رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الكاتب الصحفى الأمريكى الشهير توماس فريدمان لـ «الأهرام» :..
مشروع الإسلام السياسى فشل فى مصر.. ومن السابق لأوانه القول إنه فشل فى دول أخرى

أجرت الحوار فى واشنطن_ سحر زهران
> توماس فريدمان

  • لا أرى الكثير من الأمل فى إحراز أى تقدم ملحوظ فى المستقبل القريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين
  • مصر أصبحت مركزا مهما للطاقة بين الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا
  • التغيرات المناخية مرعبة .. وحماية أنفسنا من الأسوأ هو تحد عملاق أمام العالم
  • الصين تتخوف من تأثر مسلميها بـ «طالبان» الأصولية
  • الأمريكيون مرهقون من «الحرب على الإرهاب» ويريدون التركيز على بلادهم وليس أفغانستان

توماس فريدمان اسم معروف فى عالمنا العربى والإسلامى على السواء، مقالاته وأطروحاته هى دوما محط اهتمام دائم وجدل أحيانا من قبل نخبنا السياسية والفكرية، ومرد ذلك آرائه التى تبدو مثيرة للجدل. أعمدته بالنيويورك تايمز تظهر مدى إصراره على الوقوف فى الضفة الأخرى، ولذا لم يكن غريبا أن يأخذ منتقدوه عليه جنوحه المفرط فى شرعنة الأفكار الجهادية، حتى وإن لم يقل ذلك مباشرة، متصورا أن الأسلمة السياسية شىء والداعشية وما يدور فى فلكها شيء آخر.

توم – كما يحب مناداته - فى حواره مع «الأهرام» كان حاسما وقاطعا فى تشخيص ما جرى فى مصر عام 2013 .. وعندما اتجه الحديث عن قضايا الطاقة نوه إلى الآفاق الإيجابية المتوقعة لمصر بعد الاكتشافات الكبيرة فى مجال الغاز الطبيعي.

توماس شأنه شأن الصحفيين المشتغلين بالعمل العام، مهموم بقضايا المناخ والمصير المظلم الذى ينتظر العالم ما لم نُشرع وبسرعة إلى تنفيذ ما استقر عليه العلماء والخبراء فى هذا الصدد .. وإلى تفاصيل الحوار ..

> مندوبة «الأهرام» فى حوار مع توماس فريدمان فى واشنطن

من مصر مرورا بليبيا والسودان وتونس وأخيرا المغرب والبقية تأتي، والسؤال: ماذا يوحى لك هذا الزخم من التراجعات الهائلة لما سمى الإسلاموية ألا يؤشر ذلك إلى أن الإسلام السياسى فشل؟

مشروع الإسلام السياسى فشل فى مصر، لا أتحدث عن دول أخرى حاليا، ولكنه فشل بالتحديد فى مصر، الإخوان لم يستطيعوا تحقيق الديمقراطية التى كان يحلم بها الشعب المصري، ولا النمو الاقتصادى المرجو.

وفى تونس، المواطنون الآن يطالبون بدستور شمولى وغير ممزوج بكثير من الشريعة الإسلامية، وفى المغرب تغلب ائتلاف يقوده عالم سياسى تلقى تعليمه فى الغرب على منافسيه الإسلاميين فى أول انتخابات حرة ونزيهة. ورغم كل ذلك وحتى مع الشواهد الحاصلة الآن، مازال من السابق لأوانه القول إن الإسلام السياسى فشل !!

دعنا نتجه إلى بؤر اشتعال مازالت تستعر فى بعض بلداننا ونتساءل هل قررت الولايات المتحدة مغادرة الشرق الأوسط بعد أن انسحبت من أفغانستان وقلصت وجودها فى العراق وسوريا؟

لا شك فى أن الرؤساء أوباما وترامب وبايدن، أرادوا جميعًا تقليص وجودنا فى المنطقة وتقليص تركيزنا عليها، خاصةً أننا الآن قادرون على إنتاج كل النفط الذى نحتاجه، لذلك لم يعد هذا المورد يجذبنا إلى المنطقة، كما أن الأمريكيين مرهقون من «الحرب على الإرهاب» ويريدون التركيز على بناء الدولة فى أمريكا وليس أفغانستان.

بتفصيل أكثر كيف ترى سياسة البيت الأبيض الآن تجاه طالبان؟

ستتواصل حركة طالبان فى غضون ستة أشهر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إنها ببساطة لا تمتلك الموارد الاقتصادية أو المعرفة الكافية لإدارة الاقتصاد الأكثر حداثة الآن بعد 20 عامًا من بقاء الدولة الأمريكية هناك. لم ترث طالبان أفغانستان من الروس هذه المرة، لكن من الولايات المتحدة، وبما أن توقعات السكان مختلفة تمامًا الآن. ستحتاج طالبان إلى مساعدة أجنبية، ومقابل ذلك سيتعين عليها قبول شروط معينة، لاسيما فيما يتعلق باحترام المرأة وتعليم الفتيات، والمهم الذى يجب أن نشير إليه هو أن طالبان ليست موحدة بشكل كبير وبداخلها تناحرات وانقسامات، ليس لديها رؤية خاصة لبناء أفغانستان حديثة، كل ما يمكن أن يتفقوا عليه هو ضرورة خروج الولايات المتحدة، وأن يتسلموا مقاليد السلطة فى البلاد، إلا أن الحقيقة هى أنهم الآن لا يستطيعون العيش دون الغرب، ولا يمكنهم العيش أيضًا بطريقته. لا أعرف كيف تنتهى هذه القصة. لكننى متأكد من أن حركة طالبان ستجرى محادثات كثيرة مع أمريكا فى المستقبل، ويجب أن نتحدث معها، وفى حال كانوا مستعدين لاحترام قيمنا الأساسية حول حقوق الإنسان والتعليم وكرامة المرأة ومعارضة الإرهاب، فأنا أرحب بالتعامل معهم بشكل ودي.

الغرب يحذر إيران من أن المحادثات معها لن تستمر للأبد ومع هذه المفاوضات الطويلة والممتدة مازالت تبحث عن مرفأ .. كيف ترى هذا الأمر ؟

أعتقد أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران حول استعادة الاتفاق النووى الذى مزقه دونالد ترامب بتهور فى 2018 - دون وجود خطة بديلة لكبح البرنامج النووى الإيرانى – لن تصل إلى نتيجة، ذلك أن الحكومة الإيرانية الجديدة تريد من الولايات المتحدة رفع جميع عقوباتها على إيران - وليس فقط تلك المفروضة بسبب تطويرها سلاحًا نوويًا - كشرط للعودة إلى الصفقة، إلا أن فريق بايدن لا يريد تنفيذ هذا الأمر. وتعيش إدارة بايدن على أمل إحياء الاتفاق النووى الإيرانى . لكنى أعتقد أن النظام الإيرانى الجديد المتشدد أقل اهتمامًا بهذا الأمر، حيث أصبحت طهران بالقرب من تخصيب ما يكفى من اليورانيوم لإنتاج قنبلة واحدة، وإن كانوا مازالوا يفتقرون إلى الرؤوس النووية ونظام التسليح الذى سيستغرق عامًا أو أكثر، لكننى أعتقد أن إيران لن تتخلى عن هذا الأمر إلا مقابل رفع جميع العقوبات الأمريكية، ربما قررت إيران أنها تريد أن تكون ما نطلق عليه «عتبة القوة النووية» - مثل اليابان أو كوريا الجنوبية. لن يكون لديها قنبلة فى حد ذاتها، لكنها ستكون على بُعد بضعة إجراءات بسيطة من امتلاك واحدة، وبالتالى ستستفيد من الردع دون تكبد عقوبات أسوأ، برغم أن كلا من إسرائيل وأمريكا قد تعهدتا بعدم السماح لها بالاقتراب من عتبة سلاح نووي. لكن للأسف نحن ندخل مرحلة حرجة، وهو ما سيتم تحديده خلال الشهرين المقبلين، وما إذا كان سيتم استعادة الاتفاق أم لا. ويتزامن ذلك مع نقص عالمى فى الطاقة، ولاسيما الغاز الطبيعي.

ولكن ماذا لو شعرت الولايات المتحدة أو إسرائيل أنه يتعين عليها ضرب برنامج إيران النووى فى منتصف ما يمكن أن يكون أسوأ شتاء للطاقة منذ عام 1973؟ وماذا لو ردت إيران بإطلاق النار على ناقلات نفط أمريكية أو غربية فى الخليج العربي، حيث توجد قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعى المسال فى العالم؟

أسعار النفط والغاز ستذهب إلى طبقة «الستراتوسفير» (طبقة من طبقات الغلاف الجوى للأرض). لذا، فجأة أصبح لدى إيران طريقة ضغط جديدة وهى أنه يمكن أن يقولوا للولايات المتحدة وإسرائيل إذا هاجمتنا فستكون مسئولاً عن ارتفاع أسعار النفط والغاز فى جميع أنحاء العالم. إذا تمكنتِ من تحليل هذا المشهد فإننى أعتقد أنه يمكن للإيرانيين فعل ذلك، لذا فهذه معضلة حقيقية إذا أصبحت إيران قوة نووية حقيقية، فقد تشعر القوى الكبرى الأخرى فى المنطقة - تركيا والسعودية ومصر - بأنها مضطرة لفعل الشيء نفسه. هذا من شأنه أن يجعل المنطقة أكثر اضطرابا.

كيف ترى مستقبل الطاقة فى مصر؟

أصبحت مصر - بفضل اكتشاف أكبر حقل للغاز فى البحر الأبيض المتوسط - مصدرًا مهمًا للغاية للغاز الطبيعي، وسيزداد الطلب على هذا الغاز هذا الشتاء ، بسبب أزمة الطاقة العالمية، وعلى وجه الخصوص، نقص الغاز الطبيعى الذى يمكن أن يحل محل الفحم كوقود أنظف، تحولت مصر من مستورد صاف للغاز الطبيعى إلى مصدر صافٍ فى أواخر عام 2018. ولأن مصر قامت ببناء محطتين للغاز الطبيعى المسال ، أصبحت تتمتع بالبنية التحتية والموقع الجغرافى لتصبح مركزًا مهمًا للغاية للطاقة بين الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا.

كيف ترى أزمة حوض النيل بين مصر وإثيوبيا وما هو حلها من وجهة نظرك؟

لم أتعمق فى تلك القضية قط. كل ما أعرفه هو أن مصر وإثيوبيا مرتبطان بنهر النيل - وعليهما العمل معًا لتقاسم مياهه بشكل عادل ومستدام. وأنا أؤمن أنه لا ينبغى لأحد أن يفعل أى شيء من جانب واحد يمكن أن يؤذى الآخر.

كيف تقيم عملية السلام اليوم؟

لقد توقفت عملية السلام ولا أرى الكثير من الأمل فى إحراز أى تقدم ملحوظ فى المستقبل القريب. لقد أصبح الصراع الإسرائيلى الفلسطينى «عقدة غوردية» ( أسطورة تتعلق بالإسكندر الأكبر، ويستخدم المصطلح عادة للدلالة على مشكلة صعبة يتم حلها بعمل جريء) .لا يبدو أن أحدًا يقدر على حلها. الحكومة الائتلافية فى إسرائيل أضعف من أن تكون قادرة على الدخول فى أى نوع من مفاوضات الأرض مقابل السلام، فى الوقت ذاته، السلطة الفلسطينية أكثر هشاشة والنظام السياسى الفلسطينى منقسم بين حماس وفتح، لدرجة أنه لا يمكنه الاتفاق على أى شيء حقيقي. الشيء الأكثر أهمية الآن، هو أننا ببساطة نحافظ على الأمل فى حل الدولتين. تحتاج أمريكا إلى استخدام نفوذها لوقف بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية فى المناطق الفلسطينية المكتظة بالسكان فى الضفة الغربية. ونحن بحاجة لرؤية انتخابات فلسطينية هناك، الأمر الذى من شأنه تشكيل حكومة شرعية يمكنها التفاوض نيابة عنهم، والعودة إلى بناء المؤسسات، بالطريقة التى كانوا يفعلونها فى عهد رئيس الوزراء سلام فياض، ولأنه قد تأخرت تلك الانتخابات لفترة طويلة، لعبت مصر دوراً بناءً للغاية فى محاولة نزع فتيل التوترات بين حماس وإسرائيل، حيث إن كل حرب قصيرة أو تبادل صاروخى بينهما يقوض احتمالية الوصول إلى حل بين الدولتين.

ما الأحداث الأكثر شهرة وتأثيرًا التى تعتقد أنها تشكل العالم اليوم؟

سوف نتذكر أنه فى الأساطير اليونانية، سرق « تيتان بروميثيوس» النار من خزانة على جبل أوليمبوس وسلمها للبشرية حتى تتمكن من بناء الحضارة. ويمكننى أن أزعم أنه على مدار الـ 600 عام الماضية، كانت هناك عمليات إطلاق عملاقة للطاقة فى أيدى الرجال والنساء والآلات. الأولى، بالطبع، كانت اختراع المطبعة من قبل جوتنبرج، والثانية هى الثورة العلمية، والثالثة هى الثورة الزراعية، والرابعة هى الثورة الصناعية، والخامسة هى الإنتاج الهائل للطاقة الذى نعيشه الآن والذى يتضمن ثلاثة تسارعات غير خطية فى أكبر ثلاث قوى على هذا الكوكب - السوق ، الطبيعة الأم وقانون مور.

إذا كان يمكننا تمثيل الطبيعة الأم على رسم بيانى اليوم - أى تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجى والنمو السكانى فى العالم النامى – فيظهر وكأنه مجموعة عملاقة من عصى الهوكى المتسارعة. إذا أظهرنا العولمة على رسم بيانى اليوم يوجد عليه استخدام الإنترنت، وانتشار الهواتف المحمولة، والرقمنة، والتجارة العالمية - فستبدو كمجموعة أخرى من عصى الهوكى المتسارعة. والأهم من ذلك كله ، إذا وضعنا قانون مور على رسم بيانى - القانون الذى صاغه المؤسس المشارك لشركة « إنتل جوردون مور» والذى افترض أن سرعة وقوة الرقائق الدقيقة ستتضاعف كل أربعة وعشرين شهرًا تقريبًا - يبدو أيضًا أنه رسم بيانى متسارع آخر، يصبح الأمر كما لو أننا جميعًا فى وسط ثلاثة تغيرات مناخية فى وقت واحد - أحدها فى المناخ الفعلي، وواحد فى العولمة والآخر فى التكنولوجيا.

بما أن تغير المناخ أمر حقيقى ، لذلك علينا جميعًا أن نبدأ فى التكيف. فيما يخص عالم العولمة، ننتقل من عالم كان مترابطًا إلى عالم معتمد على بعضه إلى عالم مندمج كليًأ. وأخيرا ، نحن نمر بتغير فى مناخ التكنولوجيا والأعمال، حيث يمكن لكل الشركات اليوم أن تستشعر، أيمكنها جمع البيانات حول أعمالها، وتحليل تلك البيانات، والعثور على ما هو صعب معرفته أو كما يسمى«الإبرة فى كومة قش» باستخدام تلك البيانات باعتبارها القاعدة وليس الاستثناء، وتحسين تلك البيانات، والربح من تلك البيانات، وتخصيص تلك البيانات، وتوطينها ورقمنة الوظائف والمنتجات والخدمات الجديدة، باستخدام تلك البيانات. يعتبر التحدى الذى يواجه كل بلد - من أمريكا إلى مصر إلى الهند إلى أستراليا - هو إعداد شعبها لمعرفة كيفية الحصول على أفضل النتائج من هذه التغيرات المناخية الثلاثة، وحماية أنفسهم من الأسوأ. إنه تحد عملاق للقدرة على التكيف والتى تواجهه كل الدول.

ما القاسم المشترك بين تلك البلدان الأكثر تكيفًأ؟

ما يجمعهم جميعًا، نظرًا لأننا نتحدث عن التغيرات المناخية، هو أنهم يفكرون مثل « الطبيعة الأم» لا أحد يعرف أفضل من الطبيعة الأم كيفية إنتاج النظم البيئية التى من شأنها أن تزدهر عندما يتغير المناخ، لأن هذه النظم البيئية مرنة وقادرة على الدفع - أى أنها تعرف كيف تحافظ على استقرارها وتنمو، لذا فى كتابى الأخير، «شكرًا لك على التأخير» ، سألت الطبيعة الأم هذا السؤال: «كيف تمارس المرونة والدفع عندما يتغير المناخ؟ كيف تنتج سياسة النظام البيئي؟ »

قالت: حسنًا يا توم( توماس )، يجب أن أخبرك بأن كل ما أفعله، أفعله دون وعي، لكن هذه هى استراتيجيتي. بادئ ذى بدء، أنا قادرة على التكيف بشكل لا يصدق. فى عالمي، ليس الأذكى أو الأقوى هو ما يمكنه البقاء على قيد الحياة، لكن الناجى هو الأكثر تكيفًا، وأنا أدرس هذه المعلومة من خلال عملية أسميها الانتقاء الطبيعى ، ربما سمعت عنها. ''

قالت: ثانيًا، أنا رائدة أعمال بشكل لا يصدق، فى عالمى كلما رأيت مساحة فارغة فى الطبيعة، أملأها نباتا أو حيوانا يتكيف تمامًا مع هذا المكان .

قالت: ثالثًا، أنا تعددية بشكل لا يصدق، فأنا أجرب عشرين نوعًا مختلفًا من كل شيء لتحديد من سيفوز «. وأخبرتنى شيئًا مثيرًا للاهتمام. وقالت إن أكثر النظم البيئية تنوعًا بها هى أيضًا أكثر النظم البيئية قدرة على الصمود وقوة الدفع.

قالت: رابعًا، أنا هجينة بشكل لا يصدق وغير تقليدية فى تفكيري. لا يوجد ما يسمى جمود أيديولوجى بالنسبة لي، أنا مرنة للغاية. سأجرب زراعة جميع أنواع الأشجار مع جميع أنواع التربة.

قالت: خامسًا، أنا أؤمن بالتعلم المستمر على مدى الحياة، وأقوم بتحويل كل ما تعلمته حديثا إلى حمض نووى لتحسين كل جيل جديد.

سادساً، أنا مصدر مفتوح بشكل غير عادي، أترك أى شخص يتفرع ويذهب فى أى اتجاه يحبه لكى أعرف الجديد الذى سيحصل عليه.

سابعا، لقد لاحظت أن أكثر النظم البيئية صحة لدى كلها صحية لأنها مبنية على شبكات تكيفية معقدة، التى تزيد شبكاتها من مرونتها وتسييرها بشكل كبير».

ماذا يعنى ذلك لمنطقة الشرق الأوسط؟

هذا يعنى أن الأمر نفسه ينطبق على دول الشرق الأوسط كما هو الحال بالنسبة للمجتمعات فى الغرب الأوسط فى أمريكا. أمريكا كدولة أو كمجتمع أو كشركة، التى تعكس بشكل وثيق طريقة الطبيعة الأم لبناء المرونة والتسيير، عندما يتغير مناخ التكنولوجيا والعولمة والطقس فى آن واحد، هو الذى سيزدهر فى عصر التسارع هذا. على وجه التحديد ، فإن تلك البلدان التى تعمق سماتها نحو التعددية - التعددية الدينية ، والتعددية بين الجنسين، والتعددية التعليمية، وتعددية المعلومات، والتعددية السياسية فى نهاية المطاف، سوف تتكيف بشكل أفضل وأسرع. فى الطبيعة ، تتكيف النظم البيئية الأكثر تنوعًا - الثقافات المتعددة - دائمًا هى الأفضل والأسرع ، بينما الثقافات الأحادية لا ينطبق عليها الأمر ذاته. أعتقد أن الشيء نفسه ينطبق على الدول القومية، أولئك الذين يمكنهم الحفاظ على استقرارهم والعثور على طريقهم إلى أكبر قدر ممكن من التعددية يمكنهم تحمله، دون الخروج عن السيطرة، سيفعلون الأفضل. عندما كانت الإسكندرية، على سبيل المثال ، فى أكثر حالاتها تنوعًا وتعددية ، كانت تُعتبر واحدة من أعظم مراكز التعلم فى العالم.

لقد شهد شرق البحر الأبيض المتوسط ظروفا مناخية وصلت إلى حد الجفاف استمر لمدة 15 عامًا من العشرين عامًا الماضية، وهو أمر لا مثيل له فى التاريخ الحديث. تتنبأ دراسة حديثة أجرتها جامعة تل أبيب، أن شرق البحر الأبيض المتوسط سيصبح أكثر سخونة وجفافًا بشكل مطرد، مما سيؤدى إلى فقدان تدريجى لشهرين من الشتاء - أى أشهر هطول الأمطار - خلال الـ 25 عامًا المقبلة. فى غضون ذلك، فى عام 1948، كان عدد سكان إسرائيل 800 ألف، ووصل الآن إلى 8.7 مليون، بينما كان عدد السكان بالأردن 450 ألفا، ووصل حاليًا إلى 10 ملايين، وكان فى سوريا وقتها ثلاثة ملايين ووصل اليوم إلى 17.5 مليون، فى العام ذاته 1948 كان عدد سكان مصر 20 مليون نسمة، وأصبح اليوم أكثر من 102 مليون. لذا، فإن المستقبل يتمثل فى المزيد من الناس يقابله كمية أقل من المياه.

فى صيف عام 2018 ، كان منسوب المياه فى بحيرة طبريا فى إسرائيل منخفضا جدًا بسبب الجفاف واستهلاك أعلى للمياه بسبب الزيادة فى عدد السكان، الأمر الذى كان يهدد بأن تصبح بحيرة مالحة أخرى، مثل البحر الميت.

تعرضت مصر لواحدة من أكثر موجات الحرارة كثافة على الإطلاق فى أغسطس الماضي، والتى يُرجح أن تُعزى إلى تغير اتجاه المناخ بشكل طويل المدى فى المنطقة. يمثل ارتفاع مستوى سطح البحر بالفعل تحديا تواجهه كل من الإسكندرية ودلتا نهر النيل، حيث تصب مياه النيل فى البحر، وبسبب ارتفاع مستوى البحار، تتسرب المياه المالحة من البحر الأبيض المتوسط بشكل متزايد إلى منطقة الدلتا، المنطقة الأكثر أهمية فى مصر، حيث تزرع بها معظم طعامها.

كيف ترى التنافس الأمريكى مع الصين وروسيا حول الشرق الأوسط؟

أعتقد أنه لم يعد هناك الكثير من التنافس الآن. الولايات المتحدة ، كما قلت ، تريد حقًا البقاء بعيدًا عن هذه المنطقة قدر الإمكان والتركيز على المنافسة الجيوستراتيجية مع الصين، حيث أصبحنا شبه مستقلين فيما يخص النفط الآن، أما إذا أرادت روسيا والصين التوغل بشكل أعمق فى منطقتهما، فإن سياسة الولايات المتحدة هي: “المضى قدمًا”.

كيف ترى استراتيجية الصين تجاه الشرق الأوسط؟

تهتم الصين بثلاثة أمور فى المنطقة. أولاً، تأمين احتياجاتها من الطاقة، حيث إن لديها تعطشا كبيرا للنفط والغاز، ولذلك يجب عليها أن تذهب إلى أى مكان فى العالم لتأمين الإمدادات المنتظمة. ثانيًا، الصين قلقة جدًا من تطرف سكانها المسلمين. ومما يثير القلق بشكل خاص الآن، أن طالبان الأصولية قد استولت على أفغانستان. وبما أن الصين وأفغانستان تشتركان فى حدود صغيرة جدًا، وحيث إن هناك صينيين مسلمين على الجانب الآخر، لذلك تشعر الصين بالقلق من أن طالبان قد تجعل هؤلاء المسلمين الصينيين متطرفين، ومن ثم أرادت الصين أن يستمر وجود أمريكا فى أفغانستان، للسيطرة على طالبان، لكننا غادرنا.

أخيرًا، تبحث الصين دائمًا عن أحدث التقنيات الجديدة ولديها تجارة متنامية مع إسرائيل فى العديد من التقنيات المتقدمة - من الإنترنت إلى الذكاء الاصطناعى إلى السيارات ذاتية القيادة- حيث يوجد فريق كبير من الصينيين فى إسرائيل، يراقب اتجاهات التكنولوجيا من الشركات الإسرائيلية الناشئة. لكن بعد كل ما قيل، لا أرى أن الصين ترسل قوات إلى الشرق الأوسط بالطريقة التى يتعين على الولايات المتحدة وروسيا استنتاج بعض النتائج الجيوسياسية هناك.

بصفتك أحد أهم الصحفيين فى العالم، ما نصيحتك لهم؟

حسنًا، لقد عملت اعتمادًا على هذا الشعار: « إذا لم تذهب، فلن تعرف. » أنا الآن كاتب عمود للرأى ، لكننى ما زلت أسافر باستمرار وأقوم بالكثير من التقارير ، لأننى أعتقد أن أفضل كتاب الأعمدة هم أيضًا مراسلون جيدون جدًا. لا يعنى الذهاب إلى مكان ما والحصول تلقائيًا على قصة أو رأى صحيح. لكنه يقلل من احتمالات فهمها بشكل خاطئ. تستند جميع آرائى فى تقاريرى على السؤال الأتي: «ماذا يحدث؟» ثم أقرر «ماذا أفكر؟»

أعتقد أن ثانى أهم شيء بالنسبة للمراسل هو أن يكون مستمعًا جيدًا - لسببين. أولهما هو الذى سوف تعرفه عندما تستمع. كل القصص التى أخطأت فيها كانت لأننى كنت أتحدث عندما كان يجب أن أستمع، والسبب الثانى هو ما تنقله إلى الطرف الآخر عندما تستمع إليه. الاستماع هو علامة على الاحترام. ومن المدهش هو أن ما سوف يسمح لك الآخرون إخبارهم به، أو تسألهم عنه، فسوف يجيبون دائمًا على أسئلتك - حتى الصعب منها فى حال اقتناعهم بأنك تولى لهم الاحترام المناسب، أما إذا كانوا لا يعتقدون ذلك، فلا يمكنك إخبارهم أبسط الأشياء مثل أن السماء زرقاء أو أن الشمس تشرق.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق