رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معالم منسية: «أوبرا دمنهور» أسسها الملك فؤاد بـ «مسطرين ذهب»

البحيرة ــ أمل سرور
> «أوبرا دمنهور» .. شاهدة على التاريخ

«ازدحمت مدينة دمنهور بالقادمين من جميع نواحى مديرية البحيرة، للتيمن بطلعة جلالة الملك المُعظم، فغصت بهم الشوارع والأندية والقهوات والفنادق، وقضت المدينة ليلة أمس ساهرة لم يغمض لأحد جفن بين مظاهرات هاتفة لجلالة الملك المعظم فؤاد، وابنه صاحب السمو الملكى الأمير فاروق، وموسيقات صادحة وعربات بمراكبهم وخيولهم بسروجها المذهبة يتراكضون ويطلقون الأعيرة النارية».

ذلك بعض ما نشرته «الأهرام» يوم 9 نوفمبر عام 1930، وتعد خير بداية لسطور تكتب عن تلك التحفة الفنية المعمارية، التى لا تعد مبالغة إذا ما قيل إنها ترقى لتكون أيقونة عصر تقف شامخة وشاهدة على تاريخ زمن يضبط المرء ذاته متلبسا بحالة من حالات التمنى للعودة إليه.

> الملك فؤاد الأول


> مراحل الأوبرا الأولى فى أهرام 1930

الأهرام .. ورصد البداية الملكية

«دار أوبرا دمنهور» التى تتجسد فيها خصائص العمارة العثمانية فى بدايات العقد الرابع من القرن الماضى، تتبع فى تخطيطها طراز الأوبرا الإيطالية التى وفدت خصائصها إلى مصر إبان فترة الخديو إسماعيل، لكنها تنفرد بعناصر معمارية وزخرفية إسلامية الطراز، وهو الأمر الذى تمت مراعاته عند إعادة إحياء المسرح ليكون على الحالة المعمارية التاريخية القديمة والتى تتميز بالروعة والأصالة. «الأهرام» احتفت بالزيارة، ونشرت صوراً للملك فؤاد الأول أثناء زيارته للبحيرة تحت عنوان «جلالة الملك المعظم فى عاصمة البحيرة»، ليصف مراسلها المشهد قائلا: «بدأ الموكب فى العاشرة صباحاً من دار نادى الألعاب، حيث وضع الملك حجر أساسه بـ«مسطرين من الذهب» ثم انتقل الجمع إلى السرادق الكبير المعد لاستقباله، حيث ألقى مدير البحيرة خطبة ترحيب لجلالة الملك».

وتُكمل «الأهرام» تفاصيل الجولة الملكية: «وضع بيده الكريمة حجر الأساس لدار البلدية، ودار التمثيل، ودار المكتبة، وقام بعد ذلك بموكبه الحافل إلى سرادق جمعية الإسعاف، حيث تفضل بوضع حجر الأساس واستراح فيه نحو ثلث ساعة، توجه بعد ذلك إلى محطة القطار، وقبل ركوبه إياه تحدث مع مدير البحيرة مؤكداً أهمية إقامة دار للأوبرا فى مدينة عريقة مثل دمنهور».

وهكذا يعود الزمن إلى الوراء عندما يقف المرء أمام هذا الصرح الفنى الثقافى الذى عُرف فى عهد الملكية باسم «سينما وتياترو فاروق»، إلا أنه بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 تغير اسمه بقرار من المجلس البلدى ليعرف باسم «سينما البلدية» وظل كذلك حتى عام 1977 إلى أن تغير اسمه إلى «سينما النصر الشتوية» بينما سميت المكتبة الملحقة به باسم الأديب الراحل ابن محافظة البحيرة، توفيق الحكيم.

> الصرح العملاق من الداخل

تطويرات حفظت الهوية

ما أن تطأ قدم المرء أرض أوبرا دمنهور، إلا وينتابه إحساس بأنه داخل قلعة فنية عتيقة، وصورة مصغرة لدار الأوبرا المصرية القديمة، إذ إنها مازالت تحتفظ بالتصميمات النادرة التى تحمل عبق التاريخ والتى تسجل نقوشها الفريدة والبديعة أصالة الفنان المصرى المعاصر.

يقف المرء مشدوهاً، ليدرك لاحقا وعبر معلومة مؤكدة أن ذلك الجمال الأسطورى قد نجح بجدارة فى حجز مكان متفرد وسط الآثار الإسلامية التى يجب الحفاظ عليها، ومن ثم ترميمها ضمن القوانين الرسمية المعنية بالحفاظ على المواقع الأثرية. الزخارف الخشبية التى تحاصر عينى الرائى من كل حدب وصوب ترجع إلى العهد العثمانى، وصالة المسرح التى يتقدمها رواق مستطيل مستعرض تتزين بزخارف جصية بارزة ملونة، لا يمكن له سوى أن تسمع وسط كل هذا الجمال صوت الأوركسترا الذى بات يعزف أمام 16 بنواراً تتوسطها المقصورة الرئيسية للمسرح، بينما فى الطابق الثانى مقاعد الدرجة الثالثة التى لا تختلف كثيراً فى رقيها وروعتها عن مثيلتها الأولى. وبتأمل كل ما يحيط بالمرء من تاريخ وأصالة وهدوء وجمال، يكون إدراكا جيدا لكم المجهودات، التى بُذلت من أجل تطوير هذا المبنى الذى تعرض قديما للإهمال، إلا أن عمليات صيانة واسعة شهدها هذا المبنى التاريخى الذى تم إعداده طبقاً لأحدث النظم العالمية ليرتقى إلى المراكز الثقافية فى العالم وليصبح بمنزلة أوبرا جديدة تخدم أهالى المحافظة والمناطق المحيطة بها فى إقليم شمال الدلتا ووسطها.

عودة ابنة البحيرة

والحقيقة أن دار أوبرا دمنهور لا يمكن تصنيفها سوى أنها تأتى ضمن مشروع ثقافى ضخم تبنته وزارة الثقافة المصرية حيث بدأت الفكرة ما أن فرغت الوزارة من تطوير أوبرا سيد درويش فى الإسكندرية، وكان التفكير فى أن يكون لكل مدينة مصرية الأوبرا الخاصة بها، ولذلك جاءت فكرة إحياء وإنقاذ هذا المسرح العتيق وإعداده ليشهد تقديم العروض والأنشطة، على غرار ما تم فى مسرح سيد درويش فى الإسكندرية.

ومن هنا قامت الوزارة بترميم وتطوير المبنى وتهيئة المنطقة المحيطة به وتزويده بأحدث وسائل العرض والإضاءة والتأمين والقاعات المتعددة الأغراض، التى جعلت من المسرح أوبرا بالمعنى الحقيقى ومنارة ثقافية.

ويبدو أن اختيار د. إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، للدكتورة إيمان مكاوى، لتتقلد منصب مدير أوبرا دمنهور كان في محله، فالدكتورة إيمان تنتمى لمحافظة البحيرة وفنانة تشكيلية، ومن هنا نجحت في أن تجعل من دار أوبرا دمنهور منارة ثقافية فنية تقدم العديد من الأنشطة التى تجذب أذواق الأسر والعائلات من حفلات لفرق الموسيقى العربية ونادى السينما الذى يعرض أسبوعياً أحد الأفلام العالمية، وبرنامج المسرح الذى يقدم عروضا لأشهر الأوبرات والباليهات العالمية، بالإضافة إلى بعض العروض للفرق العالمية الزائرة لأوبرا القاهرة والإسكندرية، وتكوين فرق لذوى الهمم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق