منذ أن رسخت كوريا الجنوبية أقدامها كعملاق اقتصادى، وقصة نجاح تثير الإعجاب وتستحق الدراسة، وهناك رغبة أكيدة من الجانب الكورى على مساعدة الآخرين فى الوصول للنجاح، واستعداد واضح لنقل الخبرات وتقديم يد المساعدة والعون لكل من يريد اللحاق بهم.
ومن هنا كان الاهتمام ببرنامج المساعدات الإنمائية الكورية الذى تسعى الحكومة الكورية من خلاله لدعم الدول الأخرى بالمساعدات المالية والخبرات الإدارية فى مختلف المجالات، وهو برنامج تطبقه الحكومة الكورية بنجاح فى العديد من دول العالم من خلال الوكالة الكورية للتعاون الدولى المعروفة اختصارا بـ «كويكا» الذراع التنفيذية لهذه المساعدات، والتى يمتد نشاطها لعشرات الدول حول العالم.
ومع إنشاء هذه الوكالة عام 1991 تحولت كوريا رسميا من دولة تتلقى المساعدات، إلى دولة تمنح المساعدات للدول النامية الأخرى، لتكون بذلك الدولة الأولى وربما الوحيدة تقريبا فى العالم التى تحولت من دولة متلقية إلى دولة مانحة، ولتتزايد توقعات المجتمع الدولى بشأنها فى مجال المساعدات التنموية.
وفى بداية الأمر ركزت برامج المساعدات على مجال مشاركة الخبرات مع الدول النامية من خلال برامج التدريب سواء داخل كوريا أو خارجها، ثم توسعت هذه المساعدات لاحقا لتشمل المساعدات الإنسانية وتنفيذ مشروعات مشتركة والتعاون مع منظمات المجتمع المدنى وغير ذلك كثير.
وعلى مدى السنوات الماضية عملت الحكومة الكورية على تطوير برامج المساعدات ومواكبتها لكل المستجدات، وحددت فى مطلع العام الجارى 27 دولة مؤهلة لمساعداتها التنموية التى تناهز نحو 3 مليار دولار.
كما شهد العام الحالى أيضا إعلان الحكومة الكورية الجنوبية اختيار مصر لتكون شريكا ذا أولوية فى المساعدات الإنمائية الرسمية، وهو ما يعنى تفعيل التعاون بين الجانبين فى إطار الشراكة الإستراتيجية التى تجمعهما معا. حيث تعد مصر هى الدولة الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التى تم اختيارها لتكون ضمن هذه القائمة المميزة.
وفى سبيل تفعيل هذا التعاون ومتابعة المشروعات القائمة وحجم الانجازات التى تحققت فيها، زار مصر مؤخرا كيم يونج سو نائب وزير التعاون الإنمائى الدولى الكورى، الذى أكد على أهمية التعاون مع مصر فى مختلف المجالات، خاصة بعد قرار إدراجها فى قائمة الدول الشريكة ذات الأولوية للمساعدة الإنمائية الرسمية. موضحا أن علاقات التعاون بين مصر وكوريا الجنوبية تتمتع بتاريخ طويل، ومشيراً إلى أن الحكومة الكورية تتابع عن كثب جهود الحكومة المصرية لتطوير مختلف القطاعات وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وأنها مستعدة لمشاركة خبراتها التنموية مع مصر
وقال فى تصريحات له عقب لقاء جمعه مع عدد من المسئولين فى محافظة بنى سويف وبالجامعة التكنولوجية الكورية المقامة هناك، إنه يتم تنفيذ 14 مشروعا للتعاون الإنمائى مع مصر بقيمة تبلغ نحو 50 مليون دولار، من أبرزها الجامعة التكنولوجية الكورية المصرية والتى تم افتتاحها فى عام 2019، ومشروع تطوير الخط الثالث للمترو وتطوير السكك الحديدية والبنية التحتية للقطاع الطبى فى مصر.
ونوه إلى أن الجانب الكورى سيسعى إلى تطوير المناهج الدراسية ونظام التعليم بالجامعة التكنولوجية الكورية المصرية فضلاً عن توفير منح وبرامج تدريبية لتأهيل الطلاب لسوق العمل داخل الشركات الكورية بحيث تتحول الجامعة إلى نموذج رائد يمكن تطبيقه فى محافظات أخرى. مشيرا إلى أن تمويل المشروعات يتم عن طريق المنح والقروض، وأن الحكومة الكورية تهتم أيضا ببرامج التبادل الطلابى، حيث وفرت هذا العام خمسة منح دراسية لطلاب الدراسات العليا ومنحة لطالب فى مرحلة الدراسة الجامعية.
وأشاد فى تصريحاته بالجهد الذى تبذله القيادة السياسية والحكومة، موضحا أن الجانب الكورى سيبذل بدوره قصارى جهده لتوسيع وتطوير مجالات التعاون بين البلدين.
رابط دائم: