فى مدينة جدة بالسعودية، الحياة تنبض من جديد، الشوارع أنارت حبا وشعت بهجة، كل شيء فى جدة، يُعلن الفرح، الأطفال والكبار، المناطق الشعبية، والراقية، المهتمون بالسينما أو الذين يعرفون عنها القليل.. الجميع متحمس مترقب وفخور لما وصلت له السعودية فى عام ٢٠٢١، فكانت قفزة التطور سريعة جدا تخطت كل التوقعات.
.....................
فى منطقة جدة التراثية، أقيمت معظم فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائى، واحتضنت شوارعها التاريخية، الدورة الأولى بضيوفها ونجومها وصناع الأفلام، وعروضها السينمائية، فكانت هذه المرة الأولى تكون هناك قاعات عرض سينمائية وسط منطقة تاريخية قديمة، هذه المنطقة التى صنفتها اليونسكو ضمن مواقع التراث العالمى نتيجة للتقاليد المعمارية المميزة، وللحفاظ على هذا الإرث بدأ صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان تأسيس برنامج جدة التاريخية، لجعلها منارة للتاريخ المرئى والمسموع أمامنا عبر القصص التى تروى يوميا على ألسنة سكانها وملجأ للفنانين ومحبى التصوير بلقطاتهم، والسياح المفتونين، ومتذوقى الطعام.. وأخيرا ضيوف المهرجان الذين جاءوا من مختلف الدول للاحتفال مع السعودية بإقامة أول مهرجان سينمائى دولى.
وعلى مدار 8 أيام، احتفى المهرجان بعدد كبير من الفعاليات الهامة، تكريمات وندوات وعروض أفلام عالمية وعربية، قصيرة وروائية، وتفاعلية، وحفلات ومشاركات متعددة، بالإضافة لطرح أفكار متعددة، وتعاون مشترك مع عدد من الجهات السينمائية والثقافية فى السعودية وخارجها.
ولا شك أن مهرجان البحر الأحمر حريص كل الحرص على المشاركة المصرية، التى كانت واضحة وهامة فى الدورة الأولى، سواء من نجوم أو كتاب صحفيين أو صناع أفلام.
فى البدء.. جاء الترميم
تبنى مهرجان البحر الأحمر السينمائى، واحدا من أهم المشاريع الثرية التى تحافظ على تراث السينما العربية، وهى ترميم كلاسيكيات السينما العربية، وبالأخص السينما المصرية الثرية بأفلام عظيمة، وهذا المشروع جاء من أول فعاليات المهرجان منذ عامين قبل تأجيله العام الماضى بسبب «كورونا»، وبالفعل تم ترميم عدد من الأفلام المصرية، منها أفلام المخرج الكبير خيرى بشارة.
طفرة فى تاريخ السينما السعودية
وفى الفعاليات، كان اللقاء مع المخرج الكبير خيرى بشارة، حيث تحدث مع «الأهرام» بعد عرض فيلم «حرب الفراولة» الذى تم ترميمه من قبل المهرجان، وقال: هذه الزيارة الثالثة للسعودية، وفى كل مرة أشهد تطورا كبيرا، فالسعودية تخطو خطوات سريعة جدا فى عالم السينما والنجاح الفنى، وانطلاق مهرجان كبير دولى مثل»البحر الأحمر السينمائى»، يعتبر حدثا مهما وطفرة تُبشر بمستقبل واعد للصناعة السينمائية السعودية.
أما عن ترميم الأفلام المصرية فقد قال خيرى بشارة: عندما عُرضت على: الفكرة من قبل مدير المهرجان السابق المخرج محمود صباغ، ومدير برنامج الأفلام العربية والكلاسيكيات، انطوان خليفة، العام الماضى فى الدورة التى تم إلغاؤها بسبب «كورونا»، سعدت جدا ورأيت إنها فكرة مهمة، خاصة إن عملية ترميم الأفلام تحتاج لميزانية ضخمة ولصناع محترفين ليحافظوا على التراث، كما أن تكلفة ترميم الفيلم الواحد تصل إلى 30 ألف دولار وأكثر، هذا بالإضافة إلى إننى للأسف لا أملك فى مكتبتى أيا من أفلامى، وأتمنى إن هذه الفكرة تُعمم فى مهرجاناتنا العربية.
يذكر أن المهرجان عرض خمسة من أهم أفلام خيرى بشارة، التى تم إعادة ترميمها فى جدة والرياض والظهران، منها فيلم «العوامة» و«يوم مر ويوم حلو»، و«حرب الفراولة».
تكريم للنجمة ليلى علوى
اختار المهرجان أن يكرم نجمة مصرية، لها رصيد سينمائى حافل يصل لأكثر من 70 فيلما، وهى ليلى علوى، وكان ذلك فى حفل الافتتاح، وأبدت النجمة الكبيرة سعادتها بهذا التكريم، بالإضافة لحرصها طوال الفعاليات على الظهور الأنيق اليومى على السجادة الحمراء، ومشاهدة الأفلام وأيضا عمل اللقاءات الصحفية والتليفزيونية، كما أقيم لها ندوة تفاعلية مع جمهورها وضيوف المهرجان، وشارك فيها العديد، وجاوبت بكل أريحية على جميع الأسئلة، حيث تحدثت عن أهم أعمالها السينمائية والفنية وأهم المخرجين الذين تعلمت منهم الكثير، وذكرت منهم المخرج يوسف شاهين، ومحمد خان وأنها بعد كل هذه السنوات راضية عن مسيرتها الفنية، لكن مازال لديها أمنيات أن تؤدى أدوارًا أخرى منها شخصية روزاليوسف أو هدى شعراوى وشخصية كليوباترا بمعالجة مختلفة.
«اثراء» تدعم السينما السعودية بالتعاون مع كوادر مصرية
يُعد مركز الملك عبدالعزيز الثقافى العالمى «إثراء»، هو صرح ثقافى شامل هام فى جدة، ويسعى للارتقاء والنهوض بالسينما السعودية، وشارك فى فعاليات المهرجان بمؤتمر صحفى ليسلط الضوء على دوره فى دعم الإنتاج السينمائى فى المملكة، من خلال أحدث مشاريعه السينمائية، وهى ثلاثة أفلام روائية ووثائقية وهى فيلم «بحر الرمال» الذى أشرفت عليه هيئة الأفلام، وفيلم «طريق الوادى» الذى سيقدمه المخرج السعودى والحائز على العديد من الجوائز «خالد فهد»، وفيلم وثائقى بعنوان «ضد السينما»، من إخراج على سعيد وحسن سعيد، والذى سيبحث تاريخ أفلام المملكة العربية السعودية عبر الشاشة السينمائية، وقد حاز على جائزة مبادرة «إثراء المحتوى» من قبل مركز «إثراء»، ويمر حالياً فى مرحلة ما بعد الإنتاج، ومن المتوقع أن يصل إلى دائرة المهرجانات السينمائية الدولية قريباً.
ويُذكر أن مركز «إثراء» قد أعلن عن فتح باب التسجيل لبرنامج تدريبى مصمم لنقل صناعة السينما السعودية إلى مستوى مرموق، إلى جانب التسجيل ببرنامج حضور كواليس فيلم «بحر من الرمال» من منطلق التزامه الاستراتيجى، لرعاية وتطوير المواهب عبر الصناعات الإبداعية فى المملكة.
وعن تعاون هذه المؤسسة الثقافية مع مصر صرح رئيس الفنون المسرحية والسينما، فى «إثراء» ماجد السمان «للأهرام» قائلا إننا بالفعل نتعاون مع مصر فى عدد من المشروعات الفنية، ونعمل مع فريق مصرى للتعاون فى ثلاثة أفلام وهناك دعوة لاوركسترا النور والأمل بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية لتحيى حفلا فى السعودية، لكن تم تأجيلها، على أن تكون فى أول اهتماماتنا فى جدول أنشطتنا للعام الجديد.
تعاون مع المتحف المصرى
وهناك أيضا تعاون مع المتحف الوطنى المصرى، فيما يخص متحف «شطر المسجد» وهو أحد أهم معارض الفن الإسلامى فى المملكة التى تتناول مفهوم المسجد ونشأته بشكل عميق عبر محتوى مثير، إذ يضم المتحف 116 قطعة أثرية متعلقة بالمساجد، تعزيزًا للتواصل الثقافى والحضارى مع العالم.
الفنانون المصريون شهود عُرس المهرجان الأول
حرص على مشاركة السعودية، عُرسها الفنى الأول، عدد كبير من الفنانين المصريين وصناع الأفلام وأيضا الصحفيون، منهم يسرا وايناس الدغيدى ولبلبة ونادية الجندى وياسمين صبرى، وصفية العمرى التى كان لها حضور خاص حيث يعرض لها فيلم قصير «كان لك معايا»، للمخرجة روجينا بسالى، ورغم عرض الأفلام القصيرة فى أوقات متأخرة فى الجدول اليومى، إلا أن جمهور صفية العمرى جاء لها خصيصا للاحتفاء بفيلمها والذى قدمتها فيه المخرجة بشكل مختلف تماما عن باقى أدوارها الماضية، بالإضافة للصحفيين والإعلاميين، فى حضور كبار النقاد المصريين الذين دعموا المهرجان بإلقاء الضوء على أهم انجازات ونجاحات المهرجان.
رابط دائم: