رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قاد فريق استكمال سيمفونية بيتهوفن العاشرة باستخدام الذكاء الإصطناعى
العالم المصرى أحمد الجمال لـ«الأهرام»: «المبدع الاصطناعى» قادم فى الأدب والموسيقى والفنون التشكيلية

نادية عبدالحليم

  • أثارت السيمفونية دموع الجمهور عند عزفها لأول مرة فى حفل مدينة بون
  • تعرضنا لتحد شاق قادنا إلى فعل شيء لم تفعله التكنولوجيا من قبل
  • لوعاد بيتهوفن للحياة ستتملكه السعادة الغامرة لأنه بعد مرور قرنين على وفاته مازال العالم يحاول فك شفرة عبقريته





بعد قيام مجموعة من الموسيقيين والعلماء باستكمال سيمفونية لودفيغ فان بيتهوفن العاشرة عبر استخدام الذكاء الصناعى تزامناً مع الاحتفال بالذكرى الـ 250 لميلاده برز فى الأوساط الفنية العالمية اسم العالم المصرى دكتورأحمد الجمال أستاذ علوم الحاسوب بجامعة روتجرز الأمريكية والذى قاد فريق خبراء التكنولوجيا فى إنجاز عمل يرتبط بموسيقارعالمى لطالما منح الإنسانية الفن والجمال والتأمل عبر موسيقاه.

وبالرغم من وجود محاولات سابقة تتعلق باستكمال أعمال موسيقية شهيرة عبر الذكاء الاصطناعى ومنها السيمفونية الثامنة لشوبرت إلا انها لم تخرج عن إطارالمحاولات الأكاديمية التجريبية التى لم تستغرق سوى ثوانِ أو بضع دقائق قليلة لآلة موسيقية واحدة فقط، فى حين توصل هذا المشروع الفنى إلى استكمال حركتين موسيقيتين كاملتين تستغرقان ما يقرب من 30 دقيقة تمثل عملاً تم توزيعه أوركسترالياً بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعى، لتتحقق بذلك أمنية غالية لدى عشاق الموسيقى الذين انتظروا على مدى سنوات طويلة فى شغف للاستماع إليها كاملةً، وليتصدر الألبوم المحتوى عليه مبيعات ألبومات الموسيقى الكلاسيكية فى أغلب منصات الموسيقى العالمية.

تخرج د.أحمد الجمال فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام 1993، وبدأ اهتمامه بمجال الذكاء الاصطناعى فى وقت مبكر من مشواره الأكاديمى؛ حيث اختار أن يكون مشروع تخرجه فى هذا المجال، ومن ثم انتقل للولايات المتحدة منذ نحو 25 عاماً لدراسة الدكتوراه، وبعد الحصول عليها فى التخصص ذاته التحق للعمل بجامعة روتجرز فى ولاية نيوچرسى، وخلال العشرين عاماً الماضية قام بنشر أكثر من 200 بحث علمى، وحصل على العديد من براءات الاختراع فى هذا المجال، إلى أن قام بتأسيس المختبر الأول من نوعه فى العالم وهو» معمل الفنون والذكاء الاصطناعى» بجامعة روتجرز منذ نحو 10سنوات.

وإلى نص الحوار:

...............



كيف كانت ظروف اختيارك للمشاركة ضمن فريق عمل استكمال السيمفونية العاشرة؟

فى أوائل عام 2019 تواصل معى البروفيسور النمساوى ماثيس رودو أستاذ الموسيقى الكلاسيكية بجامعة هارفارد ومدير معهد كاراجان بسالزبورغ الذى يروج لتكنولوجيا الموسيقي؛ ليخبرنى بأنه يشكل فريقًا لاستكمال السيمفونية العاشرة لبيتهوفن، وأن الجانب الفنى يضم خبراء موسيقيين على رأسهم الملحن النمساوى المعروف والتر ويرزوفا والبروفيسور روبرت ليفين أستاذ علوم الموسيقى بجامعة هارفارد إلى جانب نخبة من مؤرخى وعلماء الموسيقى من النمسا وألمانيا وإنجلترا، أما فيما يتعلق بالجانب التكنولوجى فقد أبلغنى بترشيحه لى لتكوين وقيادة فريق الذكاء الاصطناعى الذى كان عليه العمل مع الخبراء الموسيقيين،، وكان ذلك بسبب أعمالى السابقة والمعروفة عالمياً فى مجال الربط بين الفنون والذكاء الاصطناعى، وسألنى هل سيكون الأخير قادرًا على المساعدة فى ملء الفراغات التى تركها بيتهوفن بالسيمفونية؟ وكانت إجابتى بالإيجاب على السؤال بداية لتحدِ شاق قادنا إلى فعل شيء لم تفعله التكنولوجيا من قبل، لكننى كنت قد قررت أن أمنحها الفرصة!.

لكن ما الذى يمكن أن يدفع الإنسان للاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى إتمام عمل فنى خالص مثل هذه السيمفونية؟

لأن الموسيقى بطبيعتها رياضية ومنظمة جداً، والذكاء الاصطناعى لديه القدرة على فهم مساحة كبيرة من الموسيقى فهماً حقيقياً بشكل يفوق الإنسان! إن البشر رائعون جداً على مستويات معينة، وفى تفاصيل معينة، لكن بطبيعة الحال ليست لديهم القدرة التى يمتلكها الذكاء الاصطناعى على تجميع البيانات الضخمة.

استكمال السيمفونية حلم طال انتظاره من جانب عشاق الموسيقى فكيف جاءت البداية الفعلية لتحقيق الحلم وكيف تطورت؟

أُطلِقَ المشروع فى العام نفسه الذى تلقيت فيه خبر ترشيحى، وبعد عامين كاملين من العمل تحقق الحلم، ليقوم أوركسترا بيتهوفن السيمفونى بنفسه بعزف السيمفونية لأول مرة مكتملة فى أكتوبر الماضى فى حفل فى مدينة بون الألمانية مسقط رأس الموسيقار العالمى، و بحضور واهتمام كبيرمن جانب الموسيقيين و الصحافة والإعلام، ويأتى ذلك تزامناً مع الاحتفال بذكرى ميلاده الـ 250 والذى كان قد تم تأجيله لمدة عام لظروف حالة الإغلاق العالمى بسبب فيروس كورونا، وأرى أن أهمية هذا المشروع إنما تتخطى كونه مجرد عمل موسيقى استثنائى إلى تأكيده على ما يمكن أن يقوم به الذكاء الاصطناعى فى مجال الإبداع، وكيف أن ذلك سيكون فى المستقبل شيئاً مكملاً وأساسياً للإنسان المبدع سواء كان فى الموسيقى أو الفنون التشكيلية أو حتى الكتابة الأدبية.

كيف أنجزتم هذا العمل بكل تحدياته؟

كما نعرف عندما رحل الموسيقى الشهير لودفيغ فان بيتهوفن عام 1827 ترك وراءه بعض قصاصات ورق تتضمن بعض الجمل الموسيقية، أومايمكن أن نطلق عليه «إسكتشات موسيقية» لما كان يمكن أن يتحول إلى «تحفته» الأخيرة أو سيمفونيته العاشرة، وكان الملحن الإنجليزى بارى كوبر قد استعان فى عام 1988 بهذه الاسكتشات فى استكمال الحركتين الأولى والثانية للسميفونية، وما تبقى بعد ذلك كان عدداً من الاسكتشات المبدئية «themes» للجمل الموسيقية الأساسية للحركتين الثالثة والرابعة، وهو ماكان علينا أن نعتمد عليه فى عملنا؛ ومن ثم أخذنا هذه الجمل القصيرة «كل منها عدة ثوانِ» واستخدمنا الذكاء الاصطناعى لاستكمال هذه البدايات وتحويلها إلى جمل موسيقية طويلة ومركبة تحمل أسلوب بيتهوفن فى البناء الموسيقى، ومن ثم قمنا باستخدامه أيضا لربط هذه الجمل المختلفة لمصلحة البناء الموسيقى لتصبح لدينا حركة سيمفونية كاملة. أضف إلى ذلك استعمال الذكاء الاصطناعى فى التوزيع بما يضمن تحويل الموسيقى إلى عمل أوركسترالى متكامل تشارك فيه جميع الآلات المعروفة فى الأوركسترا السيمفونى بنفس الطريقة التى كان يتبعها بيتهوفن فى مؤلفاته.

ترتكز الموسيقى كما فى اللغة على وحدات، فكيف واجهتم تحدى تعليم الكمبيوتر القيام بمهامه المتعددة فى هذا المشروع؟

ليستطيع الذكاء الاصطناعى استكمال العمل الموسيقى بأسلوب بيتهوفن، كان يجب عليه أولا ً أن يتعلم كيف يقوم الملحن بتطوير فكرة موسيقية إلى جملة، ومن ثم إلى عمل متكامل. ولذلك قمنا بتغذية البرنامج بآلاف النوت الموسيقية لموزارت وهايدن وباخ وغيرهم من مؤلفى الموسيقى ممن سبقوا أو عاصروا بيتهوفن وقد يكون استمع إليهم، وذلك لكى يتعلم البرنامج مبادئ التأليف الموسيقى السيمفونى، ومن ثم قمنا بتعليمه أسلوب بيتهوفن تحديداً فى التأليف والتوزيع الأوركسترالى من خلال تزويده بسيمفونيات بيتهوفن وسوناتات البيانو «sonnets» والرباعيات الوترية التى ألفها وتم تدريبه عليها، وكحال الشبكة العصبية فى الدماغ، فإن الكمبيوتر قادر على إنشاء اتصالات جديدة بشكل مستقل، مع إرجاع النتائج الأكثر ملائمة إلى النظام لتضاف إلى المواد الأصلية التى زود بها.

إذن هل يمكن تشبيه الأمر بعملية التنبؤ بالكلمة التالية عند كتابة نص أو رسالة لغوية؟

نعم هذا ببساطة ما حدث بالفعل، لأنه فى النهاية يتعلم الذكاء الاصطناعى عن طريق التعرف على الأنماط «patterns» فى الموسيقى، وكيف يمكن التنبؤ بالنوتة القادمة بعد الاطلاع على النوت السابقة فى كل جملة. وبعد أن يتقن عملية التنبؤ فى الأعمال التى تعلم منها يمكنه أن يُستعمل لإكمال عمل جديد بنفس الأسلوب. ولأن الموسيقى هى تركيب رياضى له قواعد فإن الذكاء الاصطناعى يستطيع تتبع هذه القواعد والأنماط والتنبؤ بها. لكن ما جعل الأمر شديد التعقيد أن أى نوتة غير منضبطة من شأنها أن تشكل نشازاً، ولم يكن هناك أى مجال للخطأ وإلا تستطيع الأذن الموسيقية التعرف عليه بسهولة، وهو ماتغلبنا عليه بالعمل الشاق المستمر.

رأى بعض النقاد فى وقت سابق أن مشروع استكمال السيمفونية الثامنة لشوبيرت جاء أقرب إلى الموسيقى التصويرية منها لأعمال الملحن النمساوى الشهير، وهكذا أيضا كانت العديد من التجارب السابقة فكيف استطعتم الخروج من نفس المصير؟

أرى أن ما قمنا به كان أفضل كثيراً من الناحيتين التقنية والموسيقية مما تم الوصول إليه فى السيمفونية الثامنة لشوبرت؛ لأن الاخيرلم يترك أى اسكتشات لاستكمال هذا العمل، وهوما يجعل أى إصدار لها هو مجرد تأليف موسيقى جديد قد يتشابه مع أسلوبه الفنى، لكن بالنسبة لبيتهوفن كما أوضحت ترك اسكتشات للأفكار الأساسية التى استطعنا البناء عليها كما لو أنه هو نفسه من استكملها، وإن كان ذلك لاينفى أنه مع التطور المستمر المطرد فى الذكاء الاصطناعى كانت هذه الأعمال التى سبقتنا مشجعة لنا؛ لأنها كانت تتقدم فى مسار جعل الإقدام على هذا المشروع هو خطوة ممكنة وطموح، ما جعلنا ننجح فى تقديم عمل مميز وغير مسبوق.

وماهى أهم ملامح النتيجة النهائية لمشروعكم التى تميزه عن التجارب السابقة؟

أعاد برنامج الذكاء الاصطناعى الذى قمت بتطويره بناء نصف السيمفونية العاشرة لبيتهوفن بطريقة مقنعة للغاية إلى حد أنَّ الموسيقيين المحترفين والباحثين لم يتمكنوا من تحديد أين توقفت الجمل الموسيقية الأصلية، وأين تبدأ المقاطع التى أعدَّها الكمبيوتر، كما يكتسب هذا المشروع تفرده من حجمه؛ إذ إنه قام باستكمال حركتين موسيقيتين كاملتين تستغرقان نحو 30 دقيقة كاملة، مقدماً عملاً متكاملا ًموزعاً أوركسترالياً بالكامل بالذكاء الاصطناعى لعمل من إبداع فنان يوصف دوماً بـ«العبقرى»، فى حين أن جميع التجارب السابقة كانت محاولات أكاديمية تجريبية و لم تستغرق سوى ثوان أو بضع دقائق، و كانت فى الغالب تقتصر على آلة موسيقية واحدة، ومن أكبر الدلائل على نجاحه هو أنه ستتم إقامة العديد من الحفلات للسيمفونية على مسارح عتيقة وعريقة فى دول مختلفة بالعالم فى القريب العاجل، كما أن الألبوم المحتوى على تسجيل العمل يتصدر الآن مبيعات ألبومات الموسيقى الكلاسيكية فى أغلب منصات الموسيقى العالمية.

لكن كيف يمكن لـ «آلة» أن تصل إلى مشاعر موسيقى الفنان الذى وُصف بأنه جسر واصل بين العصرين الكلاسيكى والرومانتيكى، فمن الذى يستطيع سماع رائعته «فور إليز» على سبيل المثال ولا يشعر بالحب؟!

الذكاء الاصطناعى ليس بإنسان، ولا مشاعر له، نعم ذلك صحيح بالتأكيد، لكن حتى إذا كانت المشاعر الإنسانية أساسية فى عملية الإبداع الفنى فإنه بمجرد أن يتحول العمل لشيء مادى محسوس فإن تأثيره على المتلقى يتحول إلى عملية أخرى تماماً تتحكم فيها مشاعر المتلقى وذكرياته وخبرته الحياتية، وبالتالى فإن الذكاء الاصطناعى بالنسبة للموسيقى يعمل على تحليل العمل الفنى المحسوس فى صورة مجموعة من النوت الموسيقية عن طريق قواعد التحليل الرياضى والإحصائى والنمطى لهذه النوت بما تحمله من مشاعر الفنان.

بالرغم من ذلك كله لاقى مشروعكم منذ بدايته معارضة من جانب بعض النقاد انطلاقاً من أن الذكاء الاصطناعى لم يكن أبدًا مغرمًا بالحب ولم يترك يوما رسالة إلى إمرأة تم وصفها بـالحبيبة الخالدة، وهى أشياء فعلها بيتهوفن؟!

بالطبع كانت ردود الأفعال متباينة من جانب النقاد والجمهورعلى السواء خلال مراحل العمل المختلفة، فهناك الكثيرون ممن استمتعوا للغاية بالعمل، ولمسوا فيه روح بيتهوفن، بل أكد البعض أن العمل نجح فى أن يبعث من جديد أسلوبه الفنى، أذكر أنه بعد انتهاء حفل مدينة بون وصف لى الكثيرون مشاعرهم أثناء استماعهم إلى العمل وكيف أنه أثار دموعهم وحرك عاطفتهم، وعلى النقيض هناك من يرفض المشروع بالأساس وبالتالى سيرفض أى عمل نقوم به أياً كانت النتيجة، إلا أنه فى الوقت ذاته اعترف أكثر المعارضين تشدداً بأن السيمفونية تحمل بالفعل بصمة بيتهوفن، وأن نقدهم كان ينبع فقط من توقعهم شيئا يفوق ما توصل إليه بيتهوفن فى السيمفونية التاسعة وهو نقد أتفهمه.

إذا كان الأمر كذلك فيما يتعلق بدور الآلة ففى المقابل كيف أفلتت السيمفونية من الذوق الشخصى لفريق العمل أو التشويه غير المتعمد لإرث بيتهوفن؟

سار العمل بشكل علمى لايسمح بذلك، ففى حين مارس القائمون على دار بيتهوفن «Beethoven House Museum» دورهم التوثيقى لاسكتشات بيتهوفن وفك شفرتها وترجمتها لصورة يمكن التعامل معها، فإن دور العنصر البشرى داخل المشروع نفسه قد تمثل فى الاختيار الأكمل الأمثل بما يوافق رؤية الملحن لما يجب أن يكون عليه العمل من دون أى أهواء شخصية، وفى النهاية علينا أن نتذكر أن من أهداف المشروع توضيح ما هو ممكن الوصول إليه عندما يتعاون الإنسان المبدع مع الآلة المبدعة! فلم يكن لدينا بالتأكيد أى فنان يمكنه أن يقدم عملاً جاهزاً وكذلك لانملك أى برنامج للذكاء الاصطناعى يمكن له حين نضغط على زر أن ينتج لنا سيمفونية متكاملة!؛ فالأمر تم عن طريق التفاعل والتكامل وتفهم امكانات وحدود كل من الإنسان والآلة،

دعنا نتخيل أن بيتهوفن على قيد الحياة الآن! ونتساءل إلى أى مدى فى تصورك يمكن أن يكون راضياً عن النتيجة التى توصلتم إليها فى سيمفونيته الأخيرة؟ّ!

أعتقد لو أن بيتهوفن يسمعنا الآن فإنه سيكون فى غاية السعادة والفخر بأنه بعد قرابة 200 عام على وفاته مازال العالم يحاول فك شفرة عبقريته باستخدام الذكاء الاصطناعى وأحدث تكنولوچيا القرن الحادى والعشرين، أما عن رأيه فى السيمفونية بعد استكمالها فمن الصعب الإجابة على هذا السؤال بصورة موضوعية؛ فأى إجابة ستكون مجرد تخمين بدون أى أساس موضوعى.

ماالذى دفعك إلى تأسيس مختبرأكاديمى متخصص فى الربط بين الفنون والذكاء الاصطناعى؟

لأننى أؤمن بأنه لا يمكن للذكاء الاصطناعى أن يحاكى الذكاء الإنسانى من دون أن يتمكن من الإبداع؛ وقد أسست المختبر الذى يُعد الأول من نوعه فى العالم بحيث ينصب اهتمامه على إجراء مشاريع بحثية بالتعاون مع فنانين ومتخصصين فى تاريخ الفنون من أجل الدفع بإمكانات الذكاء الصناعى فى مجالات الإبداع، وبما يعود بالفائدة أيضا على فهم طبيعة الإبتكار الإنسانى، وتقديم أدوات ذكية من الممكن أن تفيد العملية الإبداعية.

إلى أى مدى يمكن للإنسانية أن تستفيد من تطويع الذكاء الاصطناعى لخدمة الفنون؟

هناك العديد من أوجه الاستفادة ومن ذلك استخدامه فى تحليل تاريخ الفن وفهم كيف تطور الفن عبر العصور بسبب قدرته على تحليل ملايين الصور الفنية، والربط بينها بطرق لا يستطيع الإنسان القيام بها، مايحفز على مزيد من الإبداع الإنسانى.

هل يعنى ذلك أننا قد نعتمد مصطلح «المبدع الاصطناعى» فى القريب العاجل؟!

لقد تحقق ذلك بالفعل؛ ففى مشروع سابق عام 2017 قمنا فى المختبر بتطوير برنامج للذكاء الاصطناعى «AICAN» لكى نتعلم من تاريخ الفن التشكيلى الأوروبى على مدى الخمسمائة عام السابقة، وأثبتنا قدرة الذكاء الاصطناعى على التعرف على الأعمال الفنية الأصلية لفنانين عالميين مثل بيكاسو وماتيس عبر تحليل كل ضربة فرشاة أوقلم؛ لأن كل ضربة تحمل التوقيع اللاواعى للفنان بطريقة يصعب تزويرها، وقمنا بإجراء بحث أخيراً حصل على براءة اختراع لقدرته على إبداع أعمال جديدة، ولم يجد المشاهد المتخصص أنها أقل فى قيمتها الفنية من أعمال الفنانين العالميين المعاصرين، وقد عُرضت لوحات هذا الفنان الاصطناعى فى معارض حول العالم فى نيويورك ولوس أنجلوس وميامى وفرانكفورت، إلى جانب عرضها فى أكبر وأعرق متاحف الصين وهو «المتحف الوطنى الصينى»، وبيعت بعشرات الآلاف من الدولارات، كما لاقت صدى واسعاً فى الصحافة العالمية، ومنذ ذلك الحين قمت بتأسيس منصة «playform.io» التى تمكن الفنانين التشكيليين من استعمال الذكاء الاصطناعى كجزء من عمليتهم الإبداعية، الآن يستخدم هذا البرنامج نحو 30000 فنان تشكيلى حول العالم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق