فرصة أخيرة لـ «الموظف المتعاطى» قبل أيام من انتهاء مهلة تطبيق القانون 73
لم يعد هناك متسع من الوقت، فقد فات الكثير من فرص الإنذار والتحذير، ولم يتبق إلا «الفصل» خيار الدولة الأخير، لتطهير جهازها الإدارى وكل المؤسسات ذات النفع العام، من عقول تصر على أن تُسلم وعيها لغيابات التعاطى والادمان، فلا يُرجى منها نفع، بل يتوقع معها أشد الضرر، لكل من يوقعه القدر فى إحدى دوائرهم، أو يجد نفسه مضطرا للتعامل معهم.. أيام معدودات وتنتهى مهلة الأشهر الستة التى أتاحها القانون رقم ( 73) لسنة 2021 للتقدم طواعية بطلب العلاج، فى سرية، وبشكل مجانى ودون أى عقاب.
القانون ومايحيط به من تفاصيل كثيرة، حتما تشغل الرأى العام، دعت «الأهرام» لعقد ندوة تناقش فيها كل التداعيات، وأيضا ما اتخذ من ضمانات للتطبيق بكل حسم وشفافية، مع إعطاء فرص للتظلمات ولأصحاب الأعذار الطبية.

د. عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة الإدمان
د. عمرو عثمان فى ندوة بالــ «الأهرام»:
-
نهدف لخفض الطلب على المخدرات وليس خفض عدد الموظفين كما يُشاع
-
كشفنا غياب الاحتواء فى البيت و58% من المرضى يقيمون مع الوالدين!
-
«المشورة» متاحة على الخط الساخن 24 ساعة
-
الدراما أمدت 72% من طلبة المدارس بمعلومات عن المخدرات
-
كل المحافظات فى 2025 تقدم خدمات العلاج دون سفر أو انتقال
-
مسموح بالتظلم.. و«التحليل» شرط لأى ترقية أو تعيين جديد
-
موظف تم نقله من الإسكندرية إلى مطروح.. وفى الحالتين يتم ضبطه!
مصر من الدول القلائل جدا التى لديها خريطة متكاملة لقضية التعاطى والإدمان ولديها كذلك قاعدة بيانات تشمل الأرقام والنسب المئوية، لكل الفئات العمرية والمجتمعية، فضلا عن أعداد المتعاطين والمتعافين.. هكذا تحدث د. عمرو عثمان، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى، ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، مثمنا مبادرة «الأهرام» لعقد أول ندوة من نوعها لمناقشة العديد من القضايا والموضوعات المرتبطة بالإدمان، وأهمها قضية فصل الموظف المتعاطى، مشيرا إلى تعامل الدولة المصرية باهتمام وشفافية مع واقع مشكلة المخدرات فى مصر، حيث قامت خلال الفترة الماضية بمجهودات أكثر من رائعة، ويزف إلينا بالأرقام بشرى هبوط نسب التعاطى إلى نحو النصف خلال ثمانى سنوات تقريبا، كان وقتها المعدل لدينا يوازى ضعف المعدل العالمى، حيث كانت نسب التعاطى فى عام 2014 هى 10% فى الشريحة العمرية من 15 إلى 60 سنة، وفى الفترة الحالية هبطت نسب التعاطى لتصبح نحو 5.9%، وإن كنا مازلنا أعلى قليلا من المعدل العالمى الذى يبلغ 5.3 %. وكذلك أصبح هناك تدن كبير فى نسب الإدمان ،إذ كانت نسبتها فى عام 2014 نحو 3.3 %، وأصبحت فى الوقت الحالى 2.4% بالنسبة لنفس الشريحة العمرية.
ورغم ذلك - يضيف د. عمرو - مازالت النسبة كبيرة، والمثير للقلق هو تدنى سن التعاطى الذى وصل بين طلاب المرحلة الثانوية إلى نحو 7%.. وبين طلاب المدارس الفنية إلى نحو 8.5%.. مشيرا إلى إستقبال أكثر من 130 ألف مريض إدمان سنوياً من بينهم نحو 6% من الإناث، وقال إن الهدف الأساسى من قانون الكشف عن المخدرات هو حماية أرواح الأبرياء وتقليل الحوادث الناتجة عن تعاطى المخدرات أو مباشرة العمل تحت تأثير المواد المخدرة وتضييق كل الفرص المتاحة للتعاطى والتشجيع على التقدم للعلاج.. وليس الهدف منه - كما أشيع - تقليل عدد الجهاز الإدارى للدولة أو فصل الموظفين.. ودليل كلامنا وجود مادة فى هذا القانون سمحت بفترة 6 أشهر للموظف المتعاطى للتقدم للعلاج مجانا من خلال الخط الساخن 16023.. وتواكبا مع نشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية فى يونيو الماضى تقدم بالفعل ما يقرب من 9 آلاف موظف للحصول على العلاج، وأشار إلى أن القانون لايخص موظفى الحكومة فقط بل يمتد تطبيقه إلى كل الموظفين والعاملين بالجهات ذات النفع العام، مثل المستشفيات الخاصة أو الحضانة أو دور الرعاية. وأوضح أن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعمل على محور خفض الطلب على المخدرات بالاشتراك مع 11 وزارة معنية بهذا المحورأيضا، بالاضافة إلى دور الجانب الأمنى.. ممثلا فى وزارة الداخلية لتخفيض العرض على المخدرات.
ولأن الوقاية أفضل كثيرا من العلاج، فهناك دائما خطة عمل وتوعية فى كل أماكن التجمعات الشبابية.. وعلى مستوى المدراس والجامعات ومراكز الشباب والمعسكرات.. يقول د. عمرو: لدينا رابطة شبابية تحتوى على 32 ألف شاب متطوع وهى الأساس فى الوقاية نظرا لقدرة الشباب على التأثير فى بعضهم .
كما نعتمد فى طريقة التواصل بصفة أساسية على صفحة الصندوق على «الفيسبوك».. والرد على التعليقات يكون بشكل فورى وخلال دقائق.. بالإضافة لتوفير الخط الساخن والمتاح للرد على أي استفسارات ترد إليه على مدار 24 ساعة.
وهناك أيضا محور الكشف المبكر عن المخدرات – يضيف دكتور عمرو – وكانت البداية فى 2017 بإجراء تحليل المخدرات على سائقى أتوبيسات المدارس.. حيث تبين أن 12% من سائقى أتوبيسات المدارس متعاطون للمخدرات.. واستطعنا تخفيض هذه النسبة فى الفترة الحالية إلى 1.1%. ونقوم بالكشف سنويا على ما يقرب من 16 ألف سائق حافلة مدرسية على مستوى الجمهورية.
وأشار إلى أنه بعد حادثة قطار رمسيس الشهيرة فى 2019.. كانت تكليفات القيادة السياسية بضرورة وجود حملات كشف عن المخدرات داخل الجهاز الإدارى للدولة وداخل الجهات ذات النفع العام .
وفى بداية تنفيذ هذه الحملات كانت هناك أرقام ضخمة لمتعاطي المخدرات.. حيث كانت نسبة التعاطى فى مارس 2019 تمثل 8%.. داخل المرافق الحيوية التى تمس حياة المواطنين بشكل كبير. وتم إجراء الكشف على 450 ألف موظف خلال السنتين الماضيتين. واستطعنا بالفعل تخفيض نسب التعاطى من 8% إلى 1.7% خلال الفترة الحالية.
وأضاف أن القانون استطاع أن يحل مشكلة وجود تباين فى الإجراء المتخذ لدى جهة العمل – كل حسب لائحته - تجاه الموظف الذى يثبت بالتحليل تعاطيه المخدرات، فبينما تلجأ بعض الجهات لإيقاف الموظف عن العمل، أو إنهاء خدمته، كانت الأخرى تكتفى بنقله أو تحويله إلى المحكمة التأديبية أوالإدارية، ويضرب مثلا بأحد الموظفين الذى اكتشفنا تعاطيه بمحافظة الاسكندرية، فإذا بنا نقابله مرة أخرى فى محافظة مطروح بعد قيام جهة العمل بنقله، وليتضح أنه مازال مدمنا!
وبالنسبة لأسلوب التحليل خاصة فى المؤسسات الكبيرة والتى تحوى عددا كبيرا من الموظفين، أوضح مدير الصندوق أنه سيكون من الصعب اتمام التحليلات للجميع، وإنما يتم أخد عينة عشوائية ثم العودة على مراحل، لأن الهدف أن يكون الموظف فى حالة ترقب دائم، فالعنصر الأساسى فى أى مشروع هو الاستدامة.. مع ملاحظة أنه إذا تقدم الموظف المتعاطى للعلاج طواعية وقبل إجراء الكشف الفجائى عليه.. سيحصل على الإجراء العلاجى المجانى ولن يقع تحت طائلة القانون.
المعايرة مرفوضة
من التصورات الذهنية الخاطئة لدى المجتمع أن المدمن لا بد أنه قادم من بيئة مفككة أسريا، إما بسبب طلاق الوالدين أو غياب الأب فى عمل أو سفر بالخارج.. لكن الحقيقة التى وضعها أمامنا الدكتور عمروعثمان، والتى اعتبرها مثيرة للقلق، أن 58% من مرضى الإدمان يقيمون مع الوالدين، وهو ما يشير إلى أن الاستقرار الأسرى الظاهر أمامنا، قد يخفى وراءه تفككا خطيرا، داعيا الأسرة لعدم الانغماس الشديد فى وسائل التكنولوجيا الحديثة، وادارة حوار أسرى بدلا من ذلك مع الانتباه بشكل مبكر لأى علامات سلوكية مثل: العزلة، العصبية، المراوغة، الكذب، السرقة، إضطرابات النوم بشكل مستمر، تغير الأصدقاء.. وعندما نكتشف وجود متعاط داخل الأسرة.. لابد من تجنب «المعايرة» والتأنيب، مع المسارعة فى طلب المشورة من الخط الساخن.
الدراما متهمة
الدراما المصرية رافد مهم لترسيخ العديد من المفاهيم المغلوطة المتعلقة بالمخدرات.. من حيث إظهار تأثيرها المزعوم على القدرتين الجنسية والبدنية للمتعاطى وقدرتها على التصدى للاكتئاب، فضلا عن التعرض لتفاصيل عملية التعاطى، وإظهار المخدرات كذلك على أنها أسلوب حياة للمصريين.. هذا ما أكده د. عمرو مستندا إلى ما أظهرته مؤشرات المرصد الإعلامى التابع لصندق مكافحة الإدمان، والذى أكد أن نسب مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات تمثل نحو 4% من متوسط المساحة الزمنية من الدراما المصرية، وهذا يمثل رقما كبيرا، مشيرا من ناحية أخرى لنتائج بحث أجراه الصندوق مع طلبة المدارس، أظهر أن 72% منهم استمدوا معلوماتهم عن المخدرات من الدراما.
الاستروكس والشابو
الشابو والآيس والاستروكس.. مسميات ظهرت مرتبطة بحوادث وجرائم مروعة منها ذبح أحد المواطنين بالإسماعيلية والتمثيل بجثته.. الدكتور عمرو عثمان يوضح أسباب خطورة هذه الأنواع المسماة المخدرات «التخليقية» قائلا إنها تعتبر المتهم الرئيسى فى تغيير السلوكيات وزيادة العدوانية بشكل كبير إذ تعمل على زيادة الهلاوس السمعية والبصرية لدى المتعاطى.

مدير صندوق مكافحة الإدمان خلال حواره مع رئيس التحرير ومحررى الأهرام - تصوير ــ أحمد عارف
مراكز حكومية متميزة للعلاج.. وفرص للعمل
من الاعتقادات الخاطئة لدى البعض، أن المراكز الخاصة هى الأفضل والأكثر وثوقا فى تقديم خدمة التعافى لمدمنى المخدرات، ولكن الواقع عكس ذلك تماما فهناك أكثر من 450 بلاغا يؤكد الدكتور عمرو أنهم تلقوها بشأن هذه المصحات التى تبين أن أغلبها غير مرخص، ويوضح أن الرقابة على نشاطها ليس من اختصاص الصندوق، ولافتا – من ناحية أخرى – إلى المراكز العلاجية الحكومية التى يتبع معظمها ادارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة.. حيث تم من اسبوعين افتتاح مركز ضخم فى مستشفى أحمد جلال العسكرى.. بالإضافة لمستشفى المعادى العسكرى.. ومستشفى الإسماعيلية العسكرى.. وعدد كبير من المستشفيات الجامعية.. بالإضافة إلى افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى ثلاثة مراكز تابعة للصندوق فى شهر فبراير الماضى.. وكلها تقدم خدمات على أعلى مستوى.
ويشير إلى عدد من الافتتاحات القريبة، فخلال أسابيع قليلة سيتم افتتاح أول مركز علاجى فى محافظة قنا وهو أول مركز من نوعه فى العالم يتم تجهيزه وتأسيسه بسواعد المتعافين. وخلال النصف الأول من العام يتم افتتاح أكبر مركز على مستوى الشرق الوسط وشمال إفريقيا فى منطقة إمبابة.. ولدينا رؤية طموح بحلول عام 2025.. بأن تتم تغطية جميع محافظات مصر بخدمات علاج الإدمان.. ورغم التكلفة العالية لعلاج الإدمان إلا أن الدولة المصرية تقوم بتغطية نفقات هذا العلاج بشكل كامل.
ونظرا لاحتياج المتعافى لمصدر دخل ولفرصة جديدة للتكسب، تم إعداد برامج للدمج المجتمعى والتمكين الاقتصادى للمتعافين وتوفير قروض ومشروعات صغيرة لهم.

حسن حرك المستشار القانونى لصندوق مكافحة وعلاج الادمان
حسن حرك: المتهرب يتساوى فى العقوبة مع المتعاطى
ماذا لو تشكك الموظف بشأن أحد القائمين على التحليل، أو اعترض على نتيجة العينة؟ حسن حرك المستشارالقانونى لصندوق مكافحة وعلاج الادمان أكد أن الخروج لمهمة التحليل يتم من خلال الصندوق بالاضافة إلى شركاء من وزارة الصحة والطب الشرعى.. ولضمان الحيادية وعدم وجود أي شبهة فساد.. تم وضع عقاب بالسجن لمن يثبت تلاعبه فى نتيجة العينة من أعضاء الحملة.
وقال أنه يتم أولا عمل كشف إستدلالى سريع بحضور الموظف صاحب العينة، ويتم إطلاعه على نتيجة التحليل.. فإذا كانت إيجابية.. يتم التأكد منها مرة أخرى عن طريق العينة التأكيدية التى يتم تحليلها فى معامل وزارة الصحة وبأحدث الأجهزة، موضحا أنه لن يتم فصل أى موظف إلا وفقا للعينة التأكيدية.. أما إذا تشكك الموظف فى نتيجة العينة النهائية فيجوز له أن يتابع الإجراءات مع مندوب الطب الشرعى ولكن على نفقته الخاصة، أما فى حالة تناول بعض المرضى للأدوية المدرجة فى جدول المخدرات.. والتخوف من إيجابية العينة فيوضح المستشار حرك مايتم كالآتى:.. نقوم بطلب إذن الصرف الخاص بالمواد المخدرة.. وإذا لم يكن متاحا.. يتم عرض الموظف المريض على الطب الشرعى والخضوع لكشف إكلينيكي يوضح وجوب تناوله هذا العقار المخدر من عدمه.
وفى حالة الموظف الممتنع أو المتهرب من الكشف يتم عقابه بنفس عقاب المتعاطى للمخدرات، كما يسمح للموظف بتقديم تظلم خلال 24 ساعة من التحليل مع ملاحظة أن القانون نص على أن يكون تحليل المخدرات جزءا رئيسيا من مسوغات التعيين وشرطا، للندب، والترقية، والإعارة.
--------------------------------
ماهر مقلد
فتحى محمود
هانى عمارة
د.محمد يونس
منى حرك
هند عبدالغنى
حسن حرك - المستشار القانونى
مدحت وهبة - المتحدث الإعلامى
رابط دائم: