رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تضمنت الطبعات الأولى ومخطوطات لـ «برونتى» و«أوستن»
«مكتبة هونريسفيلد».. جهود خيرية تسترد كنزا أدبيا بريطانيا

كتبت ــ هبة عبد الستار
سير والتر سكوت.. ومخطوطة فريدة بخط يده

نجحت أخيرا الجهود الخيرية التى قادتها جمعية أصدقاء المكتبات الوطنية ببريطانيا فى استرداد مجموعة مهمة من المخطوطات التى كتبها أدباء بريطانيون عالميون مثل الأخوات برونتى، وجين أوستن، ووالتر سكوت. المجموعة، التى تضم أكثر من 500 مخطوطة تاريخية، وطبعات أولى استثنائية، ورسائل، كانت ضمن المقتنيات الخاصة لإحدى العائلات البريطانية، التى تعرف باسم «مكتبة هونريسفيلد»، وحصلت عليها «دار سوثبى» للمزايدات، وتم طرحها للبيع منذ نحو 5 أشهر بقيمة 15 مليون جنيه إسترلينى.

وتضم تلك المخطوطات، دفتر ملاحظات إميلى برونتى المكون من 31 قصيدة وتعليقات توضيحية بخط يد شارلوت برونتى، التى ظن الجميع أنها فقدت للأبد. وكذلك نسخة الطبعة الأولى من «مرتفعات ويذرينج»، التى كتبت بالاسم المستعار لإميلى، أليس بيل، والقصص القصيرة التى أعدتها شارلوت لتروى مغامرات بطلها الجندى اللورد تشارلز ويليسلى بكتيبات وصفحات مطوية يدويا وتم صنع الأغلفة من عبوات ورقية اشترتها شارلوت من الصيدلية المحلية، مما يفتح نافذة فريدة على الحياة القصيرة والمدهشة للأخوات برونتى.

جين اوستن

وتضمنت المكتبة أيضا الطبعات الأولى من روايات جين أوستن، ورسالة تتوقع فيها جين نهاية علاقة غرامية عبر رسالة كتبتها لشقيقتها، كاساندر، عندما كانت فى العشرين من عمرها، وذكرت فيها: «أن الدموع تتدفق وأنا أكتب الفكرة الحزينة» بأنها لن ترقص أبدا مع حبيبها توم ليفروى مرة أخرى. بالإضافة إلى مخطوطة للشاعر الأسكتلندى روبرت بيرنز، تتضمن مسودة لقصائد بخط يده، ومخطوطة عمل كاملة لرواية روب روى للسير والتر سكوت.

الأخوات برونتى

لم يكن من الممكن الوصول إلى تلك المكتبة الخاصة بالكامل تقريبا على مدى العقود التسعة الماضية. وتم لاحقا طرحها للبيع بالمزايدة العلنية فى دار سوثبى للمزايدات منتصف العام الماضى، مما أثار رعب المؤسسات الأدبية البريطانية، التى خشيت من أن تقع المخطوطات الثمينة فى أيدى القطاع الخاص، أو أحد هواة الاقتناء، مما كان سيحرم جمهوراً كبيراً من الانتفاع بالمخطوطات التى تعد ثروة أدبية لا تقدر بثمن. فقد طالب أمناء جمعية برونتى أعضاء مجلس العموم البريطانى (البرلمان) باتخاذ إجراءات لحفظ المجموعة الفريدة للأمة، وحذروا من اختفائها فى الخزائن المصرفية للمستثمرين الدوليين من القطاع الخاص.

كما حذرت الأكاديمية بجامعة «أكسفورد»، كاثرين ساذرلاند ، من أنه «دون تدخل حكومى فورى فى المصلحة العامة، ستنتشر قريبا مجموعة وطنية مخبأة 100 عام بشكل مجزأ فى جميع أنحاء العالم - وربما لن يتم رؤيتها أبدا». لذا بقيادة جمعية أصدقاء المكتبات الوطنية الخيرية، اجتمع اتحاد غير مسبوق من المكتبات والمتاحف لإنقاذ المجموعة وإقناع «دار سوثبى» بتأجيل البيع لحين الانتهاء من جمع الأموال. وانطلقت أكبر حملة خيرية فى مجال الثقافة والأدب بتاريخ بريطانيا نجحت خلال الشهور الخمسة الأخيرة فى جمع 15 مليون جنيه إسترلينى من أجل الحفاظ على مكتبة الكنوز الأدبية المفقودة.

وبحسب ما تم إعلانه فإن نصف المبلغ تبرع به السير ليونارد بلافاتنيك،أغنى أثرياء بريطانيا، فى أغلى عملية تبرع لمادة أدبية وتراثية. ويضاف إلى ذلك 4 ملايين جنيه إسترلينى أخرى تبرع بها الصندوق التذكارى للتراث الوطنى البريطانى. وتم جمع المبلغ المتبقى من تبرعات المنظمات بما فى ذلك مؤسستا «تى إس إليوت»، و«فولى»، بالإضافة إلى 2٫5 مليون جنيه إسترلينى أخرى من المتاحف والمكتبات مثل «بودليان»، و«المكتبة البريطانية»، و«مكتبة أسكتلندا الوطنية»، ومعهاالمنظمات الأصغر مثل منزل ومتحف «والتر سكوت»، ومنزل ومتحف «جين أوستن»، ومتحف «برونتى»، بالإضافة إلى الآلاف من التبرعات الفردية التى بلغت نحو 150 ألف جنيه إسترلينى من الأفراد حول العالم، وذلك فى سابقة فريدة تكشف عمق التأثير الذى يتمتع به هؤلاء الأدباء فى وجدان القراء حول العالم الذين لا يزالون يستمتعون بشغف بقراءة الكلاسيكيات الأدبية واستكشاف المزيد حول مؤلفيها.

مجموعة نادرة من مؤلفات شارلوت برونتى

يرجع تاريخ «مكتبة هونريسفيلد» إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث تم جمع كنوزها من قبل رجلى الصناعة بالعصر الفيكتورى، الأخوين ألفريد وويليام لو. ومنذ ذلك الحين تم الحفاظ عليها بعناية من قبل أجيال عائلة لو. ويرجع مسمى المكتبة إلى واقع معيشة الأخوين لو معا، فى منزل هونريسفيلد. وعكست المكتبة تياراً عاماً فى أعقاب حقبة من التقدم الفيكتورى وتصاعد موجة بناء المنازل الريفية. فقد كان الصناعيون والمصرفيون الأثرياء وقتها حريصين على إظهار ثرواتهم وذوقهم، وبالنظر إلى المكانة الاجتماعية لجمع الكتب فى ذلك الوقت، كانت المكتبة من بين أول ما تم اقتناؤه. ومع الوقت، تطورت ونمت مجموعة المكتبة، حيث أصبح الأخوان لو جامعيين مفتونين بالأدب، خاصة أن كليهما قد نشأ على بعد أقل من عشرين ميلا من منزل عائلة برونتى فى هاورث بثلاثينيات القرن التاسع عشر.

على مدى ما يقرب من قرن، كان هناك اهتمام عام غير مسبوق بهذه المجموعة من المخطوطات والكتب المخفية. والآن، بعد نجاح استردادها، أعلنت جمعية أصدقاء المكتبات الوطنية بالمملكة المتحدة اعتزامها التبرع بالمخطوطات إلى المؤسسات فى جميع أنحاء المملكة المتحدة، حيث سيتم تمرير كل عنصر إلى المؤسسة المتوافق نشاطها مع مضمونه، لذا من المتوقع أن تنتهى رسائل جين أوستن إلى متحفها ومنزلها بهامبشاير. وتحل مخطوطات برونتى بمتحفهما بهاورث، وهكذا.

أثارت حملة استرداد ذلك الكنز الأدبى المفقود قضايا كثيرة فى المشهد الثقافى والأدبى البريطانى، حيث تعالت المطالبات للحكومة البريطانية بضرورة وضع حد أدنى من معايير الحفظ والتنظيم لعناصر التراث الأدبى الوطنى ذات الملكية الخاصة، ووضع المزيد من الضوابط لاقتنائها وإتاحتها للمنفعة العامة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق