ترى الفنانة سارة طنطاوى أن "الرقص" هو لغة الجسد الساحرة فى ترجمة كل المعانى المتناقضة من ألم وفقد وحزن وفرح ووحدة وخذلان وتمرد وخوف ووعد وحنين وصمت ونهاية وبداية.
فالرقص، حسب لوحات سارة، هو ذلك الموروث الثقافى الذى امتدت جذوره من الطبيعة ولجأ إليه البشر للتعبير عن مشاعرهم، وهو حالة من التواصل العميق مع الجسد. تموجات ثائرة وهادئة تحاكى تموجات الطبيعة، تفصل الروح عن الجسد، نرقص لنودع حلما،لنهزم يأسا،لنكمل الدرب وننير عتمة القلوب من جديد.
لكل منا طريقته الخاصة لإعادة السيطرة ولملمة شتات روحه والبحث عنها بين ركام الحياة، هذا ما عبرت عنه سارة فى معرضها " نحيب صامت" لتبعث بلوحاتها كلمات جلال الدين الرومى حين قال: "الرقص يقودنا إلى تجلى الروح وصفاء الذهن وتخطى ندوب الوجع، أو هو قبلة الحياة التى تعيد النبض إلى فاقدى الحياة منهكى الأرواح".
تجربة شخصية فى حياة الفنانة قدمت منها لوحات معرضها المشترك الأول "عدم اتزان" وقررت الانضمام إلى برنامج تدريبى حول الرقص العلاجى، وعنه تقول سارة: "كنا نتأثر بكل حركة أو خطوة نخطوها، ناهيك عن اكتشافنا أن الرقص الشرقى له مكان آخر يختلف تماما عما نتخيله من كونه ترفيها فقط".
سارة طنطاوى
ففى الحلقات النقاشية لبرنامج العلاج بالرقص، تأثرت سارة بتجربة بعض النساء ومعاناتهن،حيث حاولن الهروب منها عبر هذا البرنامج. فظلت تلك القصص بذاكرتها البصرية، فأنتجت هذا المعرض.
من لوحات المعرض الملهمة، تلك التى تضم ثلاث فتيات بملابس بيضاء يرقصن بحركة بطيئة، مثل الحمام الأبيض الذى يقف على جذع شجرة تعبيرا عن النقاء والحرية والسلام.
كل لوحات سارة نفذتها بألوان زيتية على توال، بطولتها نسائية مع مناظر وعناصر طبيعة صامتة، بأسلوب واقعى مع مساحة من الحلم والبراءة والبساطة والمعاناة مثلما يتضح فى لوحة "الحراس" أو حماة الطبيعة، وهى لبنتين مربوطتين من خلال ضفيرة شعرهما، رمزا للتواصل، وتقاسم الوجع، وكباش مرسومة على الجانبين تحمل المعنى الذكورى المشاهد للأنثى، وهى ترقص مع حركة أوراق الشجر بفعل النسيم. ولوحاتها كلها تحتفل بالضوء وباللون الأبيض والأزرق الفرعونى.
وعن أكثر لوحة استغرقت وقتا منها كانت لوحة الموديلات السبعة "تدفق متصل" فقد احتاجت لثلاثة أشهر من العمل للحصول على طبقات لون متنوعة وملمس معين. وظهر التأصيل فى أعمالها بالرسوم الفرعونية فى خلفيات لوحاتها من رقص جنائزى أو رقص محاكاة أو رقص احتفالى إشارة لأن الرقص له جذور تاريخية.
وسارة طنطاوى تخرجت فى كلية الفنون الجميلة عام ٢٠١٧، وشاركت فى العديد من المعارض والمحافل الفنية كما حصلت على منحة التفرغ من وزارة الثقافة منذ عام ٢٠١٩.
• يستقبل معرض " نحيب صامت" بجاليرى موشن بالزمالك حتى الخامس من يناير الحالى.
رابط دائم: