رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عايدة عبدالعزيز وعبقرية التنوع فى الأداء

محمد بهجت
عايدة عبد العزيز فى عرض الست هدى

عدد كبير من الممثلين الموهوبين سقطوا فى فخ تكرار النجاح.. وقبلوا ما يعرض عليهم من أدوار تستنسخ نجاحات سابقة لهم حتى حوصر بعضهم فى الشخصية الواحدة كالشرير أو فتى الأحلام أو صديق البطل أو الحماة أو الخادمة وغيرها من أدوار نمطية.. ولكن قلة من المبدعين اختاروا المغامرة والبحث عن الأرض الجديدة ورفض النجاح المضمون من أجل إثراء التجربة وترك رصيد فنى متنوع يفخر به الفنان ويتعلم منه تلاميذه.. ولعل من أبرزهم الفنانة القديرة عايدة عبد العزيز التى رحلت قبل أيام بعد أن حفرت فى وجداننا أثرا لا يمحي

وعايدة عبد العزيز صاحبة تجربة إنسانية وفنية بالغة الخصوصية فلقد تخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1959 وهى نجمة متألقة قدمت قبل تخرجها بعام مسرحية أنتيجون لسوفوكليس وحازت إعجاب الجمهور ورواد النقد المسرحى فى أبهى فتراته وقدمت فى بداية مشوارها عدة مسرحيات ناجحة منها دون جوان لموليير وأوبريت يوم القيامة على المسرح الغنائى كما تولت الإشراف على تدريب الفرق الفنية فى المسرح المدرسى ثم تزوجت زميلها وأستاذها د. أحمد عبد الحليم وسافرت معه إلى إنجلترا خمس سنوات لحصوله على منحة دراسية لشهادة الدكتوراة.. وقررت بكل بساطة أن تضحى بما حققته من نجاح وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها من أجل مؤازرة زوجها ولم تضيع وقتها فى الغربة بل شاهدت وقرأت روائع المسرح العالمى وحصلت على دورات تدريبية متخصصة فى الحركة المسرحية والأداء الصوتى وعادت عام 1967 وقد جاوزت الثلاثين من عمرها ولم تعد أدوار الفتاة الصغيرة تناسبها كما أن المسرح فى تلك الآونة قد شهد تغيرا فى ذائقة المشاهد بعد نكسة 67 وبداية انحسار للعصر الذهبى للمسرح الجاد فى مصر لكنها لم تستسلم وقدمت العديد من الأعمال الراقية مثل دائرة الطباشير القوقازية لبرتولد بريخت وطائر البحر لتشيكوف وشاركت النجم نور الشريف فى بطولة مسرحية لعبة السلطان تأليف د. فوزى فهمى ولنفس المؤلف قدمت عودة الغائب مع النجوم محمود ياسين وشهيرة وإبراهيم الشامى.. ولكن عاد زوجها للسفر مرة أخرى إلى دولة الكويت للتدريس وكانت هى قد حققت عدة نجاحات أخرى على خشبة المسرح وأيضا على شاشة السينما.. وقد قال لى أستاذى د. أحمد عبد الحليم وهو فى مرضه الأخير وقد أصبحت بفضل تواضعه من أصدقائه المقربين: «إن عايدة من عبقريات التمثيل وأخشى أن أكون قد قصرت فى حق موهبتها وحرمت الفن منها لفترات طويلة وخاصة أنها شديدة التفانى فى الوقوف بجانبى فى دراستى وتدريسى وعملى ومرضى الطويل» ورغم أن شهادته تحمل قدرا ما من الحقيقة إلا أن نجمتنا الراحلة كانت فى جميع الأحوال لا تقبل إلا الأدوار المتباينة المميزة التى تترك أثرا عميقا فى نفس من يشاهدها.. ولعلنا لا ننسى أبدا تجسيدها لشخصية أبلة زاهية وكيلة المدرسة فى مسلسل ضمير أبلة حكمت وذكاءها فى تقديم نموذج عجيب لمربية ومعلمة غيورة وحاقدة على رئيستها ولكنها تحمل وجهة نظر محترمة دراميا فهى تمثل الجانب المتزمت القديم الرافض لأسلوب أبلة حكمت فى إدارة العمل بالحب والروح الأسرية والحسم فقط عند الضرورة.. وزاهية ترى ضرورة وضع حاجز نفسى مهيب بين الإدارة وفريق العمل.. ولقد أجادت تجسيد دورها ببراعة دفعت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة أن تمتدحها أمام العاملين وتقول لها: «أنا بيعجبنى إحساسك قوى يا عايدة» وفى لون آخر من الشر لا ننسى عدلات فى فيلم النمر والأنثى وهى تلعب دور المرأة الماكرة التى لم تنطل عليها حيلة ضابط المباحث وتنجح عن طريق «قهوة عدلات المحوجة» أن تقذف به فى بئر الإدمان وتصبح بفضل بساطتها العجيبة هى المحرك الفعلى للشر فى الصراع الدرامى وليس شقيقها رئيس العصابة الفنان أنور إسماعيل مع تقديرنا واحترامنا لمجهوده.. ودور آخر قد لا يبدو مثيرا للانتباه من خلال الورق وهو دور الست سنية فى فيلم خرج ولم يعد وهى النموذج الناطق للمرأة الريفية الأصيلة التى تهتم بتغذية أفراد أسرتها خاصة الزوج فريد شوقى وتلمح إعجاب الضيف القادم إليهم د. يحيى الفخرانى بابنتها خوخة النجمة ليلى علوى فتعمل على تغذية الإعجاب وتطوير العلاقة إلى قصة حب وزواج دون أن تفاتح إحداهما بنيتها.. لقد جعلت من دورها الصغير نسبيا فى السيناريو بطولة عنوانها السهل الممتنع.. ورغم تألقها الدائم فى السينما والدراما التليفزيونية إلا أنها ظلت تحمل للمسرح شوقا وانجذابا ربما لا يعرفه إلا أبناء ذلك الجيل العظيم من دروايش المسرح المصرى.. وهو ما قد يفسر بكاءها بحرارة وهى تتسلم تكريما قبل عدة أعوام باسم زوجها المخرج المسرحى الراحل الكبير د. أحمد عبد الحليم وتحتضنها سيدة المسرح العربى سميحة أيوب ويقف لها جميع الحاضرين فى دار الأوبرا المصرية.. ولعلنا نحسن صنعا ببث كنوز المسرح المصرى على القنوات التليفزيونية الرسمية على الأقل حتى تعرف الأجيال القادمة جهد وإبداع الفنانين من جيل الأساتذة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق