رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جلال المسرح يبكى رحيل الشرقاوى

باسم صادق
جلال الشرقاوى وعبدالمنعم مدبولى والكاتب محمد سلماوى خلال بروفات مسرحية الجنزير

سيظل تاريخ المسرح المصرى، بل والعربى أيضا، محتفظا بالجميل وشاعرا بالامتنان للمخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوى باعتباره أحد أهم عمالقة الإخراج والإنتاج المسرحى؛ ذلك أنه انحاز مبكرا جدا لحرية الفنان فى التعبير عن رأيه، بعيدا عن أية معوقات إدارية قد تتعثر أمامها عروض مسرح القطاع العام، فكان «مسرح الفن» هو القلعة الشامخة التى أطلق من خلالها أبواق المغامرة والجرأة والتمرد على كل قيود السلبية والقهر تحت مسمى المسرح السياسى..

عاش جلال الشرقاوى حياة مسرحية بامتياز على كل المستويات.. ممثلا، مخرجا، منتجا، مؤلفا ومعلما لطلاب المعهد العالى للفنون المسرح، فكانت مسرحياته نموذجا احترافيا للجمع بين مقومات المسرح الخاص الباحث عن الربح وبين احترام الكلمة وجلالها مؤمنا بقدرتها على تحريك المياه الراكدة وزلزلة صدمة الاعتياد فى المجتمع.. فتناول مثلا فى مدرسة المشاغبين العلاقة بين الطالب والأب والمدرس وتنبأ بما ستصل إليه بعد سنوات برؤية كوميدية صارخة.. بينما صدم الجمهور عدة مرات فى مسرحية راقصة قطاع عام للمؤلف الساخر يوسف عوف، مرة حين انحاز لفكرة إخضاع الكازينو الحكومى للقيود الإدارية المعرقلة، ومرة حين اختار سماح أنور لتجسيد دور الراقصة بعكس صورتها الذهنية المعروفة فى وجدان المشاهدين، ومرة حين نزل يحيى الفخرانى إلى مقاعد المتفرجين نهاية العرض ليناقشهم فى ذلك الوضع وما الحلول التى يرونها لو كانوا مكانه، كمدير مالى مضطر لدفع الكازينو للمكسب من خلال تقديم فقرة الراقصة ولكن دون الإخلال باللوائح والقوانين!


جلال الشرقاوى وعبدالمنعم مدبولى

وفى مسرحية ع الرصيف انتقد بوضوح وجرأة ودون مواربة سلبيات سياسة الانفتاح من خلال المُدرسة العائدة بعد رحلة عمل طويلة لتجد زوجها قد استغل أموالها ليصبح رجل أعمال، وهى المسرحية التى أحدثت ضجيجا صارخا آنذاك.. بينما دعا سنة 95 إلى الانتخاب الحر المباشر فى عرض دستور يا اسيادنا.. وانتقد انتشار الفساد والخصخصة فى عرض «برهومة واكلاه البرومة».. والعديد من المسرحيات السياسية اللافتة والمهمة مثل حودة كرامة.. بحبك يا مجرم.. انقلاب.. وأيضا رائعة الكاتب الكبير محمد سلماوى «الجنزير» والتى عرضت فى التسعينيات وتناقش قضية الشاب الإرهابى الذى يختطف أسرته كرهينة.. وهو ما كان يعد وقتها استشرافا للمستقبل وسيطرة الجماعات الإرهابية بعد ذلك.. وأذكر أنه ــ رحمه الله ــ هاتفنى بعد نشر مقالى عن عرضه «الكوتش» سنة 2012، ليشكرنى على تحمسى للعرض وأننى أثنيت وقتها على الممثل القدير رضا إدريس ولم أتردد فى وضع اسمه بعنوان المقال، خاصة وأن هذا العرض كان بمثابة عودة الحياة لمسرح الفن بعد توقف لأكثر من عامين نتيجة محاولة هدم المسرح بحجة أنه مخالف لشروط الدفاع المدنى.. بينما كان السبب الحقيقى - بحسب ما قال الفنان د. فاروق الرشيدى وقتها- هو إقدامه على إخراج مسرحية بلاد فى المزاد لمحسن الجلاد.. وتمثلت جرأة الشرقاوى وقتها فى العودة بمسرحية سياسية من الطراز الأول فى وقت عصيب متحديا الظروف المادية والسياسية الصعبة التى أفرغت المشهد الفنى من حركة المسرح الخاص تماما، ليفاجئنا هو بدعوة زملائه فنانى المسرح الخاص وعلى رأسهم محمد صبحى وسمير غانم وعادل إمام لإعادة تنوير مسارحهم من جديد لعلها تكون سببا فى استنهاض المسرح من كمونه..

كان جلال الشرقاوى مناضلا مسرحيا لا يشق له غبار، سبّاقا بفكره ورؤاه الفنية المتعددة والمتنوعة فى عشرات الأعمال التى رصد بها وبين كواليسها صفحات متلاحقة من دفتر أحوال الوطن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق