-
«القاهــرة » من أفضـل 100 جامعة فى علـوم الأدويـة
-
إصلاح الخطاب الدينى لا يعنى إنشاء دين جديد بل علوم دينية جديدة
-
القرآن فوق الزمان والمكان.. وتراث الفقه يفيدنا
-
فى منهج التفكير لا المسائل التى عالجها
-
دخلنا مجال النشر الدولى بتخصصات جديدة كعلوم الاجتماع والفلسفة والدين
-
افتتاح مجمع الأطفال الطبى فى 2024.. ومستشفى ثابت ثابت هذا العام
الحوار مع د.محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة و أستاذ الفلسفة ومقارنة الاديان، له أبعاد متعددة، فهو، من جهة، يقود واحدة من أعرق الجامعات ليس فى مصر فقط، بل على المستوى العربى والدولي، ومن جهة أخرى؛ فهو مسئول عن جانب كبير من مؤسسات القطاع الصحى فى مصر، بحكم انضواء عدد لا يستهان به من المستشفيات والمراكز الطبية تحت مظلة الجامعة يصل إلى 17 مستشفى ومركزا، وهى تخدم ملايين المواطنين سنويا بالمجان أو بأسعار اقتصادية، وفوق هذا وذاك, فالدكتور الخشت مدرج في موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين الصادرة عن كرسى اليونسكو للفلسفة فى عام2017، وتحتل قضية تجديد العقل الدينى جزءا رئيسيا فى مشروعه الفكري، وهى القضية التى تتطلب بذل الكثير من الجهد، لتحقيق مقاصدها، ومن ثم القدرة على التخلص من آفات مجتمعية لا حصر لها، سببها الرئيسى هو اتباع منهج عقلى يخاصم التفكير.
التقينا د. محمد عثمان الخشت.. فكان هذا الحوار :
جامعة القاهرة وقد أتمت عامها الثالث عشر بعد المائة.. أين هى على خريطة جامعات العالم الآن، وما هو ترتيبها فى أهم التصنيفات العالمية ؟
جامعة القاهرة التى تُعد صرحًا شامخًا للثقافة والعلم على المستوى المحلى والدولي، نجحت فى تجديد نفسها والتقدم بقوة فى التصنيفات الدولية على مدار الـسنوات الأربع الأخيرة ،واستطاعت أن تتفوق على عدد من الجامعات العالمية المرموقة مثل السوربون وهاينريش هاينه دوسلدورف الألمانية، وأنقرة التركية، وتولوز الفرنسية وكيو اليابانية، واوكلاند الامريكية.جامعة القاهرة الآن هى الأولى مصريًا وإفريقيًا فى معظم التصنيفات الدولية، وأصبحت داخل أفضل 308 جامعات عالمية فى تصنيف Leiden ليدن الهولندي، ودخلت ضمن أفضل مائة جامعة عالمية فى تخصصات الصيدلة وعلوم الأدوية، وتقدم ترتيبها عالميا فى تصنيف US-News الأمريكى لعام 2021، من المركز 427 إلى 392 . وهى من أفضل 500 جامعة فى بعض التصنيفات ، ومن أفضل 400 فى تصنيفات أخرى، ومن أفضل 100 جامعة على مستوى العالم فى الصيدلة وعلوم الأدوية، وهذه نقلة ضخمة ،كما تصنف من أفضل 200 جامعة فى الطب والهندسة، وهناك تخصصات كانت خارجها تماما مثل العلوم الانسانية والاجتماعية ، فأصبحت من بين أفضل 500 جامعة ( وفقا لتنصنيف us- news الامريكي) فى تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية ومن بينها اللغة والقانون وعلوم الدين .
د. الخشت فى أثناء حواره مع مندوبة الأهرام
كم كلية فى الجامعة حاصلة على الاعتماد من الهيئة القومية لضمان الاعتماد والجودة؟
حققنا نقلة نوعية كبيرة فى الاعتماد الدولى الأكاديمى والإداري، وحصلت معظم كليات الجامعة ومعاهدها على الاعتماد القومى للجودة( ١٩ من أصل 27 كلية) ولم نتوقف عند الاعتماد المحلى فقط، فقد حصل 19 معملا وبرنامجا دراسيا على الاعتماد الدولي، كما حصلت على شهادة الأيزو العالمية 13 كلية، و11 مركزًا، والأمانة العامة للجامعة بإداراتها الرئيسية، ومركز جامعة القاهرة لضمان جودة التعليم. وقد حرصنا على تأهيل الكليات للحصول على الاعتماد الدولى بتقديم الدعم الفنى واللوجستي، كتطوير البرامج الدراسية والكليات ، وتأهيل البنية الأساسية والبشرية اللازمة للاعتماد، ووضع نظام لقياس وتقييم الأداء ، وجودة فرص التعلم، والمشاركة المجتمعية، والأبحاث. وشكلنا لجانا لبحث الفجوة المعرفية بيننا وبين الجامعات المصنفة ضمن العشر الأولى عالميا، وقد تمكنا من سد الفجوة المعرفية فى 328 برنامجا ولائحة .على سبيل المثال ، كل برامج النانو تكنولوجى لا توجد فيها أى فجوة معرفية.
كيف تسهم جامعة القاهرة فى خدمة المجتمع؟
الجامعة حريصة على توظيف جميع إمكاناتها البشرية والمادية لتأدية دورها المجتمعي، من بينها إطلاق القوافل التنموية الشاملة وتنظيم الحملات الصحية التوعوية لجميع المحافظات ، كما نتعاون مع العديد من الوزارات ومؤسسات الدولة للمساهمة فى تدريب وتأهيل الكوادر البشرية، من خلال الدورات التدريبية، من بينها تأهيل الأئمة والواعظات للتعامل بمنهج علمى مع قضايا العصر ومستجداته، بالتعاون مع وزارة الأوقاف، وتأهيل الكوادر فى مجال الدراسات الاستراتيجية والأمن القومى وإدارة الأزمات، بالتعاون مع أكاديمية ناصر العسكرية العليا.
هل يكون تأهيل الأئمة والواعظات فى مجالات العلوم الشرعية؟
بل تأهيل شامل يجمع بين علوم الدين والعلوم الانسانية والاجتماعية من علم نفس وسياسة ومهارات قيادية، من خلال أساتذة كليات الحقوق والآداب ودار العلوم وغيرها. وأقوم بتقديم محاضرات فى هذه الدورات التدريبية بصفتى عضوا فى أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الائمة.
ما التخصصات الجديدة التى استحدثتها كليات الجامعة بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل؟
لدينا رؤية للتحول إلى جامعة من الجيل الرابع تواكب متطلبات الثورة الصناعية الخامسة ووظائف المستقبل، فتم افتتاح كلية الدراسات العليا للنانو تكنولوجى بفرع الجامعة الدولى فى مدينة الشيخ زايد، كما تمت الموافقة من مجلس الجامعة على استحداث كلية علوم الطاقة الجديدة والمتجددة، و كلية ومركز أبحاث علوم وتكنولوجيا الفضاء، بهدف مواكبة المشاريع المستقبلية لمصر خاصة البرنامج الفضائى المصري، وكلية ثالثة لتقنيات الذكاء الاصطناعى والروبوت. أما فى الجامعة الأم فقد استحدثنا مجموعة من البرامج الدراسية المتميزة بنظام الساعات المعتمدة تخدم متطلبات سوق العمل.
كلية النانو تكنولوجي، التى بدأت الدراسة بها ؛ مخصصة للدراسات العليا فقط؟
نعم، وبدأنا بالدراسات العليا، لأن الهدف هو تنشيط البحث العلمى الذى يخدم احتياجات الدولة، وانضم 200 طالب دراسات عليا للكلية، التى تحوى 20 معملا، وبعدها سنتيح الدراسة فى المرحلة الجامعية الأولى. وكما تلاحظين فقد ركزنا على تخصصات جديدة فى الفرع الجديد، فلم نخصص كلية للآثار أو الحقوق أو السياحة والفنادق مثلا.
هذا يدفعنا للسؤال عن التخصصات التى يجب أن يتراجع عنها الطلاب عند الالتحاق بالمرحلة الجامعية؟
لا توجد كلية لسنا بحاجة اليها، وكلها تلبى نسبا معينة من سوق العمل، لكن بالتأكيد لابد من تقييد عدد المقبولين فى كليات بعينها فى ضوء محددات سوق العمل، لكن فى النهاية التنمية لا تعنى فقط اقتصادا وصناعة وزراعة ، بل هناك احتياجات أخرى للدولة تصب فى خدمة قواها الناعمة.
قلت إن جامعة القاهرة الدولية هى أول جامعة برامج على مستوى العالم. ماذا يعنى ذلك؟
بالفعل أعلنت فى عام 2018 عند وضع حجر الأساس أنها ستكون بنظام البرامج وليس الكليات، فقد يحصل الطالب على برنامج فى الآثار أو ريادة الأعمال ، ومدة الدراسة من أربع الى خمس سنوات حسب التخصص.
إذن ما الفرق بين الكلية والبرنامج؟
ميزة البرامج أنها تجمع بين أكثر من تخصص، وتدخل أكثر فى نطاق العلوم البينية ومتعددة التخصصات. البرامج تركز أكثر على التخصصات وليس التكوين العام. ويوجد اختلاف فى طريقة الإدارة الأكاديمية، ففى البرامج تكون المتابعة أفضل، علاوة على التركيز فى عملية الارشاد الاكاديمى وطريقة تكوين كل طالب.
هل سيختلف نظام القبول بجامعة القاهرة الدولية ؟
جامعة القاهرة الدولية جزء من جامعة القاهرة هدفها إيجاد كيان أكاديمى عالمى جديد يحقق التكامل بين التعليم والبحث العلمي، وتقديم خريجين متميزين ذوى قدرة تنافسية للعمل محليًا ودوليًا،ومنح شهادات ودرجات علمية، قائمة على الشراكة مع جامعات مرموقة دوليًا. وتعتمد معايير القبول بها على أمرين، الأول من خلال التنسيق، والآخر من خلال وضع اختبارات تعتمد على المهارات الشخصية، وذلك بهدف قبول الطلاب المتميزين محليًا ودوليًا، بالإضافة إلى قبول الطلاب المتميزين من ذوى القدرات الخاصة وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومناسبة لهم.
فى عام 2021 تم إدراج 79 عالمًا من علماء الجامعة فى قائمة أفضل 2% من علماء العالم طبقا لمؤشرات الاقتباس.. ما المحفزات التى قدمتها الجامعة للمساعدة فى زيادة النشر العلمى الدولي؟
حققنا إنجازا كبيرا فى تطوير الأبحاث العلمية المنشورة دوليًا من حيث الكم والكيف، من خلال توجيه الأبحاث العلمية لأن تكون تطبيقية تحقق عائدًا ملموسًا على الاقتصاد والمجتمع وليس مجرد نشر دولى ، والتركيز على مجالات بحثية لم يكن لها وجود على خريطة النشر الدولي( مثل العلوم الاجتماعية والانسانية التطبيقية والفلسفة وعلوم الدين واللغة والتاريخ) وأنشأنا منصة لتوجيه البحوث العلمية لدعم المشروعات القومية والتنموية.
وكيف تسهم الجامعة بالبحث التطبيقى فى مشروعات الدولة القومية الحالية؟
أسهمتا فعلا فى عدد كبير من المشروعات بالتعاون مع مختلف الوزارات والجهات، ومنها على سبيل المثال؛ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى مشروع استكشاف أماكن وجود الرخام، ومع وزارة الطيران فى تطوير ممرات الإقلاع والهبوط بمطار القاهرة، وتصميم والإشراف على تنفيذ مطار الطائرات الهليكوبتر لمنطقة أبو ماضي، ومع وزارة الإسكان من خلال الإشراف على أعمال تنفيذ بعض مشروعات الإسكان الاجتماعى ومبانى الخدمات بالمدن الجديدة لصلحة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (شملت 1260 عمارة سكنية)، كما أسهمت الجامعة فى العديد من المشروعات التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية، منها مشروع استكشاف وجود الذهب بمنطقة المثلث الذهبى (قنا- سفاجا -القصير)، ومشروع استكشاف المعادن الاقتصادية (الذهب، والحديد، والنحاس) باستخدام الطرق الجيوفيزيائية فى جنوب الصحراء الشرقية، ونتعاون مع وزارة الموارد المائية والرى فى مشروع استصلاح واستزراع 400 ألف فدان بشمال سيناء، والاستخدام الاستراتيجى المُستدام للمياه الجوفية بالصحراء الغربية. وفى مجال الرياضة، أسهمتا فى تطوير عدد من ملاعب ومراكز الشباب، والإشراف على أعمال تنفيذ مشروع المدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وبناء كل من مركز شباب الجزيرة 2 بمدينة 6 أكتوبر، ومركز شباب حى الأسمرات بالمقطم.
فى مجال الآثار مثلا؛ تعاونت الجامعة فى بعض الكشوف الأثرية مثل مقبرة الملك رمسيس الثاني، ومنطقة تونا الجبل بالمنيا، أما فى مجال البيئة، فنسهم مع الوزارة فى دراسة المخاطر الطبيعية وتأثيرها على السواحل المصرية لتفادى غرق الدلتا، ومشروع تنفيذ المنظومة الدائمة لحصر وجرد الملوثات فى كل المحافظات. ساعدنا أيضا الهيئة القومية للسك الحديدية فى تطوير المزلقانات، وقدمنا الاستشارات الهندسية لإعادة تأهيل سكة حديد قنا – سفاجا – أبو طرطور.
خصصتم مبلغ 10 ملايين جنيه للكلية التى يتم تصنيفها ضمن أفضل 100 فى تخصصها. ما الكليات التى حصلت على هذه المكافآة حتى الآن؟
حصلت عليها كلية العلوم. وليس هذا المبلغ الوحيد المرصود. بل تمت زيادة مكافآت وتمويل النشر الدولى بنسبة 100%، ورفعنا مكافأة النشر فى مجلتى ساينس وناتشر إلى 150 ألف جنيه، ورصدنا 100 ألف جنيه لأعضاء هيئة التدريس الحاصلين على أعلى معامل تأثير وأعلى استشهاد، ومكافأة خاصة لمن يتقدمون بـ10 أبحاث دولية فأكثر فى العام، بالإضافة إلى تحويل المجلات العلمية بالكليات إلى مجلات دولية. كما استحدثنا العديد من الجوائز للمشروعات البحثية فى المجالات الابتكارية، من بينها جائزة لأفضل 3 كليات وأفضل 3 أقسام علمية من حيث مؤشرات النشر الدولى لدعم المنافسة بينها.
هناك طفرة ملحوظة بشكل عام فى عدد طلاب الدراسات العليا. هل تقيم هذا الأمر بالسلب أم بالايجاب؟
أعتقد أن التطور الكبير فى منظومة التعليم العالى يدعم قوة مصر الناعمة و مكانة الجامعات المصرية عالميا، وبالتالى دفع الطلاب لاستكمال دراساتهم العليا بها.
وماذا عن الأعداد المتزايدة الراغبة منهم فى أن يكون لها أولوية التعيين فى الجهاز الادارى للدولة أو فى الوظائف المختلفة؟
التعيين لا يقوم فقط على الحصول على الدرجة العلمية، أو هكذا ينبغى أن يكون، فهناك مهارات وقدرات ومتطلبات أخرى لابد من توافرها ليكون الشخص مؤهلا للوظيفة التى سيشغلها.
يجرى حاليا إنشاء ثلاثة صروح طبية جديدة لجامعة القاهرة، هى المجمع الطبى للأطفال ومستشفى ثابت ثابت للأمراض المعدية ومستشفى الأورام الجديد. متى يدخل كل منها الخدمة؟
المجمع الطبى للأطفال يُعد أكبر مشروع يقدم الرعاية الصحية للأطفال فى منطقة الشرق الأوسط، وتصل طاقته الاستيعابية إلى 300 سرير، ومن المُقرر أن يتم الافتتاح فى عام 2024. كما نستكمل العمل فى مستشفى ثابت ثابت الجامعي، ليصبح من أكبر المستشفيات فى العالم لعلاج الأمراض المعدية والباطنة والمتوطنة، وأول معهد طبى بحثى متخصص فى الأمراض المعدية، حيث وجه رئيس الجمهورية بتمويل مالى يُقدر بنحو 500 مليون جنيه لاستكمال الأعمال المتبقية بالمستشفى، ليفتح ابواب الخدمة العلاجية هذا العام. ونواصل العمل فى مشروع المعهد القومى للأورام الجديد مستشفى 500 500 بوتيرة سريعة لاستقبال المرضى خلال العامين المقبلين.
ومتى يستقبل المبنى الجنوبى للمعهد القومى للأورام المرضى من جديد؟
بالفعل بدأ المبنى الجنوبى فى استقبال المرضى، وتم استكمال نسبة كبيرة من أعمال تطوير المعهد القومى للأورام بجناحيه الشمالى والشرقي. فيما يتعلق بالمبنى الجنوبى تم الانتهاء من كل أعمال التطوير به وتجهيزه بأحدث المواصفات العالمية، فزادت قدرته الاستيعابية بنسبة 50%، بـ 255 سريرا منها 145 سريرا للمرضى و110 أسرة لعلاج كيميائي، بالإضافة إلى 6 غرف عمليات و18 سريرا للرعاية المركزة، بالإضافة إلى تطوير العيادات الخارجية للحد من قوائم الانتظار والتكدس.
جامعة القاهرة تبنت مشروعا لتأسيس خطاب دينى جديد. ما هى أدواته ؟
الإصلاح الدينى شرط للانتقال إلى دولة قوية ذات مفهوم تنموى شامل، وتسعى الجامعة بالفعل لتأسيس خطاب دينى جديد يقوم على ترسيخ الثوابت، وتجديد المتغيرات، وإنشاء علوم دين جديدة من خلال علم تفسير جديد، وعلم فقه جديد، وعلم حديث جديد، واستبعاد الطرق الخاطئة لتكوين الأحكام التى يتبعها الخطاب الدينى التقليدي.
وأكرر دائما أن خطابا دينيا جديدا لا يعنى إنشاء دين جديد، بل العودة إلى إسلام الوحى والمنابع الأصلية والثوابت، سواء من حيث المصدر وهى القرآن الكريم والسنة النبوية المتواترة، أو الثوابت من حيث الموضوع، مثل الأصول الاعتقادية والعبادية والأخلاقية وأصول المعلاملات والمحرمات فى القرآن والسنة المتواترة. وفى مشروعنا نعمل على التجديد فى مجال المتغيرات لا الثوابت، لأن المتغيرات تفتح المجال للاجتهاد فى فهم النص فى المنطقة ظنية الدلالة، لذا لابد أولا من التمييز بين الثوابت والمتغيرات فى الدين. فريضة الصلاة على سبيل المثال بها ثوابت ومتغيرات. فقراءة الفاتحة والقيام والركوع والسجود من ثوابت الصلاة، لكن الجهر بالبسملة وموضع اليد مثلا من الامور متعددة الصواب لان لها احوالا مختلفة كلها وردت عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومادامت هناك آراء مختلفة بشأنها، وكلها وردت عن الرسول ، إذن فكلها صحيحة.
ما الوسائل التى تنفذ الجامعة من خلالها مشروعها فى تأسيس الخطاب الجديد؟
من خلال المناهج الدراسية والمشروعات البحثية والأنشطة الثقافية بمختلف أنواعها والندوات. على سبيل المثال نظمنا مؤخرا ثلاث ندوات موسعة، كان آخرها بمشاركة الشيخ د.جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف، عن تطوير الوعى بالدين، وقد أكد فيها أن الجماعات المتطرفة نجحت فى وقت ما فى أن تبعد الناس عن العلماء المخلصين، مع تصدير أفراد ليس لديهم أى قدر من المعرفة. كما نظمنا محاضرة بمشاركة د.أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية- حول الثوابت والمتغيرات فى الاسلام، واتفقنا فيها على أن القرآن الكريم ليس تاريخيًا، بمعنى أنه ليس نتاج ظروف زمن أو مجتمع معين، بل هو متسام فوق الزمان والمكان، وأن هناك مجموعة ضوابط محكمة فى فهم النص، وحينما نقرأ التراث فإننا نأخذ من العلماء ما صح من مناهجهم دون الوقوف عند المسائل التى درسوها ،لأن المسائل التى عالجوها مرتبطة بزمان وواقع وظروف مختلفة ، لكن ما يعنينا منهجية التفكير القائمة على جمع الأدلة وفهم الواقع. لذلك فإن التراث لا يترك بأكمله، ولا يقبل بأكمله، ولا ينتقى منه انتقاء عشوائيًا، وإنما انتقاء واع، ويظل القرآن الكريم فوق التراث.
كيف نجعل المجتمع يتقبل فكرة” التجديد” الديني؟
لابد من العمل من خلال المناهج الدراسية والمنابر ووسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية على نقد العقل النقلي، ونشر قيم العقلانية النقدية. لابد من تغيير طرائق التفكير لدى المسلمين، وتغيير رؤية العالم لديهم، وإحداث التفاعل بين العلوم الشرعية والإنسانية والاجتماعية، بهدف صناعة عقول جديدة منفتحة ومستنيرة مهيأة للعودة إلى المنابع الصافية للإسلام (القرآن وما صح من السنة)، وتكون قادرة على استبعاد جميع المرجعيات التراثية الوهمية التى اكتسبت بمرور الوقت طابع القداسة، رغم أنها من صُنع بشر مثلنا.
كأحد المهمومين بشكل شخصى بقضية إصلاح الخطاب الدينى إلى أى مدى ترى تقبل المجتمع المصرى لهذه الأفكار؟
الأغلبية تتقبل. وأحذر من أن ينخدع الناس بما يقرأونه على السوشيال ميديا، فأغلب محتواها تقوده الكتائب الالكترونية الموجهة، أيضا لا يمكن الحكم بالملاحظة الفردية المباشرة فى المجتمع المحيط، لأن لكل منا مجتمعه ومحيطه الخاص، حسب تخصصه الوظيفى وبيئته الاجتماعية والثقافية، لذلك فالدراسة العلمية التى تطبق على عينة عشوائية ممثلة لكل فئات المجتمع هى الوسيلة الوحيدة للخروج بنتائج سليمة.
هل تم إجراء مثل هذا الاستطلاع؟
لا لم يتم إجراء استطلاع علمى حتى الآن، لكنها فكرة ممتازة سوف نكلف المراكز المتخصصة لدينا لإجرائها بطرق ومداخل مختلفة.
أخيرا، مسرح دولت أبيض بدأ العمل به منذ عام ونصف.. هل سيكون قاصرا على العروض الطلابية؟
سيتم قريبا الانتهاء من أعمال انشاءات المسرح بالمدينة الجامعية، ويتم العمل فيه بوتيرة سريعة وتجهيزه وفقًا لأحدث التقنيات العالمية من حيث التجهيزات الفنية والتكنولوجية، وهو بالمناسبة لن يكون مجرد مسرح وإنما مجمع كامل لكل أنواع الفنون.
رابط دائم: