حاول معي أن تعد الصدف التي جاءت بصورتها إليه والاحتمالات التى كان يمكن أن تسير بها بعيدا, ولن يمكنك إلا أن تدهش وتتأمل مثلي في الأمر.. فأن تجد تلميذته منار هذه الصفحة من الجريدة, بحسابات الأوزان على هامشها، فتطرأ لها هذه الفكرة بالذات، وأن تفتح حقيبتها المدرسية وتتناول كراسة الإملاء اليومي دون غيرها، وتجلدها بالصفحة، و أن تواجه صورة رامة الخارج لا الداخل، كي يراها هو كل صباح قبل وبعد تصحيح الإملاء..!
بعد أن انتهت منار من تجليد كراستها بصفحة الجريدة وكتابة اسمها وفصل 6/1 بين فقراتها، أخذت تنظر طويلا إلى صورة المرأة التى تتوسط الآن الغلاف الأمامي للكراسة ، تأملتها وظنت أنها جميلة جدا وطيبة، لاحظت أن ذيل حرف الراء من «منار» قد نزل طويلا على رأس المرأة وجبهتها وعينها اليمنى. أمسكت منار قلمها بالمقلوب وحكّت الخط بالأستيكة فمحته، وفكرت أن من حسن الحظ أنها كتبت بالرصاص. أرادت كذلك أن تضيف قليلا من الأحمر على شفتي المرأة الّتين بدتا بلون رمادي، لكنها لم تجد علبة الألوان. احتارت كثيرا عند كلمة «رامة» المكتوبة أسفل الصورة، فهى لم تسمع باسم كهذا من قبل.
بدا جامدا كتمثال، و مضحكا بتركيزه الشديد على الكراسة المغلقة، والأطفال الذين لاحظوه دقائقا بدهشة، وظن أحدهم أنه لا يستطيع قراءة اسم صاحب الكراسة فقال: منار يا أستاذ، أهملوه، وحولوا الفصل إلى زجاجة كاكولا تفور فتسكب رغوة أصوات لا مفهومة على الأدوار التحتية بالمدرسة.
رابط دائم: