هل تشفع «هدية» الديمقراطية لممارسة الانحراف وإدمان الاستهتار الأخلاقى؟! فى حالة خوان كارلوس ملك إسبانيا السابق المنطق مرفوض من شعبه رغم كل المكاسب التى قدمها له منذ جلوسه على العرش خلفا للديكتاتور فرانسيسكو فرانكو عام ١٩٧٥، وزرع النظام البرلمانى كبذرة للإصلاح السياسى، حتى أرغمته سلسلة الفضائح على التنحى عن العرش فى يونيو ٢٠١٤ لصالح نجله فيليب، ليغلق سجل الماضى الأبيض بصفحات سوداء ملوثة!.
وتنوعت تجاوزات «كارلوس الأب» مابين ماء «الفساد» المالح، والعلاقات غير الشرعية. وفجرت قضية «الرشوة الضخمة» التى كشفت النقاب عنها صحيفة «تريبيون دى جينيف» السويسرية أبرز فضائح الملك العجوز بحصوله على ١٠٠ مليون دولار (٩٠ مليون يورو) كرشاوى عبر حساب خارجى مقابل مشاركته بصفقة مشبوهة وكانت الواقعة خيطا التقطته صحيفة «الپاييس» الإسبانية وصاغت منه مانشيتها الخاص بعنوان «خوان كارلوس الغامض الكبير»، لتنشر وثائق عن تورط عشيقته الأميرة الألمانية كورينا، فى إخفاء أصول وممتلكات فى الخارج، بالإضافة إلى حسابات فى سويسرا باسم ابن عمه ألبارو أورلينز دى بوربون، فضلا عن استخدامها للحصول على صفقات عقارية منخفضة الضرائب. وبمجرد أن فتحت وسائل الإعلام النار على «كارلوس»، قرر المدعى فى المحكمة العليا الإسبانية فتح تحقيق أولى حول معاملاته المالية استجابة لتقرير أعدته الوكالة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال. واتسعت رقعة الانحراف إلى حد الجريمة المباشرة باتهام «كارلوس» بقتل شقيقه ألفونسيتو دى بوروبون الذى كان يبلغ ١٤ عاما، فى حادث اتسم بالغموض المثير والالتباس المقصود، لينفرد بالحكم ويرثه الأبناء دون شريك، حتى لو من نفس الدماء الملكية!. أما عن المرأة فى حياة «كارلوس»، فلها مساحة وفيرة من خصومات رصيد الملك الشعبى فى ظل نزواته المكلفة، ورفعت صحيفة «التايمز» البريطانية الغطاء عن هذا الملف الساخن عندما زعمت أن وكالة الاستخبارات الإسبانية حقنت «كارلوس» بهرمونات أنثوية لكبح رغباته الجنسية التى كانت تشكل خطرا على الدولة. ونقلت الصحيفة عن خوسيه مانويل فياريجو، مفوض الشرطة الإسبانية السابق والمدان فى قضايا ابتزاز وفساد إدارى ادعاءاته بأن قرار الحقن كان محاولة لاحتواء شهوات الملك المتصابى. وكل هذه الأشباح كفيلة بغضب الابن من سلوك الأب، فلايغفر له خيار الاعتزال وتسليمه مفاتيح العرش أخطاءه المشينة.فقد أوقف الملك فيليب السادس مخصصات «كارلوس» التى تزيد على ١٩٤ ألف يورو، بل وتخلى عن ميراثه من أموال والده «زير النساء». ويسعى الملك الجديد لتحسين سُمعة القصر أمام ضغوط المعارضة اليسارية التى تصيدت «خطايا» الأب، وتستثمرها سياسيا للتحول إلى النظام الجمهورى، حيث أكد بابلو إجلاسياس زعيم حزب «يونيداس بوديموس» الشريك الأصغر فى الحكومة الائتلافية بإسبانيا أن «الملكية الآن لم تعد مناسبة لجيل الشباب». فيما اجتاحت المظاهرات الشوارع تطالب بإنهاء هذا العصر.
وصوَّت مجلس مدينة برشلونة الإسبانية لمصلحة تجريد الملك الهارب من كل الجوائز الرسمية التى تلقاها من المدينة، ومن بينها الميدالية الذهبية التى تُمنح لمن تميزوا عبر استحقاق شخصى أو بتقديم خدمات استثنائية لبرشلونة.
لنتخيل الابن فيليب يصرخ فى ألم «هذا ما جناه أبى»، بعد أن سمم الملك المنفى حياة العائلة المالكة الإسبانية بأكملها!.
رابط دائم: