بعد إنجاب الاطفال يشعر كثير من الأزواج بتراجع مكانته لدى زوجته أو درجة اهتمامها به، فالاولوية تصبح للاطفال وهو ما يخلق نوعا من التوتر فى العلاقة بينهما. فالأم ترى أن أولادها بحاجة اكثر لها، لانهم صغار كما انها مرحلة مؤقتة وسيكبرون وستعود للاهتمام بزوجها واعطائه الاولوية، لكن هذه المرحلة التى ظنت انها مؤقتة تصبح دائمة وتزداد اعباؤها كما تزداد الفجوة بينها وبين زوجها، بحيث لا تستطيع استعادتها مرة أخري.
وأفضل ما تقدم المرأة لاولادها هو بيت سعيد ومستقر، لذلك لابد أن يبقى الزوج فى بؤرة الاهتمام وكما ترى د.نهلة ناجي، أستاذة الطب النفسى بطب عين شمس، فالمرأة فى بداية الزواج تعتقد أن مرحلة شهر العسل والرومانسية بينها وبين زوجها ستبقى للنهاية كما هى ومع الوقت يهدأ الايقاع ويتغير ومع مجىء الاطفال تزيد المسئوليات عليها لرعاية طفلها ويتولد لديها شعور بالفشل وعدم القدرة على النجاح فى جميع النواحى وعدم مشاركة زوجها لها، فتقرر التركيز على احتياجات طفلها دون زوجها، وفى المقابل يشعر الزوج بالاهمال وعدم التقدير، وبمرور الوقت يقل الحوار بين الزوجين، وتختلف طبيعة الحوار، ويقل التواصل، مما يسبب ما يعرف بـ «الخرس الزوجى». وهنا تحدث بداية النهاية للعلاقة الزوجية، حيث يفضل الزوج العمل وحياته الطبيعية خارج المنزل، مما يحفز الشعور لدى الزوج بالاحباط من الحياة الزوجية، وللأسف تعتقد الزوجة انها مرحلة مؤقتة لكنها نهائية ودائمة و تخطى مرحلة مسئولية الطفل وانشغال الزوجة يكون من خلال الحوار الصريح فى المشاكل التى تواجه الزوجة بعد الانجاب وايجاد حل لها من خلال مشاركة الزوج لزوجته فى بعض شئون البيت ولتحقيق السعادة الزوجية والاستقرار الاسرى يجب على الزوجين النظر الى الزواج من جميع الجوانب وانه مسئولية كبيرة.
وتنصح د.نهلة لتجنب هذه المرحلة بناء على ما تؤكده الدراسات الحديثة، فالبداية تكون من التنشئة والتربية التى تنعكس على ادوار الازواج فى الحياة الزوجية، حيث تعتمد الاسرة العربية والمصرية على تربية البنت على الموروث الثقافى للعادات والتقاليد التربوية للمجتمع الشرقى بأنها مسئولة عن شئون البيت وتربية اطفالها لكى تكون شخصية مثالية و تنال حب وتقدير الزوج وان يقتصر يومها على الطهو، والأعمال المنزلية دون مراعاة لطبيعة تكوين البنت ومشاعرها، مع أنه لا يمكن تجاهل أن الامومة جزء من شخصية الفتاة وكذلك الزوجة سكن للزوج .
للاسف هذه العادات ليس لها علاقة بالواقع، لانها يجب تربية الفتاة على الاهتمام والعناية بشكلها ومظهرها والجلوس بالطريقة الأنثوية والتعامل بما يتناسب مع طبيعة الفتاة وكيفية إظهار مشاعر الحب والمودة بشكل مباشر وغير مباشر وان اختلاف الطباع واسلوب التفكير أمر طبيعى بين الناس وكيفية أن تقابل الاختلاف وتجنب النقد، لانه يأتى بنتيجة عكسية.
و على الجانب الآخر، نلاحظ تربية المجتمع الذكورى للولد، انه ليس لديه اى مسئولية منزلية، مما يؤثر فى بعض الاحيان على تحمل المسئوليات المادية فقط، ولذا تشير الى تغير مفاهيم التربية للولد من خلال الاهتمام بتنمية إحساسه بالجمال كالموسيقى والرسم والأنشطة المختلفة التى تحفز من مهاراته الفكرية والعقلية. وعلى الأم ان تغرس فى صغارها بعض القيم التى تساعد على بناء شخصية زوج صالح فى المستقبل وذلك من خلال أن توضح الام لطفلها ان البطل من يتحمل المسئولية ويعترف بالخطأ والاعتذار والصدق والدفاع عن الحق واحترام الفتاة التى هى اخته وامه وابنته وزميلته فى المدرسة والنادى وايضا تدريبه على مساعدتها فى المهام المنزلية كغسيل الصحون وترتيب الغرفة. كل ذلك حسب المرحلة العمرية.
منى حمدى، استشارية الصحة النفسية والارشاد الاسرى، ترى أنه لابد من الاهتمام بتنمية علاقة المودة والمحبة بين الزوج والزوجة قبل الانجاب، لان ذلك يسهم فى تخطى مرحلة الإنجاب والاهتمام بالأطفال، وعلى الجانب الآخر الحرص على الحوار المثمر واجراء مكالمات هاتفية من اجل الاطمئنان على احواله وصحته اذا كان يعانى مشكلة صحية، ليشعر بأن الزوجة مهتمة به، بالرغم من انشغالها برعاية الطفل وألا تهمل احتياجاته وألا تشعره ابدا بأنه يأتى فى المرتية الثانية بالنسبة لها والحرص على إشراك الزوج فى المسئولية الجديدة فى رعاية طفلهما، مثال أن يحمله ويلاطفه حتى يشعر بالتغير الذى حدث، وعلى الزوجة ان تدرك ان افضل ما تقدمه لابنائها هو الحفاظ على علاقتها بزوجها قوية للحفاظ على كيان الاسرة ولابد من التواصل الدائم مع الزوج وألا يصبح الموضوع الوحيد بينهما هو مشاكل الابناء واحتياجاتهم، مع السؤال عن يومه وارسال الرسائل القصيرة خلال اليوم ولكن مع مراعاة الوقت المناسب والاستماع باهتمام والتواصل اللفظى ويشتمل على التعبير عن مشاعر الحب والتقدير واستغلال الأوقات التى ينام فيها الطفل لاعداد جلسات رومانسية، وإظهار العاطفة باستمرار، وتذكر اللحظات الجميلة التى قضياها مع بعضهما البعض وفعل أشياء تذكر الطرف الآخر بأن شريكه مازال يحبه وكذلك تذكر المناسبات والاحتفال بها، فشعور الزوج بالاهمال من زوجته وشعور الزوجة بتحمل المسئوليات وحدها يصل بالعلاقة الى طريق مسدود.
رابط دائم: