«بعد ست سنوات رائعة فى منظمة السلام الأخضر، تشرفت بالثقة لقيادة سياسة المناخ فى ألمانيا، فهذه فرصة فريدة للعمل مع وزير خارجية خضراء بشأن القضية التى شغلتنى لمدة ثلاثين عاما.» كانت هذه هى كلمات جنيفر مورجان، الناشطة الأمريكية فى مجال المناخ ، بعد تعيينها مبعوثا خاصا لسياسة المناخ فىالبلاد، وهو المنصب الذى تم استحداثه مؤخرا داخل وزارة الخارجية الألمانية .
ويعد تعيين جنيفر مورجان ، التى كانت تشغل منصب رئيس منظمة السلام الأخضر كمبعوثة ألمانية للمناخ، بمثابة تحول جذرى لسياسات المناخ داخل الحكومة الألمانية الجديدة، المؤلفة من الحزب الاشتراكى الديمقراطى وحزب الخضر والحزب الديمقراطى، حيث تشكل السياسة الخارجية المناخية جزءًا أساسيا من جهود الحكومة للعمل على خفض الانبعاثات، وجعلها بمثابة شأن مشترك بين الإدارات المختلفة ، وذلك من خلال وضع مكافحة تغير المناخ فى صميم جدول أعمالها .
ويشير تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إلى أن اختيار مورجان لهذا المنصب هو قرار جرىء لعدة أسباب، من أهمها أن الوزارات السيادية داخل البلاد لا تقوم عادة بتوظيف الأجانب فى المناصب العليا. علاوة على ذلك، فإن عمل مورجان كرئيسة لمنظمة السلام الأخضر الدولية، تجعلها اختيارا غير عادى، الأمر الذى أثار انتقاد المعارضة لتعيينها فى هذا المنصب الرفيع. ويقول يورجن هاردت، أحد منتقدى الشئون الخارجية فى حزب الديمقراطيين المسيحيين المحافظين: «من اللافت للنظر أن هذا المنصب بشكل خاص يتخطى بسهولة الحدود بين الدولة وجماعة الضغط».
وفى هذه الأثناء، أعربت أنالينا بربوك وزيرة الخارجية الألمانية، والزعيمة السابقة لحزب الخضر، خلال المؤتمر الصحفى الذى أعلنت فيه قرار تعيين مورجان، عن سعادتها لأن سياسة المناخ فى ألمانيا أخذت وجها واضحا قائلة : «إن ذلك كان حلما بالنسبة لى، فلا يمكن معالجة أزمة المناخ على المستوى الوطنى بمفردها، لذا كان تعيين مورجان بمنزلة تصريح بأن سياسة المناخ فى ألمانيا تنتمى أيضًا إلى المسرح العالمي». مضيفة «بصفتها رئيسة القيادة، ستوجه جنيفر مورجان سياستنا المناخية الخارجية، وتوسع الشراكات مع الدول الأخرى حول العالم، وتقود الحوار مع المجتمع المدنى فى جميع أنحاء العالم».
ووفقا للتقرير، سوف تتولى مورجان مهام وظيفتها الجديدة فى الأول من مارس المقبل، والتى من خلالها ستقوم بتقديم تقاريرها المباشرة إلى وزيرة الخارجية، حيث إنه فى ظل الحكومة الجديدة التى تولت السلطة فى ديسمبرالماضى، سيتم وضع سياسة المناخ الدولية فى وزارة الخارجية وليس وزارة البيئة، كما كان من قبل . فقد قامت أنالينا بربوك، بعد توليها مهام السياسة المناخية الدولية، بعد فترة وجيزة من تعيينها وزيرة للخارجية، باستقدام موظفين رئيسيين من وزارة البيئة إلى مكتبها الجديد.
درست جنيفر مورجان (55عاما ) الأدب الألمانى فى جامعة إنديانا بالولايات المتحدة، وخلال هذه الفترة قرأت كتاب «القتال من أجل الأمل» لبيترا كيلي، العضو المؤسس لحزب الخضر الألماني، والذى قالت عنه إنه غير مسار حياتها. انتقلت مورجان للعيش فى ألمانيا منذ عام 1996، وعملت فى وزارة البيئة الألمانية تحت إشراف وزيرة البيئة آنذاك أنجيلا ميركل، ثم انضمت إلى الصندوق العالمى للحياة البرية فى عام 1998 وترأست وفده إلى مفاوضات بروتوكول كيوتو بشأن المناخ. كما عملت أيضًا فى شبكة العمل المناخي، ومعهد الموارد العالمية.
اشتهرت مورجان بذكائها الإعلامى ونشاطها الدبلوماسى الرائع، خلال عملها كرئيسة منظمة السلام الأخضر منذ ست سنوات، حيث عملت بلا كلل لضمان استمرار المنظمة فى التكيف مع حالة الطوارئ المناخية المتفاقمة وأزمة التنوع البيولوجي. كما مثلت مورجان المنظمة فى العديد من الأحداث الدولية، بما فى ذلك مؤتمرات المناخ، حيث ساعد تاريخها الطويل ومعرفتها العميقة بسياسة وسياسة المناخ المنظمة، على تحفيز الاهتمام بهذه القضية، ودفع الطموح الدولى للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية.
ومن المتوقع أن تلعب مورجان، التى سوف يتم تعيينها وزيرة دولة، بمجرد الموافقة على طلبها للحصول على الجنسية الألمانية، دورًا رائدًا فى جهود ألمانيا للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى على المسرح الدولي، نظرا لخبراتها فى هذا المجال، فمنذ بداية مؤتمرات المناخ الدولية التى تدعمها الأمم المتحدة فى منتصف التسعينيات، كانت مورجان عنصرًا أساسيًا فى فاعلياتها. وتقول راشيل كايت، عميدة كلية فليتشر بجامعة تافتس الأمريكية «تتمتع مورجان منذ عقود من العلاقات الموثوقة مع أولئك الذين قد يتفقون معها ومع أولئك الذين لا يتفقون معها، فى نزاهتها، وأنها الأنسب للقيام بهذا الدور». كما قالت جنيفر تولمان، كبيرة مستشارى السياسات فى مركز أبحاث تغير المناخ ومقرها برلين «هذه امرأة كانت فى قلب المفاوضات بشأن اتفاقية باريس» . كما يزيد من فرص نجاح مورجان فى مهام وظيفتها الجديدة، محاولة أوروبا لطرح سياسات مناخية دولية، بما فى ذلك أول تعريفة حدودية للكربون فى العالم، وفرض تكاليف انبعاثات ثانى أكسيد الكربون على السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي.
رابط دائم: