أكثر من 4.8 مليار شخص (62.6% من سكان العالم) تلقوا جرعة أو اثنتين من التطعيمات المضادة لفيروس كورونا، والتى تم تطويرها بسرعة غير مسبوقة تاريخيا. وبالرغم من أن عجلة التطعيم قد انطلقت فى عام 2020، فإن تسارع وتيرتها بعد ذلك جعلها من أكثر ما تميز به العام المنصرم.
وكشفت صحيفة «ناتشر» البريطانية الشهيرة، عن 8 لقاحات رائدة تم إعطاء أكثر من 8 مليارات جرعة منها فى جميع أنحاء العالم مع نهاية 2021. وتصدر لقاح «أسترازينيكا» البريطانى، قائمة الأوسع انتشارا، تلاه «كورونا فاك» الصينى، ثم «فايزر-بيونتك» الأمريكى، ثم «سينو فارم» الصينى. وجاء لقاح «موديرنا» فى المرتبة الخامسة، بفارق كبير عن سابقيه، ثم «جونسون» ثم «سبوتنك» الروسى، وجاء اللقاح الهندى فى ذيل القائمة وأمصال أخرى.
لكن من أكثر التجارب المرتبطة بالوباء إيلاما، كانت غياب العدالة فى توزيع اللقاحات. فبينما استهلكت الدولة الغنية ومتوسطة الدخل 75% من الجرعات التى تم إنتاجها، لم تبلغ نسبة من تم تحصينهم بالكامل فى قارة إفريقيا الـ ٥%. وتوالت تحذيرات الخبراء من هذا الاجحاف، ليس فقط من الناحية الأخلاقية وإنما أيضا من الناحية الصحية. فغياب التطعيم فى الدول الفقيرة يهدد بانتشار الوباء مثل النار فى الهشيم فى جنوب العالم الفقير. وهو ما ينطوى على تهديد بمحو الانجاز الصحى فى مواجهة كورونا فى العالم الغنى. وكانت الدول الفقيرة تأمل فى الحصول على إمدادات أكبر من اللقاحات، بمجرد أن ينخفض الطلب عليها فى الدول الغنية، لكن الأخيرة قامت بتخزين اللقاحات والقيام بإعطاء جرعات إضافية تنشيطية فضلا عن البدء فى تلقيح الأطفال فى محاولة لاستعادة إيقاع الحياة الطبيعية واستئناف النشاط الاقتصادى.
الظلم لم يقع بين البلدان فقط، وإنما داخل الدولة الواحدة أيضا. فقد كشفت احدى الدراسات فى الولايات المتحدة، عن انخفاض عمليات التطعيم فى المناطق التى ينخفض دخل سكانها أو يعانى قاطنوها إعاقات. وتشير دراسات أخرى إلى فروقات فى عمليات التطعيم، بناء على العرق أو الإثنية.
وفيما يشبه عمليات الكر والفر فى المعركة مع فيروس كورونا، يعد العام المنصرم أيضا عام المتحورات. وقد بدأ ظهور السلالات المتحورة من الفيروس بنهاية عام 2020 وبداية 2021. حينذاك ظهرت السلالات «ألفا» و«بيتا» و«جاما»، والتى ارتبطت تسميتها الإعلامية بأماكن ظهورها، وهى على التوالى: المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا والبرازيل. واختلف العلماء حول قدرة اللقاحات على مواجهتها. واتجه الرأى بعد ذلك إلى صمود اللقاح أمام «ألفا»، وتراجع كفاءة بعض اللقاحات إزاء «بيتا» و«جاما». وبحلول شهر مايو الماضى، حلت سلالة «دلتا» ضيفا ثقيلا على العالم. وهى حاليا مسئولة عن غالبية الإصابات عالميا، وتمثل تحديا أمام اللقاحات. ثم ظهرت سلالة «أوميكرون» فى نوفمبر الماضى لتختتم رحلة كورونا فى عام 2021 ، ولايزال الجدل دائرا حول ما توفره اللقاحات من حماية وفعالية فى مواجهتها.
ورغم أن المواجهة مع فيروس كورونا لم تحسم بعد، لم تطق غالبية الاقتصادات استمرار حالة الإغلاق وضجت الشعوب من قيود التباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات. وكانت مدن العالم المتحضر مسرحا لعمليات شغب وعنف غير مسبوقة، كلما أرادت حكوماتهم إعادة فرض بعض القيود. وساد مناخ مناهض – وبخاصة فى أوروبا- ضد اعتماد «جواز» التلقيح ضد كورونا لدخول الأماكن العامة.
ومن اللافت أن الجدل الدائر حول مصدر تفشى فيروس كورونا لم ينته بعد. فبالرغم من أن فريق التحقيق التابع لمنظمة الصحة العالمية، قد اعتبر حدوث تسريب من مختبر «ووهان» فى الصين يعد أمرا «غير محتمل أبدا»، ظل هناك تراشق فى الاتهامات بين واشنطن وبكين، حول المسئولية عن تفشى الوباء. وتحت ضغط هائل، تراجعت منظمة الصحة العالمية عن استنتاجات تحقيقها. وأقر تيدروس أدهانوم جيبريسوس، بأن «كل فرضية يجب أن تكون مفتوحة».
ومع مضى نحو عامين على بدء تفشى الوباء، قد يظن كثيرون أن العالم يقترب من نهاية كورونا، لكن المفارقة، أن معدل الوفيات على مستوى العالم لم يتراجع بل زاد مما يقارب المليونين بنهاية عام 2020 إلى أكثر من 5.6 مليون ضحية حتى الآن.
رابط دائم: