رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أصدرت عددا تاريخيَّا «يحفظ فى كل مكتبة»
«الأهرام» ومئوية إلغاء الحماية البريطانية.. مصر تعود لـ«المصريين»

دعاء جلال;
عدد الأهرام الصادر به إعلان الاستقلال

منذ إعلان استقلال مصر عن بريطانيا فى فبراير 1922، والذى تأكد بتصريح 28 فبراير من ذات العام، والذى بمقتضى بنوده ترفع بريطانيا يدها عن مصر وتنهى حمايتها عليها، ثم جاء الإعلان عنه بشكل رسمى أمام العالم فى 15 مارس 1922، كانت المراوغة والتلاعب بالمسميات فى تلك الفترة هى الورقة الوحيدة الباقية فى يد الحكومة البريطانية للمماطلة فى تنفيذ بنود التصريح، والاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، والإصرار على وضع عدد من البنود تتوارى خلفها لتبرر وجودها على الأراضى المصرية، وما بين التاريخين توالت العديد من الأحداث الهامة، والتى كان لها أكبر الأثر فى تغيير مجرى تاريخ مصر.

 


سعد زغلول

«تسوية لا اتفاق»، كان هذا عنوان تقرير صحفى بصحيفة الأهرام فى 20 فبراير 1922، متناولا تلاعب بريطانيا بالمسميات، والرفض التام لبدائل الجلاء، وانتقد التقرير الكتاب الذى بعثته الحكومة البريطانية فى ذلك الوقت إلى السلطان فؤاد (لُقب ملكا فيما بعد بموجب تصريح 28 فبراير). وهذا بعض مما ورد فيه: «مهما كان محور كتاب الحكومة الإنكليزية إلى عظمة السلطان فإنه لا يتعدى حدا واحدا وهو أنه تسوية موقوتة بين مصر وإنكلترا، لا اتفاقا ولا معاهدة ولا محالفة، وقد تكون التسوية من مصلحتنا ومصلحتهم، ولكنها لا تكون فى مصلحتنا إلا على شرط واحد، وهو ألا تقوم هذه التسوية مقام الاتفاق، فإن مصر لا ترضى احتلالا عسكريا أيا كان شكل هذا الاحتلال، لأنها تريد أن تكون حرة تتمتع بكل مزايا الاستقلال الكامل.

البنود.. سرية

ظل تصريح 28 فبراير يشوبه الكثير من الغموض، وظل الشعب المصرى بدوره يترقب صدور أى تصريحات رسمية بخصوص ذلك الشأن، وصدرت الأهرام فى يوم 28 فبراير 1922 وبها أخبار عن عودة اللورد إدموند اللنبى (1861-1936) المندوب السامى البريطانى إلى مصر ومعه كتاب آخر إلى السلطان فؤاد. قالت عنه الأّهرام « وقبل أن نعرف ما فى ذلك الكتاب، وإن كانت صحف لندره قد اختلفت فيه إطنابًا ومدحا، فلا نبنى على قولها حكمََا وإنما نحن نبنى الحكم على الفعل والواقع، وهذا الواقع ليس بالاتفاق بين مصر وإنكلترا، لأن قاعدة الاتفاق لا يمكن أن تكون فى نظر المصريين شيئا آخر سوى الاستقلال والجلاء وإعادة حقوق مصر إليها كاملة».

وجاء إعلان بنود التصريح هنا فى عدد الأهرام الصادر بتاريخ 2 مارس 1922، تحت عنوان «التعليمات السرية الصادرة إلى اللورد اللنبي»، ولقد نقلت الأهرام هذه التعليمات من جريدة تريبون دى جنيف، والتى صدرت يوم 28 فبراير، وجاء فيه ما يلى «التعليمات السرية التى زودت بها الحكومة البريطانية الفيلد مارشال اللنبى للوصول الى تسوية النزاع بين إنكلترا ومصر تشتمل علي: 1ــ إلغاء الحماية والاحكام العسكرية، 2ــ سحب الجنود البريطانيين من القاهرة والإسكندرية والسويس، ولكن تبقى حاميات على طول القناة وفى القنطرة والكبري، 3 ــ احتفاظ بريطانيا العظمى بمحطات الطيارات فى الهليوبوليس وأبوقير، 4ــ إلغاء الامتيازات وتتولى إنكلترا وحدها حماية مصالح الأجانب فى مصر، 5 ــ إبقاء الموظفين البريطانيين فى الحكومة المصرية فى وظائفهم مدة تتراوح بين سنة وأربع سنين بناء على اتفاقات تعقد بهذا الشأن، 6 ــ إبقاء النظام الحالى فى السودان مدة أربع سنين تستأنف بعدها المناقشة فى صدده، 7 ــ إلغاء منصب المندوب السامى وإعادة منصب المعتمد المفوض والقنصل الجنرال البريطانى كما كانا قبل الحرب، وهذه التعليمات التى تقول الجريدة إنها (سرية) تشمل أقصى ما تمنحه بريطانيا العظمى للحكومة الدستورية المصرية التى هى على وشك أن تؤلف».

 


اللورد إدموند اللنبي

عودة وزارة الخارجية

وبالفعل فإن فؤاد الأول قد أصدر أمراً بتأليف الحكومة الجديدة فى 1 مارس، وكلف عبد الخالق ثروت (1873-1928) بتشكيل الوزارة، وقد نشر الأهرام فى عدده 2 مارس 1922 خطاب الملك فؤاد إلى ثروت بخصوص ذلك الشأن، ونشر كذلك رد عبد الخالق ثروت على الأمر الملكى مع أسماء الوزراء الذين وقع عليهم الاختيار، مع احتفاظ ثروت بوزارتى الداخلية والخارجية (بعد عودتها)، حيث إن منصب وزارة الخارجية كان قد ألغى منذ إعلان الحماية البريطانية على مصر عام 1914، وجاء فى سياق الرد بدء الوزارة الجديدة فى إعداد مشروع الدستور.

صدر عدد الأهرام بتاريخ 16 مارس 1922 وبه عنوان للخبر الذى طال انتظاره، «إعلان..استقلال البلاد المصرية»، وجاء فيه «تلقت دار الحماية بعد ظهر أمس أن المناقشات انتهت فى مجلس النواب الإنكليزي، وأن المجلس وافق على إلغاء الحماية والاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، فأبلغت هذا الخبر السار إلى عظمة السلطان، الذى أبلغه لحضرة صاحب الدولة عبد الخالق ثروت باشا رئيس مجلس الوزراء وحضرات اصحاب المعالى الوزراء».

وقد استطاعت الأهرام الحصول على المحضر الرسمى لجلسات مجلس النواب البريطاني، التى ناقشت هذا الحدث الهام لتنقله إلى القراء، وكتبت خبرا فى نفس العدد السابق ذكره تحت عنوان «إعلان للقراء، عدد خاص للأهرام»، ومما جاء فيه «ولما كان هذا (التلغراف الخصوصي) يستغرق الأهرام كله، فقد قررنا إصداره اليوم بعدد خاص، وهو مستند رسمى يحفظ فى كل مكتبة وعند كل مصرى يحب متابعة ما قيل فى مسألة بلده».

وصدر العدد الخاص فى يوم 17 مارس 1922، لينقل على صفحاته ما دار فى مجلس النواب البريطاني، ورأى أعضائه فى قضية استقلال مصر، وسنورد هنا مقتطفات من أحاديث بعض النواب كأمثلة عن الآراء المتباينة فى هذه القضية، «خطبة الجنرال السير تونشد: يجب أن تتذكروا أنه ما دام السلم لم يستتب إلى الآن فى الشرق الأدني، فإن خروجنا من مصر يكون مقرونا بأشد الأخطار، كانت مصر دائما مطمع أنظار الفاتحين، فالأمة المصرية جنس وديع، ولست أعرف جنسا أكثر وداعة منهم، وقد كانوا دائما يجتذبون الغزاة إليهم، خطاب الكولونيل جيمس: ادعت الحكومة وأعادت فى السنين الأخيرة أن المصريين أهل لإدارة شئونهم، ومن الصعب حقيقة أن أقول إذا كانت مصر قادرة على إدارة شئونها بنفسها أو لا، وهل حسننا الأحوال أو أسأناها فى مدة الاحتلال البريطاني، يظهر لى أننا حسناها كثيرا، استطاع الفلاح المصرى الذى كان مضطهدا أن ينال تعديل ما كان يشكو منه، خطاب الكابتن ودجودبن: لقد قمنا بكثير من الأعمال المفيدة لمصر من الوجهة المادية، وهناك بعض أمور عارضنا فيها مصالح مصر المادية، ولو تركنا وشأننا لما وجدت قناة السويس مطلقًا، ولكننا أفدنا مصر ماديا من وجوه كثيرة، ولكننا مع ذلك لم نوجد ثروة مصر، فإن ثروة مصر قائمة فى مناخها ومائها وما لفلاحيها من الصبر على الجهد والعمل، فهل أمر اللورد كرزون (وزير خارجية بريطانيا فى ذلك الوقت) نهر النيل أن يجري، وهل هو الذى أمر الشمس بأن تسطع فى جو مصر، إن مصر للمصريين.

وكانت من نتائج تصريح 28 فبراير عودة الزعيم سعد زغلول من منفاه فى جزيرة سيشل نهاية 1923، وبات رئيسا للحكومة المصرية حسب أول انتخابات عامة أجريت وفقا لدستور 1923.. وكانت هذه بداية فصل لايقل سخرية من تاريخ مصر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق