رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

احتفاء بالعربية

نسرين مهران

لنرفعها ولا نترفع عنها: العربية لغتنا وعنوان هويتنا «محمد كرد على» أحد فرسانها.. وحائط صد فكرى ضد هجمات الغرب نسرين مهران/ لاتزال العربية لغة رفيعة رغما عن كل مستعجم. رفيعة فى مكانتها, وألفاظها, وتراكيبها, ومن عقوق بعض أبنائها ورذالة ذوقهم اطراحها والتباهى بغيرها.. ومن عقوقهم اتهام المتمسك بها بالتقعر, وهم يتمرغون بالعُجمة فى جُحر الضب الضيق!

.....................

وقد رست لها الأمم المتحدة يوم 18 ديسمبر من كل عام للاحتفاء بها, لتكون بذلك إحدى اللغات الست التى تعمل بها الأمم المتحدة، وهى: العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية.. واحد من رموز اللغة العربية وفرسانهاهو المفكر والمؤرخ والناقد الأدبى محمد كرد على الذى ولد فى دمشق عام 1876 وتقلد مناصب عدة أبرزها كان أول وزير للمعارف والتربية فى سوريا, كما ترأس مجمع اللغة العربية فى دمشق منذ تأسيسه 1919م. عبر المجمع واجه بحزمٍ الدعوات لكتابة العربية بالحروف اللاتينية، وحذَّرَ كثيراً من أخطارٍ بعينها تُحيق باللغة العربية، لخَّصها فى ثلاثة محاذير: «اختراع خط جديد يُراد به الاستغناء عن الشكل، وتبسيط قواعد اللغة العربية، واختيار الحروف اللاتينية لكتابة الحروف العربية». رغم انتماء «علاَّمة الشام» - كما أطلق عليه- لأمٍّ شركسيةٍ وأسرةٍ من كُرْدِ السليمانية فى العراق، إلا أنه لم يخضع لذاك الانتماء، بل صار واحداً من ألمعِ العروبيين والمُدافعين عن اللغة العربية. ورغم أنّه تعلَّم الفرنسية فى طفولته على يد مُدرِّسٍ خاصٍ، كما درس آدابها لعامين فى مدرسة اللعازاريين، إلا أنه صار من أشدِّ المُدافعين عن الحضارةِ العربيةِ ضدّ الغربية، وداعِمُه فى ذلك معرفةٌ واطّلاع كبيران على العلوم العربية والإسلامية، إلى جانبِ سيرةِ حياةٍ مُتقلِّبة، وضغوطات من السلطات العثمانية، وبعدها الفرنسية، زادت من إصراره على مواقفه، ومن إيمانه بضرورة دوره فى الدفاع عن الحضارة العربية. كان رحمه الله يصف الحكومة العثمانية بالإستبدادية «همها توفير الضرائب وتكثير الجباية.. أما التعليم والتنمية فهى أمور لا تُعرف فى سائر بقاع بنى عثمان».

حطت به الرحال فى القاهرة, وهو فى الخامسة والعشرين من عمره. لا ينكر أحد دور الصحافة فى تكوين كرد على التى قضى فيها رَدحاً من عمره، إذ رأى أنها أنْسَب أداة يستعملها للمطالبة بالإصلاح، لذا بدأ حياته فى العمل الصحفى مُحرِّراً ومُشْرٍفاً على ثلاثة صحف مصرية هى: «الرائد»، و«الظاهر»، و«المؤيّد»، قبل أن ينفرد بإصدار مجلَّته الأشْهَر «المُقتبس» فى القاهرة، ثم فى دمشق، إضافة إلى مقالاته التى نشرها فى صحف «الأهرام» و«الثقافة» ومجلات «الرسالة» و«المُقتطف» و«الهلال».

كان مبدأه فى الكتابة الصحفية: أن يخلو التحرير من التعقيد وأن يكون التعبير واضحًا موجزًا سهلاً بليغًا خفيفًا مألوفًا. يقول فى «المذكّرات»: «إن أسلوب المرء يخترعه صاحبه، لا يقتبسه عن غيره، ولا ينقله من كتاب، فهو ابن مزاجه وتربيته وبيئته وذوقه وفنّه.. والعبرة بالتراكيب، والتراكيب ابنة من يصوغها، ويزيدها جمالاً علمُ الكاتب ووفرة اطّلاعه». كتب محمد كرد على نحو 22 مؤلفاً، أبرزها: «خطط الشام» وطبع سنة 1925 فى 3 أجزاء، ويُعد من أهم كتبه، وله أيضاً «الإسلام والحضارة العربية» الذى ذكر فيه «إن من صفات العربى أنه إذا وجد الحضارة انغمس فيها إلى أذنيه، فإذا تغيرت الأحوال وجفّت الأرض فسرعان ما يعود إلى حياة البداوة بكل سهولة».

كان الأديب الراحل لا يرى العروبة تنفصل عن الإسلام فى شىء، واقفًا بالمرصاد للمتفرنجين، يردّ طعونهم على العرب والإسلام، ويفنّد حججهم بحجج وبراهين راسخة. وقد حفل كتابه «الإسلام والحضارة الغربية» بالكثير من كتابات الأعلام الأجنبى المنصِف، وتتبّع المقالات المسيئة للمستشرقين وناقشها وفنّدها. وله فى هذا السياق مؤّلفاتٌ أخرى مثل: غرائب الغرب, الإدارة فى عزّ العرب، أقوالنا وأفعالنا، كنوز الأجداد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق