لسنوات طويلة ظلت العلاقة بين المالك والمستأجر فيما يتعلق بالمساكن القديمة محل جدل واسع لدى الرأى العام، ما بين مدافع عن حق الملاك «المحرومين» من الانتفاع بأملاكهم، خاصة بعد أن أضحت القيم الإيجارية لا تتناسب بأى شكل من الأشكال مع القيمة السوقية لثرواتهم العقارية خاصة أن أغلبها يقع فى المناطق «الراقية»، أو تلك التى توجد بالمناطق الشعبية، إلا أن ما يتقاضاه الملاك مقابل الإيجار لا يكفى حتى لسداد رسوم المرافق الخاصة بالعقار، بل إن هناك ملاكا يعانون شظف العيش، على الرغم من أنهم أصحاب عقارات، وفى المقابل فهناك المناصرون لحقوق المستأجرين التى مثلت «القيم المتدنية» للإيجار «حاليا» عبئا ماليا كبيرا عند التعاقد منذ عشرات السنوات، وقد تكون تلك الايجارات استغرقت كامل رواتبهم الوظيفية فى ذلك الوقت، بل إن تلك «القيم المتدنية» مثلت ثروات كبيرة للملاك عند التعاقد، وكانت محلا لرضاء الطرفين، هذا بجانب البعد الإنسانى والاجتماعى لهؤلاء المستأجرين بعد بلوغهم أرذل العمر، مع تراجع دخولهم بشكل كبير التى تكفى بالكاد متطلباتهم المعيشية والعلاجية .
اجتماع مهم عقدته الحكومة بداية الشهر الحالي، بحضور ممثلين عن مجلسى النواب والشيوخ، قررت خلاله اقتحام تلك القضية الشائكة، وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن تلك الأزمة ليست قضية الحكومة وحدها، ولكنها قضية رأى عام، مشددا على أهمية حل هذه المشكلة التاريخية، من خلال التعاون بين الحكومة والسلطة التشريعية، للوصول إلى صيغة تعيد التوازن للعلاقة بين المالك والمستأجر.
القضية تم طرحها على المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول مجلس الشيوخ، ورئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب السابق، الذى أوضح أن المحكمة الدستورية العليا، كانت قد أصدرت حكما فى 15 نوفمبر 2002 برئاسة المستشار عوض المر، رقم 70 لسنة 18 قضائية ، والذى انتهى إلى عدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 29 للقانون رقم 49 لسنة 1977 ، والتى نصت على أن «عقد الإيجار ينتهى بوفاة المستأجر أو تركه العين، واستثنى من ذلك المقيمين معه إقامة دائمة لمدة سنة سابقة على تاريخ الترك أو الوفاة حتى الدرجة الرابعة».
ويشير وكيل أول الشيوخ، إلى أن مفاد ذلك الحكم ، أن عقد الإيجار الأصلى لا يمتد حتى درجة القرابة من الدرجة الرابعة، إنما يمتد فقط إلى أقارب المستأجر الأصلى من الدرجة الأولي، وبشرط أن يكونوا مقيمين إقامة دائمة مع المستأجر لمدة سنة واحدة سابقة على تاريخ وفاته أو تركه العقار محل العقد، وبناء عليه فإنه بوفاة «أقارب الدرجة الأولى» ينتهى عقد الإيجار من تلقاء نفسه .
ويقترح المستشار أبو شقة، إنشاء دوائر متخصصة تتولى الفصل فى الدعاوى الخاصة بإيجار الأماكن القديمة ، ومنازعات امتداد عقود الإيجار، وإعمال حكم المحكمة الدستورية بعدم امتداد عقود الإيجار سوى لأقارب الدرجة الأولى ، ومع إعمال تلك القواعد وبمرور الوقت ستنتهى كل تلك الإشكاليات المتعلقة بالخلاف حول المساكن القديمة، وبما يراعى مصالح وأوضاع المستأجرين الأصليين من كبار السن ، ويراعى حقوق الملاك الأصليين .
رابط دائم: