ضرب «غزو» أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب للكونجرس الديمقراطية الأمريكية فى مقتل. فعلى مدى عام كامل، سيطر الاستقطاب الحزبى على كل تداعيات أحداث 6 يناير2021 بداية من انطلاقها، مرورا بمحاكمة ترامب برلمانيا، وصولا إلى تشكيل لجنة تحقيق، وانتهاء برؤية متناقضة لمسار التحقيقات. والآن، يتهم الجمهوريون الديمقراطيين بتسييس الهجوم وإلقاء اللوم عليهم، فى إطار المعركة الانتخابية للتجديد النصفى للكونجرس المقررة فى نوفمبر المقبل.
ويرى الجمهوريون أن الديمقراطيين مهتمون باستغلال أحداث هذا اليوم لأغراض سياسية أكثر من اهتمامهم بمعالجة نقاط الضعف الأمنية التى تم الكشف عنها فى ذلك اليوم. كما أنهم يستخدمون الهجوم كسلاح حزبى لإثارة المزيد من الانقسام فى البلاد.
فى المقابل، يرى زعماء الحزب الديمقراطى وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسي، وزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، أن هناك حاجة ماسة إلى مواجهة مزاعم ترامب الكاذبة بأن الانتخابات قد سُرقت منه، عبر لجنة التحقيقات المشكلة حاليا. ويتخوف الديمقراطيون من أنه إذا لم تحدث محاكمات ومحاسبة للمخططين والمحرضين على الاقتحام، فسيتم تكرار هذه الحادثة، وسيتم رفض نتائج أى انتخابات مستقبلية والتشكيك فيها. ويرون أنه يجب أن يكون ترامب نفسه وعدد من كبار مستشاريه فى السجن، وعدم الاقتصار على محاكمة مثيرى الشغب.
لكن فى الوقت نفسه، لا تغيب انتخابات الكونجرس القادمة عن حسابات كل طرف، خاصة مع وجود مع ما يشبه العُرف السياسى بخسارة حزب الرئيس بعض مقاعد مجلس النواب فى هذه الدورة. وفى هذا الإطار، لاينسى الديمقراطيون أن الجمهوريين يحتاجون إلى 5 مقاعد فقط كى تنتقل الأغلبية إليهم داخل مجلس النواب، وهو ما سيؤدى إلى شلّ أجندة الرئيس جو بايدن خلال العامين الأخيرين من فترة حكمه، لكن الأزمة الأكبر أن الجمهوريين قد ينجحوا فى إنهاء التحقيقات.
ولذلك سارع بايدن خلال إحياء ذكرى هذه الأحداث بشن هجوم حاد على ترامب ورفضه للعنف السياسى وتذكير الأمريكيين بخطورة الأحداث وتداعياتها حتى الآن. وتعتمد خطة الحزب الديمقراطى كذلك للأسابيع المقبلة على توضيح خطورة التهديد الذى يشكله المشاغبون والمتعاطفون معهم، بينما يحاولون استعادة ثقة الأمريكيين فى آلية الديمقراطية. وينطوى جهدهم على مزيج من التحقيقات وجلسات الاستماع والتشريعات. ويعمدون لذلك بين الحين والآخر إلى كشف نتائج التحقيقات مثل وجود وثائق تكشف عن مساعى عدد من المسئولين السابقين وفى أجهزة حكومية مختلفة لتقويض الانتخابات الرئاسية. ويعتزم أعضاء لجنة التحقيق فى أحداث الكونجرس، التى يتكون معظم أعضائها من نواب ديمقراطيين، عقد جلسات استماع عامة خلال العام الحالى إضافة إلى نشر التقرير النهائى فى الخريف المقبل قبيل الانتخابات البرلمانية.
فى جميع الأحوال، فإن الأسوأ من انقسام الأحزاب هو اضطراب «عقل» الناخبين الأمريكيين حتى الآن وعدم اتفاقهم على توصيف ما جرى وفقدانهم الثقة فى النظام الانتخابى كما كشفت استطلاعات الرأى الأخيرة.
ولذلك، وكما حذر خبراء أمريكيون، فإن الولايات المتحدة لم تتعلم الدروس من الأحداث التى تسببت فى وقوع وفيات عديدة وتعرض أكثر من 100 شخص لإصابات وإلحاق أضرار بمبنى الكابيتول. ومع استمرار تدهور السياسات الحزبية فى الولايات المتحدة، فلا تزال البلاد تواجه خطر تكرار «الغزو».
رابط دائم: