رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مع نهاية مرحلة «نوكى ماساكى»
القاهرة وطوكيو .. علاقات محورية ورؤية متطابقة لقضايا المنطقة والعالم

إيمان عارف
هيروشى أوكا .. نوكى ماساكى

  • السفير اليابانى الجديد عمل فى ماليزيا وتركيا .. ويتحدث العربية

تعد العلاقات المصرية ـــ اليابانية نموذجا للعلاقات الإيجابية بين الدول منذ نشأتها. وعلى مدى السنوات، تميزت هذه العلاقة بالقوة والمتانة وتقارب الرؤى السياسية والعمل المشترك لتحقيق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وتجاه العديد من القضايا الدولية مثل حفظ السلام ونزع السلاح وحماية البيئة والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان. فكلتا الدولتين تشتركان فى رؤية واحدة تهدف إلى جعل العالم أكثر أمنا وعدلا، كما أن هناك رصيدا إيجابيا للعلاقات بين البلدين، وتآلفا فى المصالح الاقتصادية، ورغبة مشتركة من الجانبين نحو مزيد من التحسين والتعميق لهذه العلاقات.

وعادة ما تعتبر اليابان مصر لاعبا أساسيا فى الشرق الأوسط، وتتعامل معها على أنها جزء حيوى من دبلوماسيتها فى المنطقة.

وتعد السوق المصرية عنصر جذب للاستثمارات اليابانية، كما يؤكد دائما المسئولون اليابانيون، وهو ما يترجم فى حرص كبرى الشركات اليابانية على المشاركة مع المؤسسات الصناعية المصرية لتنفيذ المشروعات القومية الكبرى وفقا لمعايير الجودة العالمية. وكانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لليابان عام 2019 للمشاركة فى قمة «التيكاد 7» مناسبة هامة لتوقيع مذكرة تعاون بين مصر والوكالة اليابانية للتعاون الدولى «جايكا»، كما كانت زيارته عام 2016 تدشينا للمبادرة المصرية - اليابانية للشراكة فى مجال التعليم.

هذه المعطيات كانت بمثابة ملامح طريق أمام السفير نوكى ماساكى سفير اليابان السابق الذى أنهى مهمته فى القاهرة مؤخرا بعد ثلاث سنوات بذل خلالها جهدا ملموسا فى تعميق العلاقات بين البلدين، وحافظ خلالها على علاقات وثيقة مع مختلف مكونات الشعب المصرى، من أوساط سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية، رغم صعوبة الوضع فى ظل جائحة كورونا، وفضل أن يوجه رسالة مصورة على موقع السفارة على فيسبوك يودع فيها أصدقاءه فى مصر، ويوثق انطباعاته عن الفترة التى أمضاها فى القاهرة، كما حرص على التقدم للصحفيين والعاملين بالحقل الإعلامى بالشكر على جهودهم فى سبيل التقريب بين الشعبين المصرى واليابانى.

وفى كلمته المؤثرة بمناسبة مغادرته، وقبل وصول السفير الجديد، حرص ماساكى نوكى على تأكيد مشاعره الدافئة تجاه مصر والمصريين، كما عبر عن أسفه لأنه لن يشهد افتتاح المتحف المصرى الكبير.

ويأتى حرص السفير اليابانى على أن يذكر فى كلمته المتحف الكبير دليلا على أهمية أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين فى فترة عمله، حيث تعد إسهامات اليابان واضحة فى دعم هذا المشروع الضخم، الذى يعتبره الجانب اليابانى رمزا للصداقة بين البلدين، فطالما كانت العلاقات الثقافية تحظى بأهمية كبيرة، ولعل أحدث مثال على ذلك، منح حكومة اليابان وسام الشمس المشرقة، وهو وسام رفيع المستوى يمنحه إمبراطور اليابان لأولئك الذين حققوا إنجازات بارزة فى اليابان والمجتمع الدولى، إلى كل من وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العنانى، والدكتور زاهى حواس، لما قام به الاثنان من إسهامات بارزة فى تعزيز العلاقات بين اليابان ومصر، وتنمية التبادل الثقافى والأكاديمى. 

ويتساوى معها فى هذا الاهتمام التعاون فى مجال التعليم، الذى يعد من أهم ملفات التعاون التى بذل فيها السفير ماساكى جهدا كبيرا، وهو جهد لم يقتصر على دعم المدارس اليابانية فى مصر، ولكنه امتد أيضا لتقديم منح وقروض لتطوير بعض المدارس، مثل المنحة التى قدمتها اليابان لدعم التعليم فى مرحلة رياض الأطفال بمنطقة إمبابة بالجيزة وقدرها 90 ألف دولار، حيث حرص على أن يشهد بنفسه مراسم افتتاح فصول دراسية جديدة لمرحلة رياض الأطفال بمدرستين بمنطقة إمبابة، بالإضافة إلى دورات المياه وساحة المدرسة التى تم تجديدها أيضًا.

أما فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادى بين البلدين، فقد كان واضحا حجم الجهد المبذول فى هذا المجال خاصة فيما يتعلق بمنطقة قناة السويس الاقتصادية، وفى المشروعات القومية الكبرى مثل مترو الأنفاق، حيث شهد السفير نوكى حفل توقيع عقود تنفيذ الجزء الغربى وأنظمة المرور للمرحلة الأولى من الخط الرابع لمشروع مترو أنفاق القاهرة الكبرى، باعتباره أحد مشروعات التعاون الثنائى من خلال قرض يابانى للمساعدات الإنمائية الرسمية.

وكان حريصا على أن يقول فى كلمته: «إننا سنستمر فى تكريس جهودنا لإنجاز هذا المشروع المهم جدا للمصريين، بما لليابان من خبرة فى هذا المجال».

كما شهد كذلك اجتماعات لجنة ترويج الاستثمار والأعمال بين مصر واليابان، لمناقشة مستقبل الأعمال ومناخ الاستثمار للشركات اليابانية فى مصر، وحرص على متابعة المناقشات المثمرة حول طرق تنمية العلاقات الثنائية فى مجال الأعمال والاستثمار، وهى اللجنة التى تم الإعلان عن إنشائها خلال اجتماع الرئيس السيسى وشينزو أبى، رئيس وزراء اليابان فى ذلك الوقت، على هامش قمة «تيكاد 7»، عام 2019. وكان السفير نوكى واضحا فى تأكيده أهمية مثل هذه اللقاءات للتأكيد على الإمكانات الكبيرة للاقتصاد المصرى وتحديد القضايا لتشجيع المزيد من الاستثمار اليابانى، كما كان حريصا على زيارة المنطقة الاقتصادية بشرق بورسعيد، وقام بجولة تفقدية داخل موقع إنشاء محطة مخصصة للسيارات، ستقوم بإدارتها شركتان يابانيتان.

أما عن المجال الطبى، فقد تعددت أوجه هذا التعاون خاصة بعد أزمة جائحة كورونا، حيث قدم السفير المنح والمساعدات الطبية المتعددة، منها منحة لتعزيز القطاع الطبى المصرى بقيمة مليار ين يابانى ــ حوالى 9٫5 مليون دولار ــ لشراء معدات طبية لمصر.

ويبقى بعد ذلك حرص السفير على مشاركة المصريين أفراحهم وانتصاراتهم، ولعل مشهد حمله للعلم المصرى، احتفالا بحصول اللاعبين المصريين على ميداليات فى دورة طوكيو للألعاب الأوليمبية، وحرصه على إلقاء كلمته باللغة العربية فى المناسبات المختلفة، والاحتفاء بالرموز المصرية الحاصلين على الأوسمة والتكريمات المختلفة، بل زيارته لسوق الجمال على سبيل المثال، وصورته وهو يتسلق النخيل فى أحد المزارع، دليل واضح على أنه لم يكن فقط يؤدى مهمة دبلوماسية، بل كان حريصا على أن يغلف هذه المهمة الرسمية بمشاعر دافئة وودية تجاه المصريين. أما السفير اليابانى الجديد الذى وصل إلى القاهرة، استعدادا لتسليم أوراق اعتماده، فهو هيروشى أوكا، سفير اليابان السابق لدى ماليزيا، الذى كان قد ودع الماليزيين أيضا برسالة مؤثرة تحدث فيها عن كيفية تأثر عمله فى كوالالمبور بجائحة كوفيد 19 طوال العامين الماضيين، مما دفع معظم العاملين بالسفارة إلى العمل من المنزل، وهو نفس ما حدث أيضا مع سفارة اليابان بالقاهرة خلال فترة كورونا.

وسبق للسفير «أوكا» أن عمل أيضا سفيرا لليابان فى تركيا، وهى أول دولة يعمل فيها سفيرا، وهو يجيد اللغة العربية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق