نددت دراسة أزهرية حديثة بمظاهر الشقاق الزوجى التى طفت على السطح أخيرا، وأرجعت هذا (الخلل الاجتماعى) إلى مجافاة منهج الإسلام فى التعامل بين الزوجين بالود والتفاهم، مؤكدة أنه لو امتثل كلا الزوجين لما رسمه هذا المنهج الحكيم لالتأم كثير من الجراحات الزوجية.
الدراسة ـ التى أعدها الدكتور محمد عباس المغنى الأستاذ المساعد للدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بالقاهرة، بعنوان: «المنهج الوقائى للحفاظ على الأسرة من الخلافات الزوجية» ـ أوضحت أن الإسلام رسم منهجا وقائيا احترازيا للحفاظ على الأسرة من الخلافات الزوجية، والمشكلات الأسرية، من معالمه: إقامة الحياة الزوجية على الستر، والسكن النفسى والروحى للزوجين، الذى يتحقق بأن تكون العلاقة بين الزوجين كما قال سبحانه: «هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنّ»..
وأكدت الدراسة أن الله سبحانه وتعالى أقام العلاقات الزوجية على أساس متين هو العشرة بالمعروف بين الزوجين، فقال سبحانه: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ». وتشمل المعاشرة: المودة، والرحمة، والسكن، والفعل الحسن، والكلمة الطيبة، والاحترام، والمشاورة، وحفظ الأسرار الزوجية، وغيرها من القيم والأخلاقيات الطيبة التى هى أساس العلاقات الأسرية الناجحة التى تجعل الأسرة، ومن ثم المجتمع، فى أمان واستقرار.
وإذا كانت الحياة الزوجية فى ظل الإسلام تقوم على السكن، والمودة، والرحمة، والصفاء، فإن المنهج الإسلامى الصحيح فى ذلك هو ما نص عليه القرآن الكريم فى قوله تعالى «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم»، فالآية جعلت القوامة للرجال، وذلك للفروق الجوهرية بين الرجل والمرأة.
ويؤكد الباحث: أن علاج الخلافات الزوجية فى المنهج الإسلامى لابد أن يمر بمراحل عدة:
فى البداية يجلس الزوج مع زوجته، يعظها ويذكرها، وينبهها للواجب الذى عليها نحوه من الطاعة فى غير معصية الله تعالى.
فإذا تمادت الزوجة فى عصيانها، ولم تستجب لوعظ زوجها، وتحذيره إياها من مغبة عصيانها.. له أن ينتقل إلى مرحلة (الهجر فى المضجع) أى الفراش ـ لا فى الكلام، لأن هجر الكلام لا يجوز فوق ثلاثة أيام. فالمقصود: هجر الوطء فقط. وإن تمادت بعد ذلك يأتى قوله تعالى (واضربوهن)، وضرب الزوجة ليس مطلقا، بل قيده الشرع بأن يكون يسيرا غير مبرح، قال عنه ابن عباس: ضرب بالسواك، بحيث لا يحصل منه النفور. فلا يكسر عظما، ولا يدمى دمًا، ويتجنب الوجه. فالضرب بهذه القيود للإصلاح، لا للإفساد، ولقوام الأسرة، لا لتمزيقها.
فإذا استمر الشقاق بين الزوجين، وجب أن يتدخل أهل الثقة والحكمة من أهل الزوجين ينظران فى أمرهما، ويمنعان الظالم من الظلم، لهذا قال تعالى: (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما).
وألمحت الدراسة إلى أن من معالم المنهج الإسلامى أن أرشد المرأة لمعالجة نشوز الرجل وتقصيره فى مسئولياته فى الحفاظ على الأسرة، وجعل لها أن تطلب الصلح، كما قال تعالى: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا»، فإذا خافت من زوجها أن ينفر عنها، أو يعرض عنها، فلها أن تُسقط عنه حقها، أو بعضه من نفقة، أو كسوة، أو مبيت، أو غير ذلك من حقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها، فلا حرج عليها فى بذلها ذلك له، ولا عليه فى قبوله منها، ثم قال: (والصلح خير) أى خير من الفراق. فإذا استحالت العشرة والصلح، واستنفدت كل الوسائل؛ يكون الطلاق، كما قال تعالى: «وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا»، بأن يعوضه الله من هو خير له منها، ويعوضها عنه بمن هو خير لها منه، وكان الله واسعا حكيما أى واسع الفضل عظيم المن، حكيما فى جميع أفعاله وأقداره وشرعه.
رابط دائم: