رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لا تضغطى عليه ولا تتصيدى له الأخطاء..
الصحة النفسية للرجل

فتوح سالمان

مر اليوم العالمى للرجل الموافق 19 نوفمبر الحالى مرور الكرام ربما لما ينتبه له أحد سوى بعض البوستات الساخرة على السوشيال ميديا, فلماذا يحتاج الرجل الى يوم عالمى وله أيام العام كلها؟..وانتهزت بعض النساء الغاضبات الفرصة لصب المزيد من الزيت على نيران الهجوم المتواصل على الرجال ودورهم المتراجع وتخليهم عن مسئولياتهم وانتفاء صفة الرجولة عن بعضهم. وبالرغم من كثرة الحديث عن الصحة النفسية للمرأة بكل تقلباتها وهمومها فإنه نادرا ما يتعرض احد للصحة النفسية للرجل والضغوط التى يتعرض لها خاصة فى ظل التغيرات الاجتماعية المتلاحقة فى سلطة الرجل ونظرته لنفسه وعلاقته بالمرأة


د. محمد المهدى - رشا سمير

ولا يتوقف الامر عند حد اهمال صحته النفسية وعدم الاعتناء بها بل إن هناك اتجاها متصاعدا لـ«شيطنته» فى الدراما ومنصات التواصل الاجتماعى كما يؤكد د.محمد المهدى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر, فلا يتم التركيز الا على النماذج السيئة التى تخلت عن مسئولياتها او لا تنفق على اولادها كما انتشرت فى الفترة السابقة ظاهرة المذيعة النسوية صاحبة التجربة الشخصية السيئة التى تهاجم الرجال باستمرار بمناسبة وبدون مناسبة لكن هذا لا يعنى انهم الفئة الغالبة من الرجال لكن الرجل بطبيعته لا يجيد ولا يحب الحديث عن مشاعره الشخصية ولا يحب ان يشتكى لأن الشكوى بالنسبة له ليست من صفات الرجولة فى شىء وتتناقض مع صورة الرجل فى وعيه الذى تشكل من العقل الجمعى وأسلوب التنشئة. والرجال يشعرون بالقهر فى كثير من الأحيان فى علاقتهم بالمرأة وعلاقتهم بأبنائهم، ولديهم بعدم التقدير وعدم الاحترام وتراجع مكانته لدخول المرأة فى مجال العمل وانفاقها فى البيت وربما يكون دخلها اكبر منه، ويعانون ضغوطا اجتماعية ونفسية أخرى لكنهم لا يعالجون مشكلاتهم بالحديث والفضفضة ولكنهم يتعاملون معها بالاكتئاب والمخدرات والعنف أو بالانتحار، فاغلب الوفيات الناتجة عن الانتحار من الرجال، وفى السابق كنا نرصد اغلب حالات الانتحار بين الشريحة العمرية الاكبر ونادرا ما تحدث بين الشباب، لكن ارتفع عدد الشباب ممكن يقدمون على انهاء حياتهم تخلصا من الضغوط خاصة فى الفئة العمرية من 29:15 عاما، ويرى د.مهدى ان الرجل اصبح يتعرض لكثير من عوامل الضغط التى يسأل عن بعضها ولا يسأل عن البعض الآخر فالصورة التى تشكلت فى عقله عن صورة الرجل مختلفة تماما عن الواقع والعلاقة بين الرجل والمرأة ليست هى نفسها التى كانت فى الماضى فالرجل بنى صورته عن نفسه على انه رب السفينة والقائد وصاحب الكلمة والمنفق لكن التغيرات التى جرت فى العقود الاخيرة غيرت المعادلة وتغيرت المرأة واصبحت اكثر قوة واستقلالا وحرصا على تطوير نفسها, ولم تعد هى المرأة السهلة الانقياد الخانعة القانعة المستكينة التى تأتمر بأمر الرجل وتتحمله فى كل الأحوال، وبينما تغيرت المرأة لم يتغير الرجل فأصبح هناك اختلاف ما بين ما يتصوره وما يواجهه بالفعل وهو نوع من الضغط أدى لاختلال فى معايير الرجولة وعدم توازن فى علاقته بالمرأة وبالتالى عدم توازن فى علاقته بنفسه واصبح غير قادر على مجاراتها ومواكبة تطورها، ويرصد الدكتور مهدى ملحوظة مهمة ففى أغلب المؤتمرات العلمية التى يحضرها والندوات والمحاضرات وقاعات الدرس تكون نسبة السيدات أعلى بمقدار الثلثين عن الرجال ففى الوقت الذى تشعر فيه المرأة بحاجتها لتطوير قدراتها يشعر الرجل بأنه مكتمل ومتفوق بالولادة ولا يعنيه كثيرا الدخول مع المراة فى سباق ولما تفوقت المرأة اصبح الامر صعبا على الرجل وضاغطا عليه وخاصة مع الظروف الاقتصادية والمنافسة الشديدة على فرص العمل فاصبح هناك نوع من العدائية مع المرأة لأنه لا يستطيع كبح جماحها كالسابق وأحيانا غير قادر على منافستها والبعض يعالج هذا بمعاداة المرأة والتقليل منها وعدم احترامها والمعاملة العنيفة ليثبت تفوقه عليها وينعكس ذلك فى صورة العنف ضد المرأة بكل صوره سواء اللفظى او المعنوى او البدنى وشيوع التحرش فمن يقوم بهذا الفعل يعادى المرأة ويشتهيها فى نفس الوقت.

ويلقى باللوم على آباء وأمهات الجيل السابق الذين بالغوا فى تقديم الحماية الزائدة للابناء فكبروا اعتماديين غير قادرين على اتخاذ قرار او تحمل المسئولية وكانت النتيجة ارتفاع نسب الطلاق والعلاقة المضطربة بين الجنسين واتهامات النساء الدائمة للرجال بعدم تحمل المسئولية او إلقاء العبء عليها وحدها كما لم تعد هناك فروق واضحة فى التربية بين البنت والولد فالمساواة بينهم تعنى عدم التمييز فى الحقوق والواجبات ولكنها لاتعنى ان يتربى الولد بطريقة البنات فهناك فارق كبير، ومع زيادة نسبة الطلاق وارتفاع النساء اللاتى يربين بدون الاب اصبح عدد كبير من الاولاد يكبرون فى عالم النساء بدون وجود نموذج يمثل الرجل الذى يأخذ بيده ليدخله عالم الرجال الحقيقى ولذلك لابد من مراعاة ان الولد يحتاج لنوع من التربية الخشنة قليلا فى البيت وفى المدرسة ونوادى الشباب ولابد من ان يشترك فى معسكرات ويمارس التدريبات الشاقة لتقويته بدنيا ونفسيا منذ الصغر ويضطلع بمهام تدريجية تقوى احساسه بالمسئولية وتعرفه طبيعة دوره ويسمح له بالعمل فى الاجازات الصيفية سواء فى نشاط عائلى او غيره ليشعر بقيمة كسب المال واوجه انفاقه وعلى النساء دور كبير فى مراعاة الصحة النفسية للرجل بعدم الضغط عليه وتصيد الاخطاء له واشعاره بالتقدير فالرجل اضعف مايكون تجاه ذلك الشعور وتعطيه الاحساس بالاهمية فى بيته وامام اولاده وامام الناس وتحفظ له هيبته وكرامته فاذا ما اختلت معايير الرجولة فأكثر من يشقى هو النساء.

الكاتبة رشا سمير مؤلفة كتاب «يعنى ايه راجل» ترى ان مفاهيم الرجولة والانوثة على السواء لابد من تحديثها بما يواكب المتغيرات ويخدم العلاقة بين الرجل والمرأة وبالتالى الاسرة والمجتمع ويجب ان يتم تقسيم المسئوليات بشكل منصف، وهى الاشكالية التى يتحتم على المجتمع تبنيها حتى تستقيم البيوت المصرية، فالعلاقة بين الرجل والمرأة ليست حربا ولا يحدث التوازن عن طريق التحدى والعداء المتواصل بل بإعادة الامور الى نصابها واعادة توزيع الادوار وفقا للمتغيرات الجديدة لكن بعض الرجال يتمسكون بالصورة التقليدية وبعضهم يعاقبها على نجاحها فاذا ما طلبت نصف المسئولية ألقى لها بالنصف الآخر وهو نوع من التحدى ومحاولة لكسر طموحها بإرهاقها بالكثير من المسئوليات مسئولية البيت المادية ومهما تكن الضغوط التى يعانى منها الرجل فهى لا تقارن بوضع المرأة فالمجتمع يلوم المرأة على كل شىء لكنه يغفر للرجل جميع الاخطاء وعلينا ان نحاول ان نعيد الامور لنصابها الصحيح فاما مقتنعة ان التربية فى الاساس أم حتى وان كانت تربى وحدها ولابد من عودة مفاهيم الرجولة من الاحتواء والأمان والمسئولية والمروءة والشهامة والقوامة السليمة والمرأة ليست فى حرب مع الرجل والخلافات موجودة طول الوقت لكنها معارك اعلامية وحروب كلامية زادت من حدتها مواقع التواصل وما زال هناك الكثير من الرجال يقومون بواجباتهم تجاه زوجاتهم واولادهم بل إن منهم من يقوم بدور الاب والام معا لتخلى الزوجة عن ابنائها بحجة البحث عن السعادة، صحيح ان المعايير اهتزت لكن على الرجل ان يعترف ان عقارب الزمن لا تعود للخلف وعليه ان يتعامل مع المرأة الجديدة ويتعامل مع الواقع.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق