ـ أجمع بين زوجتين، الأولى فى محافظتى التى أعمل بها، والأخرى فى محافظة أخري، وقد اشترطت على الزوجة الثانية أن أزورها يومين فقط بالأسبوع (الجمعة والسبت) مراعاة لظروف عملى وأسرتى الأولي، وظللنا هكذا سنوات عدة، إلى أن بدأت تلح على فى أن أساوى بينها وبين الزوجة الأولى فى ليالى المبيت، وأن الشرع يمنحها هذا الحق. فما حكم الدين فى ذلك؟
يجيب الدكتور سعيد عامر: أمين الإفتاء بالأزهر قائلا: العدل بين الزوجات يكون فى كل شيء حتى فى بشاشة الوجه، وليس فى الأمور المادية فقط من معاشرة ومبيت، فقد قال الله - تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وقد توعّد الله - تعالى - من لا يُنصف بين زوجاته بالوعيد الشّديد يوم القيامة، كما جاء فى حديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم: (مَن كانت له امرأتانِ، فمال إلى إِحْدَاهُما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّهُ مائلٌ).
إلا أنه يجوز للزوجة أن تتنازل عن كل أو بعض حقها فى أيام المبيت، «لأن السيدة سودة - رضى الله عنها - طلبت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقاءها فى عصمته على أن تهب ليلتها لعائشة - رضى الله عنها، فأجابها النبى - صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك». قال ابن قدامة يرحمه الله: «يجوز للمرأة أن تهب حقها من القسم لزوجها، أو لبعض ضرائرها، أو لهن جميعا، ولا يجوز إلا برضا الزوج؛ لأن حقه فى الاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه».
فإن تنازلت، ثم عادت فطالبت بحقها، فهل لها ذلك؟
هنا ذهب جمهور الفقهاء إلى أن لها الرجوع والمطالبة؛ لأن حقها فى المبيت يتجدد شيئاً فشيئاً، فلها المطالبة بما سيأتى من المبيت. بينما ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا حق لها فى الرجوع. قال ابن القيم يرحمه الله: «الرجل إذا قضى وطرا من امرأته، وكرهتها نفسه، أو عجز عن حقوقها، فله أن يطلقها، وله أن يخيرها: إن شاءت أقامت عنده، ولا حق لها فى القسم والوطء والنفقة، أو فى بعض ذلك بحسب ما يصطلحان عليه، فإذا رضيت بذلك، لزم، وليس لها المطالبة به بعد الرضا».
ـ إذا طلق الرجل امرأته، وتزوجت بآخر، ثم طلقت منه، فإذا تزوجت زوجها الأول مرة ثانية، ماذا يتبقى لها من طلقات؟ طلقتان، أم طلقة واحدة، وهل العودة إلى الزوج الأول بعد زواج ثان تمحو الطلقات السابقة؟
د. سعيد عامر: هذه المسألة تعرف بمسألة (الهدم)، ومذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أنه لا يهدم الطلاق السابق، وأن المرأة إذا رجعت إلى زوجها الأول رجعت إليه على ما بقى من طلقات، وهذا الرأى نسبه ابن قدامة يرحمه الله إلى عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر وعلى وأُبى ومعاذ وعمران بن حصين وأبى هريرة، وروى ذلك عن زيد وعبد الله بن عمرو بن العاص، وبه قال سعيد بن المسيب والشافعى وإسحاق وغيرهم.
بينما قال الحنفية ـ وهى رواية عن أحمد ـ إنها تعود إليه بثلاث طلقات جدد. وهو قول ابن عمر وابن عباس وعطاء والنخعى وشريح وأبى حنيفة وأبى يوسف انتهى من «المغنى»، وهو ما عليه العمل بالمحاكم فى مصر حاليا.
رابط دائم: