كان عاما مليئا بـ «التريندات». فقد اتخذها البعض طريقا للشهرة، وسعى لها آخرون من أجل تكوين حشد وفريق كبير من الداعمين فى مواقف مختلفة. ويتعامل معها البعض الآخر بمنطق استطلاع الرأى حول بعض القضايا. فمواقع التواصل الاجتماعى تشهد صعودا وهبوطا، تماما كالبورصة التى يتضارب حال أسهمها بين الحين والآخر.
وداخل البورصة، تشغل تلك «التريندات» وظيفة «المؤشر»، الذى يتحكم بأحوال الصاعدين والهابطين فى بورصة «السوشيال ميديا». ولأننا فى موسم حصاد، نتطلع فيه لكشف حساب عام مضى، يتوجب رصد أبرز ما جاءت به «التريندات» فى عام 2021.
# أطباء ــ الغلابة: كان ذلك من أهم «تريندات» العام المنقضى فى إشارة إلى الساعين لاستكمال رحلة الدكتور محمد مشالى، طبيب الغلابة الأشهر وصاحب تركة كبيرة من الحب والتقدير لما قدمه من علم انتفع به الكثيرون حتى بعد رحيله بطنطا نهايات 2020.
فبعد أن كان هو البطل الأوحد لتريند «طبيب الغلابة»، بات هناك أطباء للغلابة شغلوا الـ «تريند» من خلال التذكير برحلة عطاء «مشالى» التى لم يكن ينتظر منها مقابلا، أو بتداول معلومات عن مجموعة من الأطباء من أماكن متفرقة فى مصر يتبعون نفس النهج بعد وفاته، فاستكملوا مسيرة و«تريند» «أطباء الغلابة»، ولكن هذه المرة فى صيغة جمع «أطباء الغلابة».
«هاشتاج» لا يتحدث عن شخص بعينه، بل عن كل من أراد أن يجعل من نفسه طبيبا للغلابة فى المنيا والفيوم ودمياط وغيرها. وبات دليلا لتقديم المساعدة العاجلة لكل من يحتاج عناوين الأطباء الذين يقدمون الرعاية الطبية بمقابل زهيد وأحيانا دون أى مقابل.
# أنقذوا ــ أطفالنا: تداول الآلاف دعوات التبرع لمصلحة مجموعة من أطفال مرضى الضمور بعد نشر عدد من الاستغاثات المنسوبة لأسرهم، يطالبون فيها بالمساهمة فى تدبير تكاليف العلاج المرتفعة بشكل خرافى. وذلك كله قبل صدور قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكفل الدولة بعلاج أصحاب ذلك المرض بالغ الخطورة. ومن أبرز الحالات التى تصدرت هذا التريند الإنسانى «رشيد» و«ليال» و«ياسين»، ومع كل هاشتاج جديد يتغير اسم الطفل ويبقى النداء ثابتا «أنقذوه».
# الشفاء ــ من السكرى: واستكمالا لقائمة «التريندات» الإيجابية، كان تداول أخبار تعافى أول مصاب بالنوع الأول من مرض السكرى، والتفاعل معه بهدف منح الأمل لملايين المرضى الذين يتعايشون مع المرض كجزء ثابت غير قابل للتغيير فى حياتهم. وذلك فى انتظار العلاج القائم على توظيف الخلايا الجذعية. وبات وكأن العالم كله سعيد بشفاء الأمريكى براين شيلتون (64 عاما) بعد حياة حكمها داء السكرى، وباتت سيرته التى نقلها «التريند» أسرع من المواقع الإخبارية سببا فى سعادة واستبشار مئات الآلاف من مرضى السكر حول العالم، فالآتى بات لهم بإذن الله أفضل.
# مطربو ــ المهرجانات: ومثلما تمكنت بعض التريندات من جمع أعداد كبيرة على هدف واحد، تسببت أخرى فى حدوث حالة انقسام واضحة تواصلت وامتدت آثارها لأيام بين رواد مواقع التواصل. فجاء قرار نقابة الموسيقيين بمنع أغانى المهرجانات واحدا من هذه التريندات المثيرة للجدل والانقسام، حيث تفاعل فريق مع القرار بدعم وتأييد كبير يرى أهمية الوقوف أمام ظاهرة المهرجانات ووجوب حماية المجتمع منها. وفى المقابل، كان هجوم من فريق آخر رافض لقرار المنع تحت شعار «اختلاف أذواق»، مطالبين بعدم تقييد الحريات فى مجال الفن. وقد فتح القرار الباب أمام استعادة ما كان من تاريخ ودور لنقابة الموسيقيين على مدى عقود منذ تأسيسها عام 1942. كما فتح الباب لمناقشة فنية متخصصة حول تصنيف موسيقى المهرجانات، مع فرضية موازية حول إمكان تهذيب مضمون هذه الأغنيات لتتماشى مع الذوق العام.
# السجادة ــ الحمراء: تكرر الهاشتاج السنوى والمصاحب لموسم المهرجانات السينمائية. فمنذ لحظة توافد الفنانين على السجادة الحمراء يوم افتتاح أى مهرجان سينمائى، وصولا لآخر إطلالة فى حفل الختام، يتم تداول المستخدمين صور النجوم بصفة يومية مصحوبة بتعليقات للتقييم والانتقاد. وقد تتطور حدة الانتقادات إلى حد اشتعال حرب للتعليقات ما بين مؤيد لحرية كل شخص فى ارتداء ما يريد، ورافض لحرية يرى فيها استغلالا ورغبة فى الانتشار دون مسئولية أو اعتبار لحدود تلك الحرية.
وفتح «تريند» السجادة الحمراء جدلا محمودا حول الدور المراوغ الذى تلعبه بعض المنصات الإعلامية فى تسليط الضوء على «القشور» وإغفال المهم من أفلام ملهمة وفعاليات وراءها مجهود عظيم فى دورات المهرجانات السينمائية بمصر.
# خلافات ــ النجوم: الخلافات فى حد ذاتها باتت «تريند»، والأمثلة والوقائع عديدة. بعض الخلافات تفجرت حول فكرة «الحلال والحرام». فخبر اعتزال أحد الفنانين أو انتشار شائعة ارتداء إحدى الفنانات للحجاب وتكذيبها للخبر كفيلان باندلاع الحرب بين مستخدمى «التواصل» فى صورة تعليقات إما رافضة أو مؤيدة للقرار مصحوبة بأسباب ودوافع للرأى.
ولأن أخبار الفنانين مادة جاذبة دائما للمتابعين، لذلك فإن تردد أى أنباء عن خلافات زوجية أو أسرية للفنانين يتحول إلى «تريند» فى ساعات قليلة يتداول خلالها المستخدمون الموضوع بالنشر والتعليق. هذه الظاهرة كان لها دور إيجابى يذكر برفع وعى البعض وصرفهم عن متابعة «الترند»، إدراكا أنه مجرد «هشيم» يزداد اشتعالا بالمتابعة.
# موكب ــ نقل المومياوات: كان العام مليئا بالتريندات الاحتفالية بموكب المومياوات وافتتاح متحف الحضارة مرة، وإحياء طريق الكباش بالأقصر مرة أخرى. وبخلاف التأكيد على قدرة مصر على تنظيم حدث سياحى وثقافى بمعايير رفيعة واحترافية واضحة، كانت تلك الأحداث فرصة للتعرف على عدد كبير من أصحاب المواهب المجهولين مثل أستاذ الآثار الدكتور ميسرة عبدالله، والمطرب وائل الفشنى، والمطربة هند الراوى وغيرهم الكثير.
# عطل ــ فيسبوك: البعض يتمنى عودة زمن ما قبل «التواصل»، وهى أمنية تحققت بسيناريو لم يكن يوما فى الحسبان، بعد انقطاع التواصل الاجتماعى لمدة ست ساعات متواصلة عبر تطبيقات «فيسبوك» المختلفة. لتشتعل مواقع التواصل بعد عودة الخدمة بتريند خاص حول ما فعله رواد التواصل طوال «عطلة» الساعات الست، وكيف كانت التجربة محمودة يودون لو تكررت.
عطل «فيسبوك» كان التريند الأهم بالنسبة للتطبيق الشهير ومؤسسته العملاقة، حتى إنه تفوق على «تريند» ثان وهو تحول مؤسسة «فيسبوك» إلى مسمى جديد وهو «ميتا» تمهيدا إلى إيجاد عالم افتراضى متكامل يغذيه الإنسان باستسلامه وانبهاره.
رابط دائم: