإنتاج بعد الانتقال للروبيكي، فإننا نواجه التكلفة الكبيرة فى أسعار المياه والكهرباء ومشكلة نقل العمال، مما يؤدى إلى زيادة أسعار الجلود.
«هنا نظافة لكن المشوار طويل»، تلك كانت جملة استوقفتنى عند الحديث مع هانى محمد، الذى يقف على ماكينة إلكترونية، وأمامه مئات من «الطريحة».. أى الجلود، وهى مرحلة خاصة بصناعة بطانة «فرش» الأحذية، حيث ينتج 350 قطعة يوميا. ويقول عارضنا كثيرا عند الانتقال للروبيكى لبعد المسافة التى نقطعها يوميا، حيث نستغرق ساعتين ونصف الساعة ذهاباً وعودة يوميا، أى 5 ساعات يوميا فى المواصلات!، وما زلنا ننتظر توفير شقق خاصة بنا بمدينة بدر.
وفى منطقة الـ100 مصنع، شاهدنا المساحات الخضراء تحتل مساحة كبيرة بين المصانع، وقد تم طلاء المصانع باللون الرمادي، ولكنها تختلف فى المساحات، فأكبرها 4000 متر مربع، وأصغرها 128 متراً مربعاً. وتتميز الأرضية فيها بأنها مصممة ضد الاحتكاك والحرارة والخدوش، كما أن الصاج معالج ضد الماء والحرارة كما يوجد أسانسير داخلى لنقل البضائع، كما أن المصانع مجهزة «برامب» مدخل خاص لدخول سيارات البضائع، والمنطقة تم تجهيزها بالكامل.
رابط دائم: