رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المستقبل.. تحت رحمة «الطاقة»

هند السيد هانى

 أعادت أزمة الطاقة التى شهدتها الأشهر الأخيرة من العام الحالى إلى أذهان الخبراء، أزمة الطاقة العالمية فى السبعينيات من القرن الماضى، التى جاءت إثر تحالف (أو تضامن) عربى مع مصر فى حرب 1973. ففى تلك الأثناء تضاعفت أسعار البترول أربع مرات، مما ضرب القوة الشرائية للأفراد والشركات، وهو ما خلف ركودا عالميا.

والآن وبعد ما يقرب من نصف قرن، يشهد العالم أزمة أخرى فى الطاقة، وإن كان صناع السياسات يؤكدون، أن الوضع لايزال بعيدا عن صدمة الطاقة فى أوائل السبعينيات، خاصة أن الأزمة الحالية معنية بالفحم والغاز الطبيعى بشكل أساسي، وبدرجة أقل البترول، الذى يلعب دورا أكثر هيمنة على الاقتصاد العالمى.

فقد ارتفعت أسعار الغاز والفحم وبالتالى الكهرباء فى الآونة الأخيرة، إلى أعلى معدلات لها منذ عقود، مما تسبب فى حالة تضخم عالمى، بلغت معدلاته فى أوروبا أعلى مستوى لها منذ نحو ربع قرن. وأسفرت اضطرابات الإمداد وعوامل أخرى عن تحديات غير مسبوقة لعالم يحاول التعافى من حالة الإغلاق والانكماش التى تسبب فيها وباء كورونا. فبعد الانهيار التاريخى فى الاستهلاك العالمى للطاقة خلال الأشهر الأولى من تفشى وباء كورونا عام 2020 ، انخفضت أسعار العديد من صور الوقود إلى أدنى معدلات لها منذ عقود. ولكنها عادت ووثبت بقوة نتيجة للتعافى الاقتصادى السريع، وبرد الشتاء الطويل فى النصف الشمالى من الكرة الأرضية، وضعف الإمدادات بصورة أقل من المتوقع.

ففى مركز الـ «تى تى اف» بهولندا، والذى يعد مركز التجارة الرئيسى للغاز الطبيعى فى أوروبا، بلغت أسعار العقود الآجلة للغاز أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد، كما مثلت ثمانية أضعاف قيمتها منذ عام، حيث وصلت إلى نحو 41 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

كما ارتفعت الأسعار العالمية للفحم لتبلغ خمسة أضعاف معدلاتها منذ عام والأعلى منذ عام 2001، وذلك فى ظل انخفاض مخزونات الفحم فى محطات توليد الطاقة التى تعمل بالفحم فى الصين والهند، وهما أكبر مستهلكين للفحم فى العالم.

وبالنسبة للبترول، فقد تجاوز سعر البرميل منه حاجز الـ 85 دولارا للمرة الأولى منذ نحو 7 أعوام. ويأتى ذلك أيضا تحت تأثير التضخم- الناتج عن أزمة سوق الطاقة- وعوامل تتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران وسياسات الدول المنتجة للبترول.

وأوضح محللون – عبرموقع وكالة الطاقة الدولية على الإنترنت- أن الاستثمارات فى مجال الغاز الطبيعى والبترول قد انخفضت خلال السنوات الأخيرة، بسبب الانهيار الذى شهدهما سعراهما فى عامى 2014-2015 وفى عام 2020. وكان من شأن ذلك أن أصبح الإمداد أكثر هشاشة أمام أى طارئ، كما هو الحال الآن. وقد تضافرت عدة عوامل لزيادة الطلب على الغاز والفحم العام الحالى: مثل تقلص انتاج الطاقة المتجددة فى البرازيل والولايات المتحدة بسبب الجفاف، فضلا عن تراجع توليد طاقة الرياح لأقل من المتوسط فى أوروبا، فى وقت زاد فيه الطلب على الطاقة بسبب الارتفاع القياسى فى الحرارة خلال فصل الصيف، والبرودة القارسة للشتاء. وفيما يتعلق بجانب الإمداد، فقد واجه انتاج الغاز والفحم قيودا. من أبرز أسبابها ترحيل أعمال الصيانة اللازمة فى قطاعات الانتاج من عام 2020 إلى 2021 بسبب حالة الإغلاق فى مواجهة كورونا. ونقص العمالة، أضف إلى ذلك حدوث انقطاعات غير مخطط لها فى محطات تسييل الغاز الطبيعى، مما أثر على الإمدادات العالمية بنسبة 27% مقارنة بمعدلات السنوات الخمس الأخيرة. وذلك فضلا عن تأخر بعض المشروعات. وفيما يتعلق بضخ الغاز إلى السوق الأوروبى، فإن التوتر الحالى مع روسيا إثر حشد قواتها العسكرية على الحدود الأوكرانية، يهدد بإضطراب تدفق الغاز إلى القارة العجوز، ويؤثر على أسعاره العالمية. ومما يضاعف من أزمة الأوروبيين، أنهم لم يقوموا بتخزين غاز كاف لتدفئة المنازل وتشغيل المصانع. وستشتد الصورة قتامة إذا ما تهاوت الحرارة إلى درجة الجمود.

ووسط توقعات بأن تمتد الأزمة للربع الأول من عام 2022، قبل أن تتراجع الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية بحلول الربع الثانى ، تظل هناك حالة من عدم اليقين بشكل كبير بين الخبراء .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق