رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«خطة الاتفاق الجديد».. كيف تؤثر على توجهات سول الخارجية؟

إيمان عارف

  • الصناعات الخضراء والحكومة الذكية من أبرز مجالات التعاون المتوقعة مع مصر

 

 

منذ إعلان كوريا الجنوبية اختيار مصر لتكون شريكا استراتيجيا ذا أولوية فى المساعدات الإنمائية الرسمية مطلع العام الحالى، والعلاقات بين البلدين تشهد زخما واضحا، بسبب تفعيل التعاون بين الجانبين، خاصة وأن مصر هى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط وإفريقيا التى وقع عليها الاختيار لتكون ضمن هذه القائمة المتميزة، وهو ما يتطلب بذل مزيد من الجهد لتفهم توجهات السياسة الكورية خلال المرحلة المقبلة، لضمان استمرار هذا التعاون الوثيق بين البلدين.

ومؤخرا، أطلقت الحكومة الكورية تقريرا مطولا عن سياستها الخارجية خلال الفترة المقبلة، حول ما أطلقت عليه «الاتفاق الجديد»، والسياسة الجديدة فيما يتعلق بالجنوب والشمال، والاستجابة الكورية لجائحة «كوفيد ــ 19»، وهو ما حرصت السفارة الكورية فى القاهرة على تقديم شرح لهذه السياسة بالتفصيل فى إطار جهودها للترويج لهذه التوجهات وبيان أهميتها فى تشكيل سياستها خلال المرحلة المقبلة.

فى البداية، حرص التقرير على شرح الهدف من اختيار الاسم «الاتفاق الجديد»، حيث ذكر أنه مستوحى من استجابة الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت للكساد العظيم فى عام 1933، وقياسا على ذلك، فإن الصفقة الكورية الجديدة هى استراتيجية تنمية وطنية ضخمة لمدة 5 سنوات تم الإعلان عنها فى يوليو 2020 بهدف إخراج الاقتصاد المحلى من تأثير جائحة «كوفيد ــ 19»، وتتضمن الخطة استثمارًا بقيمة 140 مليار دولار لتوفير مليون و901 ألف فرصة عمل بحلول عام 2025، وهو ما دفع الرئيس مون جاى إين لوصف البرنامج بأنه «تحول كبير بالنسبة لكوريا لتحقيق قفزة لتصبح دولة رائدة».

ويعتبر الاتفاق الرقمى الجديد والاتفاق الأخضر الجديد، من الركائز الرئيسية للاستراتيجية الجديدة، التى تسعى كذلك لتوفير فرص عمل وشبكات أمان أقوى، وتستهدف هذه الخطة إجمالا 28 مشروعا فى 7 مجالات محددة، وتروج لنمو الصناعات غير المباشرة، أو التى لا تستدعى تعاملا مباشرا والصناعات الخضراء.

واختارت الحكومة 10 مشروعات مميزة، من بينها ثلاثة مشروعات للاتفاق الرقمى الجديد، وثلاثة للاتفاق الجديد الأخضر، وأربعة للصناعة الرقمية الخضراء، وقد فصلت تحديدا فى الصفقة الرقمية الجديدة، وفيها يتم التركيز على ثلاثة مشروعات رئيسية هي: البيانات، والحكومة الذكية، والرعاية الصحية الذكية، أما الصفقة الخضراء الجديدة فيتم التركيز فيها على سبيل المثال على الطاقة الخضراء، كما تخطط الحكومة للتركيز على أربعة مشروعات رئيسية، هى المدارس الخضراء والذكية ورقمنة شركة نفط الجنوب، والمجمعات الصناعية الذكية والخضراء.

وسيتم تمويل هذه السياسة بشكل أساسى عن طريق الدعم الحكومى، حيث ستضخ الحكومة 100 مليار دولار مباشرة، بينما سيتم تمويل 22 مليار دولار من الحكومات المحلية و19 مليار دولار ستأتى من القطاع الخاص، كما سيتم منح المواطنين الفرصة للمشاركة مباشرة من خلال «صندوق الاتفاق الجديد»، والهدف هو جمع 4 تريليونات وون بحلول عام 2021 و20 تريليون وون - 18 مليار دولار ــ بحلول عام 2025.

وطرح التقرير كذلك فكرة الربط بين الاتفاق الأخضر الجديد والتزام كوريا بحياد الكربون بحلول عام 2050، واعتبر هذا الاتفاق بمثابة خطوة أولى نحو حيادية الكربون فى البلاد، ومن ناحية أخرى، كان لالتزام كوريا بهدف «Net-Zero» أو صفر انبعاثات بحلول عام 2050 أمام المجتمع الدولى تأثير كبير على أهمية الاتفاق الأخضر الجديدة وخلق ديناميكية إيجابية للغاية للبلاد لتصبح «أكثر اخضرارًا».

وتناول التقرير بشكل مفصل جائحة كورونا وتأثيرها على الوضع فى الداخل، وذكر التقرير أن كوريا استطاعت أن تحد من ضرر الجائحة، واعتبرت من الدول الأقل تضررًا اقتصاديًا بين الدول المتقدمة.

أما فيما يتعلق بالسياسة الجنوبية الجديدة والسياسة الشمالية الجديد، فأشار التقرير إلى أنها تهدف إلى رفع مستوى الشراكة بين كوريا والآسيان والهند إلى نفس المستوى الذى تحافظ عليه كوريا مع شركائها الرئيسيين الأربعة الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا.

وتخطط لتوسيع العلاقة التى كانت تركز فقط على التجارة فى السلع فى الماضى، إلى تبادل التقنيات والفنون والموارد البشرية.

كما تهدف السياسة الشمالية الجديدة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع البلدان عبر شمال شرق آسيا وأوراسيا من خلال مشروعات خاصة بالمنطقة، والهدف هو ربط المنطقة كمجتمع اقتصادى يسوده السلام والازدهار، وعدد التقرير الدول الشريكة لسياسة الجنوب الجديدة،وهى دول الآسيان العشر: روسيا ومولدوفا ومنغوليا وبيلاروس وأرمينيا وأذربيجان وأوزبكستان وأوكرانيا وجورجيا والمقاطعات الثلاث الشمالية الشرقية للصين، وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان.

أما العنصر الأخير من الخطة والمتعلق بصفر الكربون، فهو مصطلح آخر لحياد الكربون الذى يشير إلى تحقيق صافى انبعاثات كربونية صفرية من خلال موازنة انبعاثه وإزالته، ومن المعروف أن كوريا وهى رابع أكبر اقتصاد فى آسيا والعاشر فى العالم اليوم، استطاعت أن تنتقل من كونها واحدة من أفقر البلدان فى أعقاب الحرب الكورية، إلى مصاف الدول الاقتصادية الكبرى فى غضون أجيال قليلة، ولكن هذا النجاح الاقتصادى، جعل كوريا واحدة من أكثر الدول فى انبعاثات الكربون، حيث يعتمد الاقتصاد الكورى إلى حد كبير على الصناعات ذات الانبعاثات الكربونية الكثيرة، وقد أعلنت كوريا منذ بضع سنوات عن أهدافها لخفض الانبعاثات بحلول عام 2030، لكن التخفيض لم يبدأ إلا فى العام الماضى.

وتحدث التقرير كذلك عن إستراتيجيات كوريا لتطوير انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بإيجاز، ومن بين العناصر الخمسة الرئيسية لرؤية 2050، التوسع فى استخدام الطاقة النظيفة والهيدروجين فى جميع القطاعات، وتحسين كفاءة الطاقة إلى مستوى كبير، وتحسين الاستدامة الصناعية، وركز التقرير على أن كوريا تتفوق فى التقنيات منخفضة الكربون مثل البطاريات والمركبات الإلكترونية والهيدروجينية وتوليد الطاقة الشمسية، ومن هنا كانت مبادرة الاتفاق الجديد الأخضر، التى أطلقها الرئيس مون، والتى تهدف إلى تعزيز الصناعات الصديقة للبيئة من أجل التنمية الوطنية، والتى تتماشى أيضًا مع هدف صافى الصفر بحلول عام 2050، ومن هنا أيضا تأتى أهمية العلاقات مع دولة مثل مصر، تشكل نموذجا عالميا فى هذا المجال.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق